المخابرات النرويجية تراقب مسلمي البلاد

الشباب في المسجد في النرويج
شباب نرويجيون مسلمون في أحد مساجد البلاد (الجزيرة)

عمار الحمدان-أوسلو

يقول شابان نرويجيان مسلمان إن المخابرات النرويجية تراقبهما وتضايقهما، بل إن رجالها دخلوا منزليهما ليلا دون إذن قضائي لاستجوابهما وسؤالهما عن تصرفاتهما في المسجد، ومن هم الشباب الذين يلتقيان بهم؟ وما نوع الحديث الذي يدور؟ وما أسباب اللقاء؟

أحد الشابين -اللذين رفضا الإفصاح عن هويتهما- أوضح أن الاجهزة الأمنية تبث الخوف والريبة في قلوب الشعب النرويجي من الإسلام والمسلمين بتصرفاتها هذه، إضافة إلى استغلال خوف المسلمين من كل شيء يمت بصلة إلى الأمن والدولة والمخابرات، بسبب ثقافة الأمن التي ورثوها من بلادهم والتي تمثل القتل والترهيب والتعذيب والقمع، "فبهذا أصبحنا صيدا ثمينا لجهاز المخابرات" يختم حديثه للجزيرة نت.

ويتابع أن شابا وشابة أتيا إلى منزله في أوسلو عند غياب الشمس بزيهم المدني وبطريقة غير رسمية ومريبة، ولم يقدما أي ورقة رسمية أو قضائية تطلب رسميا مقابلته. ويشرح أنهم فعلوا الشيء نفسه مع بعض أصدقائه الذين يرتادون المسجد نفسه ومسجدا آخر، يواصل الشاب.

ويقر بأن للأجهزة الأمنية الحق في حماية البلد من أي أعمال تخريبية وإرهابية "ونحن معهم نحمي بلدنا الذي احتضننا بعد فرارنا من الظلم والدكتاتورية في بلادنا الأم، ولكن ليس لهم الحق في إزعاجنا ومضايقتنا، ويجب عليهم عدم استغلال شبابنا.. عليهم احترام القانون وتطبيقه على الجميع، وعليهم أن يحترمونا ويتعاملوا معنا بإنسانية، فنحن بشر نؤمن بدين الإسلام ونحترم جميع الأديان السماوية، فلماذا فقط نحن مراقبون؟".

وأعلنت اللجنة البرلمانية النرويجية المعنية بالاستخبارات والرقابة والأمن في تقريرها السنوي مطلع الشهر الجاري، أن عدد الشكاوى ممن يعتقدون أنهم تعرضوا العام الماضي لمراقبة "غير قانونية" من قبل الأجهزة الأمنية -وخصوصا جهاز المخابرات- بلغ ضعف عدد الشكاوى في العامين الماضيين.

القانون النرويجي يمنع مراقبة المواطنين لانتماءاتهم الدينية أو العرقية أو السياسية (الجزيرة نت)
القانون النرويجي يمنع مراقبة المواطنين لانتماءاتهم الدينية أو العرقية أو السياسية (الجزيرة نت)

عزل عن المجتمع
الشاب الآخر يتحدث عن الشعور بما هو أكثر من المراقبة والمضايقة، إذ يشعر الشباب المسلم بالعزلة "بفعل تصرفات قلة ممن يملكون السلطة التي لا يُظهرونها إلا على المسلمين وبطريقة غير رسمية وغير إنسانية".

ويتساءل عن قدرة رجال المخابرات النرويجية -الذين جاؤوا إلى منزله بطريقة غير قانونية ودون أي إثبات رسمي بوجوب استدعائي- أن يُقدموا على هذه الفعلة مع نرويجي غير مسلم، و"الجواب بكل تأكيد: كلا".

ويمنع القانون النرويجي الأجهزة الأمنية من مراقبة المواطنين على أساس انتماءاتهم الدينية أو العرقية أو توجهاتهم السياسية. لكن ما أشار إليه تقرير اللجنة البرلمانية يؤكد خرق جهاز المخابرات النرويجي لهذا القانون.

المخابرات النرويجية من جهتها لم تنف أو تؤكد الخبر، ولكن ردت على سؤال للجزيرة نت بأنها تركز على "أشخاص في طريقهم نحو التطرف" بالتعاون مع أجهزة الشرطة.

ولم تتعرض النرويج لأي تفجيرات أو أعمال إرهابية على أرضها من قبل فئات أو أشخاص ينتسبون لتيارات إسلامية، وفي المرتين التي تم فيهما اللجوء إلى العنف والإرهاب، كان وراءهما متشددان نرويجيان، أحدهما "مسيحي يميني متشدد" والآخر ينتمي لما يسمى "الفكر النازي".

صعوبة الاندماج
وأعرب قاضي العدل النرويجي الأسبق شيتيل لوند -الذي شغل منصب رئيس لجنة الخدمات السرية بالبرلمان النرويجي في تسعينيات القرن الماضي- عن قلقه من مراقبة الأجهزة الأمنية للوسط الإسلامي في البلاد وتتبع خطوات أراده، واعتبر هذا التصرف أحد الأسباب المهمة لصعوبة حدوث الاندماج في المجتمع النرويجي إن لم يدمرها، حسب وصفه.

وأضاف لوند للجزيرة نت أن الكثير من هؤلاء يشعرون بهاجس الشك من قبل الأجهزة الأمنية والذي كان نتيجته العزلة عن المجتمع، وتغيبهم عن حلقات النقاش الرسمية العامة بسبب المخاوف الكبيرة التي ولدتها هذه الشكوك والتي كانت نتيجتها المراقبة الأمنية.

من جانبه، أكد أحد قيادات الجالية المسلمة في النرويج ويدعى باسم غزلان أن الأجهزة الأمنية النرويجية حريصة على مراقبة الجهات أو الجماعات التي تعتقد أنها تشكل خطرا على المجتمع.

وأضاف غزلان للجزيرة نت أنه قد يحدث سوء تقدير من قبل تلك الأجهزة عبر غض الطرف أو إهمال بعض الجماعات أو الجهات التي هي في الحقيقة قد تشكل خطرا أكبر على المجتمع.

المصدر : الجزيرة