هل يصبح أردوغان رئيسا لتركيا؟

Turkey's Prime Minister Recep Tayyip Erdogan and his wife Emine Erdogan wave to supporters from the balcony of his ruling party headquarters in Ankara, Turkey, early Monday, March 31, 2014. Erdogan on Sunday hailed what appeared to be a clear victory in local elections, providing a boost that could help him emerge from a spate of recent troubles. Erdogan was not on the ballots in the countrywide polls, but with about half of votes counted, Turkish newswires suggested that his party was significantly outstripping its results in the last local elections of 2009 and roundly beating the main opposition party. (AP Photo)
فوز أردوغان في الانتخابات البلدية الشهر الماضي أظهر بجلاء مدى ارتفاع شعبيته بين الأتراك (أسوشيتد برس)

إسطنبول-خليل مبروك

يقال في التعبير التركي الشعبي الدارج "قادر" و"مقتدر"، وتعني الأولى أن للمرء قدرة على تحقيق وتنفيذ بعض الأمور ولكن إلى حد معين، بينما تعني الثانية أن لديه القدرة على عمل أي شيء وتنفيذ كل ما يضعه من خطط دون عوائق، وهو ما يتطلع إليه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بعد 11 عاماً من الحكم في البلاد.

تظهر كثيرٌ من المؤشرات أن أردوغان سيكون من بين المرشحين للانتخابات الرئاسية التي ستجرى بتركيا في أغسطس/آب المقبل بنظام الانتخاب المباشر من قبل المقترعين.

وكانت تصريحاته الأخيرة -التي قال فيها إن "أول رئيس ينتخب ديمقراطياً في تركيا سيلعب دوراً أكثر قوة من مجرد دوره الشرفي الراهن"- قد رفعت من سقف التكهنات بشأن ترشحه للرئاسة.

ويشير جاهد توز مستشار نائب رئيس الوزراء التركي إلى أن ترشح أردوغان لرئاسة الجمهورية يعد أحد السيناريوهات القوية في الانتخابات المقبلة، بالنظر إلى شعبيته الكبيرة بين الأتراك، والتي تجلت في الانتخابات البلدية الأخيرة.

وقال توز "لدى رئيس الوزراء سمعته الكبيرة والشعب سيدعمه إذا ترشح للانتخابات وسيكون أول الفائزين".

ويرد توز على سؤال للجزيرة نت حول مبالغة حزب العدالة والتنمية في التركيز على شخصية أردوغان بقوله "الحزب تحول إلى حزب لكل الأتراك، بفعل القبول الشعبي الذي يلقاه أردوغان، وبفعل قدرته على إقناع المواطنين، مؤكداً أن رئيس الوزراء يتعرض لهجمات المعارضة لإسقاط شخصيته المعنوية كرمز للإصلاح والقيادة النزيهة في تركيا".

‪أوزتورك قرأ في تصريحات أردوغان نيته الترشح للرئاسة‬ (الجزيرة نت)
‪أوزتورك قرأ في تصريحات أردوغان نيته الترشح للرئاسة‬ (الجزيرة نت)

خطاب الفوز
وفي السياق ذاته، رجح المحلل السياسي في قناة "تي آر تي" محمد أوزتورك ترشح أردوغان للانتخابات الرئاسية المقبلة، مشيراً إلى تصريحاته في خطاب الفوز بالانتخابات الأخيرة والتي قال فيها إنه مستعد للعمل في مواقع أخرى إذا اختاره الشعب لذلك.

ويرى أوزتورك -الذي زارته الجزيرة نت في مكتبه- أن أردوغان قد يترشح للرئاسة لأنه لم يعد بإمكانه البقاء في منصب رئاسة الوزراء بسبب نظام حزب العدالة والتنمية الداخلي الذي يمنع قادة الحزب من البقاء في مناصب الدولة العليا لأكثر من ثلاث ولايات، لإتاحة الفرصة للطاقات والوجوه الجديدة، وفتح المجال لتداول الجهود بين القيادات الأخرى.

