تضامن أوروبي متزايد مع غزة

ساحة البرلمان اليوناني وقد رفع المتظاهرون علماً فلسطينياً ضخما
اليونانيون حملوا العلم الفلسطيني أمام برلمانهم واحتجوا ضد العدوان الإسرائيلي على غزة (الجزيرة)

شادي الأيوبي-أثينا

أكدت دراسة إعلامية أن موجة التظاهر التي تشهدها القارة الأوروبية ضد العدوان الإسرائيلي على غزة دخلت مرحلة جديدة، حيث تضاعفت أعداد المحتجين ضد جرائم الاحتلال حتى اقتربت من مليونين في يوم واحد.

وأوضحت الدراسة أن أمس السبت شهد ما لا يقل عن 180 فعالية جماهيرية متفاوتة الأحجام نجحت في استقطاب قرابة مليون وسبعمائة ألف متظاهر على أقل تقدير.

ويأتي هذا التقدير استنادا إلى تحليلات تعتمد التجميع المسبق للمعطيات عن نقاط التظاهر وخصائصها المكانية ورصد وقائعها عدديا وتقديريا ومقارنتها بمؤشرات الأيام السابقة.

الخبير في الشؤون الأوروبية حسام شاكر قال للجزيرة نت إن بعض دول أوروبا شهدت أكثر من عشر مظاهرات مؤيدة لفلسطين في البلد واحد، في حين قفز العدد في بعض الدول إلى ما يزيد على عشرين مظاهرة يوميا، كما لاحظ انضمام شرائح جديدة إلى هذا المشهد الغاضب.

‪جانب من تظاهرة في النمسا تستنكر العدوان الإسرائيلي على غزة‬ (الجزيرة)
‪جانب من تظاهرة في النمسا تستنكر العدوان الإسرائيلي على غزة‬ (الجزيرة)

مأزق إسرائيلي
وأكد شاكر -الذي أشرف على الدراسة- أن الموقف الإسرائيلي بات يواجه مأزقا متفاقما على الصعيدين الأوروبي والعالمي.

وقال إنه مع كل يوم يتواصل فيه العدوان تتزايد الكتل الجماهيرية المؤيدة للحقوق الفلسطينية، فيما فشل مؤيدو الاحتلال في تنظيم أي مظاهرة ذات شأن رغم محاولات الحشد الهائلة التي بذلتها السفارات الإسرائيلية.

وأوضح أن هذا التفاعل الجماهيري الجارف يأخذ صفة مدنية سلمية ويتبنى خطابات سياسية محددة ومتطابقة ضد الحصار والاحتلال.

وعن المؤشرات المستقبلية للحراك، أشار شاكر إلى أن نقاط التظاهر ستشمل على الأرجح مدنا صغيرة وبلدات مع ظهور أشكال من التعبير الجماهيري القطاعي الذي يجمع شرائح معينة، ويحوّل مناهضة العدوان إلى ثقافة جماهيرية عامة.

وأشار شاكر إلى تطور مهم يتمثل في تقلص أعداد المؤيدين تقليديا للاحتلال الإسرائيلي وتضاؤل الكتلة اليهودية المنحازة له أو تراجعها.

وقال إن هناك تحولا تاريخيا متسارعا يخرج فيه مزيد من يهود أوروبا من مربع التأييد التلقائي للسياسات والعمليات الحربية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، مضيفا أن بعض هؤلاء ينتقلون إلى الجهة الأخرى ويختارون التظاهر ضد الاحتلال وعدوانه.

وأضاف أن عدد الشخصيات والناشطين اليهود الذين تظاهروا دعما لفلسطين في أوروبا فاق إجمالي عدد المتظاهرين المؤيدين للاحتلال الإسرائيلي.

ولفت إلى أن الفعاليات المؤيدة للاحتلال أصبحت تجمع في معظمها عشرات المتظاهرين وتغيب عنها الشخصيات العامة.

‪شاكر: الموقف الإسرائيلي بات يواجه مأزقا متفاقما بأوروبا والعالم‬ (الجزيرة)
‪شاكر: الموقف الإسرائيلي بات يواجه مأزقا متفاقما بأوروبا والعالم‬ (الجزيرة)

تأثيرات إعلامية
وأرجع شاكر هذا التحول إلى عوامل عدة، منها تأثيرات إعلامية، وانكشاف متزايد لواقع الاحتلال ونمو ثقافة حقوق الإنسان في أوروبا، والتحول الديمغرافي في مجتمع الاحتلال حيث يتضاءل حضور ذوي الأصول الأوروبية الغربية في المشهد الإسرائيلي.

وأضاف "في كل الأحوال فإن جرائم الحرب الجارية تلقي بأعباء معنوية هائلة على الطوائف اليهودية في أوروبا فتندفع قطاعات منها للتنصل من الاحتلال وفظائعه".

وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر الصحفي ومنتج الأفلام الوثائقية آريس خاتزيستيفانو أن الأوروبيين عموما ليست لديهم معرفة جيدة بما يجري في غزة بسبب سيطرة اللوبي الإسرائيلي على مصادر المعلومات التي تصل إليهم، وما يمارسه من ضغوط على أي إعلامي ينتقد إسرائيل أو يظهر فظائعها.

وأضف أن اللوبي اليهودي اليوناني ظل لمدة عشر سنوات يوجه رسائل إلى مديري المؤسسات الإعلامية التي ينتقد أحد صحفييها إسرائيل، ويطالب بضرورة وضع حد لنشاطه وهو ما يجري في بلاد أوروبية أخرى، حسب تعبيره.

لكن خاتزيستيفانو اعتبر أن الأمور تحسنت قليلا بفضل وسائل الإعلام البديلة التي تستقي معلوماتها من مصادر أولية ومن أشخاص داخل غزة، وبفضل بعض الإعلاميين الغربيين الذين كانوا ينقلون الأحداث مباشرة من القطاع.

واعتبر الصحفي اليوناني أن فظاعة الجرائم التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في غزة فرضت نفسها كواقع لا يمكن تجاهله على الإعلام الدولي. ووصف ما يجري في غزة بأنه مجزرة صامتة لا يمكن للمجتمع  الدولي عدم الرد عليها.

المصدر : الجزيرة