مدينة الرقة ملاذ السوريين من ويلات الحرب

مخيمات النازحين على أطراف نهر الفرات في الرقة
نازحو الرقة بحاجة إلى مساعدات عاجلة وتحذيرات من مأساة إنسانية وشيكة (الجزيرة)

                                                                           
                                                                            أحمد العربي-الرقة

في سوريا حيث النار تطال كل جزء من أجزائها تقريبا، يترك السوريون الذين ما زالوا في الداخل منازلهم ويلجؤون إلى مناطق أخرى، ولكن ليس للاستجمام والاستمتاع بالهدوء، بل ليتخلصوا من دوي القنابل وأزيز الرصاص والموت الذي يتربص بهم.

ويلجأ السوريون والحال هذه إلى أي مكان قد يوفر لهم الأمان على حياتهم وأموالهم وأعراضهم، مهما كان شكله أو وضعه طالما أنه يوفر لهم الأمان من تمزق أجسادهم وأجساد أبنائهم بالبراميل المتفجرة.

مدينة الرقة -ومنذ تحريرها- أضحت مقصدا للسوريين الفارين من ويلات الحرب، وهي أكثر المناطق السورية التي يأوي إليها النازحون من المحافظات الأخرى في الداخل السوري، خاصة من حلب وحمص ودير الزور وما حولها.

أسباب النزوح إلى الرقة هي استمرار الاشتباكات والقصف العشوائي من قبل النظام بلا
هوادة لمناطق كثيرة

نصف مليون نازح
ويؤكد أبو مهند رئيس جمعية الصفا والمروة والمعنية بشؤون النازحين في ريف الرقة أن أعداد النازحين من المحافظات السورية المختلفة قد تجاوزت خمسمائة ألف نازح.

ويرجح في حديث للجزيرة نت أن أسباب النزوح إلى الرقة هي استمرار الاشتباكات والقصف العشوائي من قبل النظام بلا هوادة لمناطق كثيرة، إلا أن محدودية القصف في الرقة وتمتعها بتيار كهربائي مستقر وإمدادات مائية متدفقة بسبب وجود سد الفرات فيها كلها عوامل دفعت قسما كبيرا من النازحين لاختيار الرقة ملاذا لهم، على حد قول أبو مهند.

ويضيف المتحدث أن توافر الماء والكهرباء في الرقة قد ساعدهم كثيرا كجمعيات خيرية في المنطقة على تغطية النقص الكبير بالمساعدات الإنسانية والإغاثية التي تصل إلى النازحين والمحتاجين في المدينة من المنظمات الإنسانية بالخارج.

إلا أن أبو مهند يؤكد أن تلك المساعدات لا تغطي سوى 50% من أعداد النازحين الموجودين فيها، وأنها انخفضت عن ذي قبل.

ويعتقد أن السبب الأساسي لتراجع المساعدات إلى أقل من النصف في الفترة الأخيرة هو سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الرقة وريفها، وامتناع بعض المنظمات الإنسانية عن إرسال المساعدات الإغاثية للرقة بحجة مخافتها من مصادرتها من قبل تنظيم الدولة الإسلامية وعدم وصولها إلى النازحين والمحتاجين في الرقة.

ما الفرق بين النازحين في الخارج السوري والنازحين في الداخل السوري؟ أم أن من هم في الداخل السوري من المهجرين والمحتاجين والنازحين في نظر المنظمات غير مشمولين بقوائم المساعدات لديها؟

استغلال تجاري
من جهة أخرى، يرى الناشط الإعلامي في المدينة محمود الكريم أن حالة النازحين بالرقة في تدهور مستمر، مرجعا ذلك للعديد من الأسباب، أهمها شح الموارد ضمن المحافظة.

ويقول الكريم في حديثه للجزيرة نت إن ازدياد أعداد النازحين في الرقة وعدم تقديم ما يلزم من حاجياتهم الأساسية أديا إلى وجود بطالة وتدهور في الحياة المعيشية لأهاليها أنفسهم أيضا، بسبب ارتفاع العرض في اليد العاملة مقابل انخفاض فرص العمل، الأمر الذي أدى إلى تدني أجور العاملين واستغلال ذلك من قبل بعض التجار للحصول على أيدٍ عاملة رخيصة.

ويلفت النظر إلى أن أولئك النازحين لديهم هدف واحد هو إيجاد ما يسد رمق عائلتهم. واستغرب أن تُولى المخيمات في الخارج السوري بالعناية وتوفير أكبر قدر ممكن من مستلزمات الحياة لمن فيها، بينما المخيمات في الداخل السوري "منسية ولا يقدم لها إلا القليل"، على حد وصفه.

ويتساءل الكريم بنبرة ملؤها التعجب "ما الفرق بين النازحين في الخارج السوري والنازحين في الداخل السوري؟ أم أن من هم في الداخل السوري من المهجرين والمحتاجين والنازحين في نظر المنظمات غير مشمولين بقوائم المساعدات لديها؟".

وحذر من "مأساة إنسانية" في الرقة وريفها إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الضرورية لمساعدة أكثر من نصف مليون نازح، وثلاثمائة ألف محتاج.

المصدر : الجزيرة