ويتوقع أوزتورك أن يحسم موضوع ترشح أردوغان لرئاسة الدولة بعد لقائه بالرئيس الحالي عبد الله غل، دون أن يستبعد اللجوء إلى ما يعرف بصيغة "بوتين-مدفيديف" الروسية القائمة على تبادل الحكم بين الشخصيتين، على قاعدة الانتخابات. ويذكر أن أردوغان أصبح رئيساً لوزراء تركيا في مارس/آذار 2003.

ويتفق المحللان توز وأوزتورك على أن حزب العدالة والتنمية "بات "قادراً" على إدارة الحكم، ولكن قوته لم تبلغ حد أن يكون "مقتدرا"، ويغير سياسة وشؤون الدولة القائمة منذ عقود، في إشارةٍ إلى العقبات الكبيرة التي كانت تحد من صلاحياته وتضع العراقيل أمام تحقيق برنامجه.

جدير بالذكر أن تركيا شهدت في عهد أردوغان نهضة اقتصادية كبيرة وتحسنت أحوال السكان المعيشية، الأمر الذي منحه المزيد من الشعبية التي تجلت في الفوز الكبير لحزبه في الانتخابات البلدية الأخيرة في الثلاثين من الشهر الماضي، وهو ما يرى فيه كثير من المراقبين مرحلة الانتقال الفعلي من حالة "القدرة" إلى حالة "الاقتدار".

‪توز وصف نظام التغيير المتدرج بأنه نقل البلاد إلى مرحلة الدولة الجديدة‬ (الجزيرة نت)
‪توز وصف نظام التغيير المتدرج بأنه نقل البلاد إلى مرحلة الدولة الجديدة‬ (الجزيرة نت)

تركيا الجديدة
ويبدو ترشح أردوغان للانتخابات الرئاسية المقبلة منسجماً مع ما يثار حول دور كبير أداه في بناء ما يعرف بـ"تركيا الجديدة" التي تسعى لتكون واحدة من الدول العشر الأقوى في العالم مع حلول عام 2023، أي في الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية.

ويقول مستشار نائب أردوغان أن نظام الدولة يجب أن يشهد تغييرات تواكب مرحلة "تركيا الجديدة"، موضحاً أن من بين تلك التغييرات وجود رئيس قوي يملك صلاحيات لإدارة شؤون البلاد، وهو ما أقره البرلمان التركي في قانون وضعه قبل سبع سنوات.

وكان رئيس الجمهورية التركية ينتخب قبل ذلك بأصوات أعضاء البرلمان، مما كان يحد من صلاحياته، ويجعل دوره محكوماً بالتوافقات السياسية و"الصفقات" التي تعقدها الكتل البرلمانية المختلفة.

ويرى توز أن نظام التغيير المتدرج الذي تبنته العدالة والتنمية بقيادة أردوغان قد نقل تركيا إلى مرحلة الدولة الجديدة التي يناسبها نظام الانتخاب الرئاسي المباشر أكثر مما سواه.

لكن أوزتورك يشير إلى اختلاف وجهات النظر في تركيا تجاه نظام الانتخاب الرئاسي المباشر، ويقول إن من يعارض هذا النظام يرى أنه يعزز ديكتاتورية الرئيس، ويزيد من سلطاته على حساب نظام المؤسسات، بينما يستشهد مؤيدو هذا النظام بتجارب ناجحةٍ حول العالم لديمقراطياتٍ ينتخب فيها الرئيس مباشرةً من الشعب.

وتبدو الانتخابات الرئاسية المقبلة في تركيا فرصة لقياس مدى التحول من حالة النظام التقليدي إلى الدولة الحديثة، التي سيملك الرئيس المنتخب فيها صلاحيات أكبر بحكم انتخابه المباشر من الشعب ليحمل صفة "الاقتدار" بعد أن كان يتصف بـ"القدرة" على صناعة تغييرات جزئية منذ بدأ عصر الجمهورية، كما يرى الأتراك.

المصدر : الجزيرة