نازحو ديالى يشكون مأساتهم
أحمد الأنباري-ديالى
ففي الأوضاع الطبيعية كانت سلطات الإقليم تمنع الدخول إلى قضاء كلار إلا بعد الحصول على إذن إقامة بعد مراجعة قوات أمن الإقليم (آسايش)، وبعد أن أغلقت سلطات القضاء الأبواب بوجه النازحين ولم تسمح بالدخول إلا لربع العدد الموجود أمام نقاط التفتيش في بداية القضاء عادت لتطارد اليوم من سنحت له الفرصة وتضيّق عليه.
لكن جميع من توجهنا إليه في القضاء لمعرفة سبب ذلك أجاب باختصار "أمن الإقليم أولا". وذكر رئيس اللجنة المشكلة لمتابعة أوضاع النازحين عبد الله الفرحان أن عدد العوائل النازحة إلى قضائي خانقين وكلار بلغ قرابة 5000 عائلة، مضيفا أن هناك ثلاثة مخيمات أقيمت لاستيعاب تلك الأعداد، ووصف الخيام التي تم توزيعها لإيوائهم بأنها حارة جدا وغير صالحة.
من جهته نفى رئيس المجلس المحلي لقضاء خانقين سمير محمد نور وجود إحصائيات رسمية لعدد النازحين إلى القضاء "لأن بعض العوائل حلت بضيافة أقارب لها في القضاء وبعضها لم يجد له مأوى فاضطر للسكن في المدارس والبيوت التي لم يكتمل بناؤها، بالإضافة إلى المساجد والملاعب"، في حين أقر عضو مجلس محافظة ديالى السابق زياد أحمد بـ"غياب أي جهد رسمي سواء من قبل الحكومة المركزية أو الحكومة المحلية في المحافظة إزاء أعداد النازحين المهولة".
معاناة
وعن رحلة نزوحها تقول حنين (24 عاما) التي أكملت دراستها في كلية التربية بجامعة ديالى, للجزيرة نت "حين داهمنا الخوف في منطقة بلور وبعد محاصرتنا من قبل مليشيا العصائب قررنا ترك بيتنا والنزوح إلى مكان آمن. فقصدنا خانقين, ومن حسن حظنا وجدنا صفا داخل مدرسة لإيوائنا بعد أن رفضت السلطات هناك السماح لنا باستئجار منزل كوننا لا نملك الإقامة، وقبل أيام فتحت مدرسة أخرى للنازحين نريد الانتقال إليها عسى أن نحصل على صف إضافي". وعن الأوضاع المعيشية تذكر حنين "نعيش أوضاعا مأساوية، ينقصنا كل شيء، فكرنا بالعودة لنلقى مصيرنا ولكن خوف أمي على أخوتي الشباب حال دون ذلك".
أما رؤى التي كانت تحلم بإكمال امتحاناتها في كلية الهندسة بجامعة ديالى، فسبقتها دموعها قبل أن تبدأ الحديث "توسلت لأبي أن أبقى في بيت خالتي لأكمل امتحاناتي لكنه رفض بسبب سوء الأوضاع وتجدد الاشتباكات بين الحين والآخر، واتصل والدي بأكثر من سائق تاكسي لنقلنا من بعقوبة لكنهم رفضوا بسبب سيطرة المليشيات، وبعد معاناة وجدنا من يوافق على نقلنا إلى كلار بـ250 ألف دينار، وهو ما يمثل أربعة أضعاف الأجرة المحددة, وفي منتصف الطريق رفضت إحدى نقاط الجيش مرورنا دون سبب مقنع فاضطررنا للنزول والمشي للحصول على سيارة أخرى".
وتتابع الحديث عن رحلة النزوح قائلة "بعد خمس ساعات متواصلة وصلنا إلى قضاء كلار, سكنا مع أقارب لنا، نتقاسم معهم رغيف الخبز.. حياةٌ لا تحتمل حيث يعيش 14 فردا في بيت صغير لا تتجاوز مساحته ١٢٥مترا بانتظار الإذن بالعودة والأهم إكمال امتحاناتي".
أما الحاج أبو فتحي الذي نزح مع عائلته من ناحية العظيم إلى منطقة دلي عباس القريبة التي تتبع ناحية المنصورية، فيقول "نزحت معنا عائلة ابنتي, واستأجرنا دارا وبعد أيام سمعنا أن مليشيات دخلت إلى دارنا في الناحية وسرقت محتوياتها, ألح ابني فتحي وهو تلميذ في الصف السادس أن أسمح له بالذهاب ليؤدي امتحانه كنت أخاف عليه, ولم يمض غير أسبوع حتى طوقت منطقة دلي عباس وبدأ الجيش يقصف المدينة، فبدأ الناس يخرجون سيرا على الأقدام.. وليس لنا الآن غير أن ننتظر عسى أن نجد لنا خيمة تؤوينا أو أن نعود إلى بقايا بيتنا لنواجه المصير المحتوم".