خطر القتل يواجه مزارعي شمال غزة

أحمد عبد العال-غزة

بترقب وحذر شديدين يعمل المزارع الفلسطيني رشاد الفراني في أرضه الزراعية القريبة من الحدود الشرقية بين شمال قطاع غزة وإسرائيل، فقوات الاحتلال المتمركزة على السياج الفاصل يمكن أن تستهدفه بالرصاص الحي أو بقذائف المدفعية في أي لحظة، كما حدث مع عشرات المزارعين الفلسطينيين قبل ذلك. 

ولا تقتصر معاناة هذا المزارع وأقرانه على المضايقات والاستهداف المباشر لهم من جنود الاحتلال لكون أراضيهم ملاصقة للحدود، وإنما يزيدها الحصار المفروض على غزة، واستمرار انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من ثماني ساعات يومياً، وشح الوقود بسبب الإغلاق المتكرر للمعابر. 

يقول الفراني (61 عاما) "إن حصار غزة أثر علينا بشكل كبير، فأسعار أدوية مكافحة الآفات الزراعية ارتفعت أسعارها كثيرا ولا يتم توريدها بانتظام، وبالتالي فإن ذلك يضيف عبئاً جديداً على المزارع"، مشيراً إلى أن "عدم مكافحة الآفات الزراعية أولا بأول يعني موت المحاصيل وخسارة الموسم".

تبعد أرض الفراني كيلومترا واحدا عن السياج الفاصل، وذلك يرتب عليه ضغطا وعبئا كبيرين، حيث يعيش تحت خطر احتمال إطلاق النار العشوائي عليه وعلى من في أرضه من قبل قوات الاحتلال في أي لحظة. 

‪استهداف المزارع الواقعة قرب السور‬ (الجزيرة نت)
‪استهداف المزارع الواقعة قرب السور‬ (الجزيرة نت)

إصرار وتحدٍّ
ويقول الفراني في هذا الصدد "يتعرض المزارعون بشكل شبه يومي لإطلاق النار من الجيش الإسرائيلي، ولقد جرح واستشهد الكثير منهم"، إلا أنه استدرك بالقول "كل ذلك لا أعتبره خطراً لأن إصراري على زراعة أرضي رغم هذه الاعتداءات هو تمسك بالأرض، وأشعر بالراحة النفسية لأنني موجود فيها أزرع وأحصد". 

ولا يختلف المزارع محمود غبن (23 عاماً) من بيت لاهيا شمال القطاع عن سابقه، فأرضه لا تبعد سوى 1.5 كلم عن السياج الفاصل، ويؤكد أنه تعرض بالفعل لإطلاق النار من الأبراج العسكرية الإسرائيلية والطائرات الحربية بشكل شبه يومي، وكذلك تعرضهم أكثر من مرة لإطلاق قذائف المدفعية. 

ويضيف "في بعض الأحيان يكون هناك توغل إسرائيلي محدود للدبابات والقوات الخاصة ويتم احتجازنا والتحقيق معنا لساعات ثم يتم إخلاء سبيلنا". 

من جهته اعتبر الفلسطيني ممتاز أبو حلوب (46 عاما) أن أكثر ما يعانيه المزارعون في المناطق الحدودية هو استمرار انقطاع التيار الكهربائي، مضيفاً "لا نستطيع بسبب انقطاع الكهرباء لأكثر من ثماني ساعات ري محاصيلنا الزراعية، وبالتالي فإننا مهددون بخسارة موسمنا الزراعي بشكل كلي"، مطالباً المسؤولين في الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة بإيجاد حلول لهذه المشكلة.

من جانبه، يقول المدير العام للتخطيط في وزارة الزراعة بالحكومة المقالة نبيل أبو شمالة إن "القطاع الزراعي في غزة يتعرض لكثير من المخاطر المتعلقة بالانتهاكات المستمرة بحق الأراضي الزراعية والمزارعين، حيث كان الاحتلال قبل حرب الأيام الثمانية عام 2012 يمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم والعمل فيها لمدة طويلة".

نبيل أبو شمالة:
لم يكن وصول المزارعين إلى أراضيهم أمراً سهلاً حتى بعد توقيع اتفاق التهدئة، حيث استشهد ثلاثة مزارعين وأصيب ثمانية آخرون منذ ديسمبر/كانون الأول 2012

اقتصاد منهك
ويضيف أبو شمالة "بسبب ذلك كنا نفقد سنوياً زراعة 22 ألف دونم بقيمة إنتاج سنوية تقدر ما بين 50 و60 مليون دولار، وهذا الأمر أنهك الاقتصاد الزراعي الفلسطيني". 

وبعد حرب "الأيام الثمانية" تمكن المزارعون من الوصول إلى المناطق الحدودية عبر تفاهمات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل برعاية الجانب المصري، ووصلوا إلى أماكن مختلفة من هذه المناطق، فمنهم من وصل إلى مسافة 300م، ومنهم من استصلح أرضه وزرعها على مسافة الصفر من السياج الفاصل. 

وشن الجيش الإٍسرائيلي حرباً على قطاع غزة يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 استمرت ثمانية أيام، وانتهت بتوقيع الفصائل الفلسطينية اتفاقا لوقف إطلاق النار مع إسرائيل بوساطة مصرية، اشتمل من ضمن بنوده السماح للمزارعين الفلسطينيين بزراعة أراضيهم القريبة من السياج الحدودي. 

وأوضح أبو شمالة "لم يكن وصول المزارعين إلى أراضيهم أمراً سهلاً حتى بعد توقيع اتفاق التهدئة، حيث استشهد ثلاثة مزارعين وأصيب ثمانية آخرون منذ ديسمبر (كانون الأول) 2012".

وأشار إلى أن وزارة الزراعة تدعم وصول المزارعين إلى أراضيهم عبر توفير تأهيل البنية التحتية    وإمداد هذه المناطق بشبكات ري وشبكات كهرباء وتأهيل الطرق الزراعية، وقد تم تنفيذ بعض هذه المشاريع ولا يزال بعضها قيد التنفيذ. 

وأوضح أبو شمالة أن لدى الوزارة إستراتيجية إعلامية وأخرى قانونية لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية عبر توثيق الاعتداءات الإسرائيلية على المزارعين وإيصالها إلى وسائل الإعلام المحلية والدولية وإلى نشطاء أوروبيين متضامنين مع الشعب الفلسطيني من أجل فضح انتهاكات الاحتلال بحق المزارعين.

المصدر : الجزيرة