مغزى احتفال لبنانيين بسقوط يبرود

من المسيرات التي عمت مناطق لبنانية مختلفة بسقوط يبرود
جانب من المسيرات التي شهدتها الضاحية الجنوبية لبيروت ابتهاجاً بسقوط يبرود السورية (الجزيرة)
undefined

علي سعد-بيروت

حمل حسان سليم علم حزب الله الأصفر وتوجه مع بعض أقاربه وأصدقائه إلى منطقة حارة حريك في مسيرات جابت شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت وقامت بتوزيع الحلوى، احتفالاً بسقوط مدينة يبرود السورية بأيدي الجيش السوري ومقاتلي الحزب اللبناني.

ويعتقد سليم -بحسب ما قال للجزيرة نت- أن "الانتصار في يبرود بجهود المقاومين سيخلص لبنان من السيارات المفخخة التي كانت تُرسل إلى الضاحية الجنوبية".

ويحمل احتفال جمهور حزب الله بسقوط يبرود وجهين متناقضين في لبنان بين من يرى فيه ابتهاجاً استعراضياً بانتصارات ستثبت الأيام آنيتها ووهميتها، ومن ينظر إليه باعتباره "تقليداً مقيتاً من الرقص على دماء الشعب السوري البريء، وعلى أنقاض مدنه المهدمة"، كما وصفه وزير العدل أشرف ريفي.

تجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الثانية التي تشهد فيها بيروت استعراضاً من هذا النوع بعد الاحتفال الأول بالسيطرة على بلدة القصير المحاذية للحدود اللبنانية، والذي لقي انتقادات داخلية كثيرة من المعترضين على مشاركة حزب الله بالقتال في سوريا.

 عبد الساتر: المقاومة لم تتبن هذه الاحتفالات (الجزيرة نت)
 عبد الساتر: المقاومة لم تتبن هذه الاحتفالات (الجزيرة نت)

عفوية وفوضوية
ويرى سياسيون مقربون من حزب الله وبيئته الشعبية الحاضنة في الاحتفال نتيجة طبيعية وثمرة لدماء مقاتلي الحزب الذين يسقطون في الأراضي السورية دفاعاً عن لبنان ممن يسمونهم بالتكفيريين الذين يرسلون السيارات المفخخة.

ويسود اعتقاد واسع على المستويين الرسمي والشعبي أن السيارات المفخخة التي أُرسلت إلى لبنان وجرى تفجيرها فيه كان يتم تجهيزها في يبرود حين كانت تسيطر عليها المعارضة السورية.

وبحسب المحلل السياسي المقرب من حزب الله، فيصل عبد الساتر، فإن هذه الاحتفالات انطلقت بصورة "عفوية وفوضوية"، نافياً أن تكون قيادة المقاومة قد تبنتها بل ربما أساءت للأجواء الاحتفالية أكثر بكثير مما ظنه البعض أنه تعبير عن فرحة.

ووصف عبد الساتر -في حديث للجزيرة نت- معادلة يبرود بأنها إستراتيجية في الأزمة السورية، مشيراً إلى أنها كانت موضع اهتمام طرفي النزاع في لبنان، ومعتبراً أن التصريحات العدائية التي ولَّدتها هذه الأزمة تخطت ما كان يقال ضد العدو الإسرائيلي مما يستوجب من القوى السياسية إخضاعها للدراسة.

ارتباط بالماضي
غير أن عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل، راشد الفايد، يرى في هذه الاحتفالات "نوعاً من الارتباط بماضٍ سحيق كانت الشعوب فيه تتحلق حول الضحية وتشعل النار وترقص حول جثتها"، داعياً إلى التخلي عن كل مظاهر الارتداد إلى هذا الماضي ونبذه بكل مآسيه.
 
الفايد: الأحداث كشفت وجه حزب الله الحقيقي (الجزيرة نت)
الفايد: الأحداث كشفت وجه حزب الله الحقيقي (الجزيرة نت)

وأضاف الفايد -في حديث للجزيرة نت- أن التفجيرات التي هزت الساحة اللبنانية ليست حالة وطنية عامة بل معظمها حالات فردية ناجمة عن مثل هذا النوع من الاستفزاز المُمارس، معتبراً أن حزب الله اضطلع بدور في سوريا ليس مؤهلا له بالمعنى الوطني، بقدر ما أهّلته له قدراته العسكرية وأوامر الولي الفقيه.

واعتبر أن حزب الله كان دائماً مقاومة مذهبية إيرانية، قائلاً إن ما جعلهم يسكتون عن كشف هذا الوجه هو الرغبة بتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي.

وما إن أنجز الحزب تلك المهمة -وفقاً للفايد- حتى انكشف هذا الوجه بعدما كون من خلال حربه ضد إسرائيل رصيداً ساعده على "ضعضعة الداخل اللبناني في وقت لاحق".

ولم تقتصر الاحتفالات على الضاحية الجنوبية بل امتدت إلى مختلف المناطق اللبنانية التي تشكل حاضنة شعبية لحزب الله.

ورغم أن تلك الاحتفالات أخذت طابعاً عفوياً دون أي إطار تنظيمي أو حزبي كانت أعلام حزب الله غالبة عليها.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي، جوني منير، أن الاحتفالات التي عمّت المناطق المؤيدة للحزب ربما حظيت بتشجيع من قيادة حزب الله، التي ليست بوارد وقف مثل هذه الاحتفالات.

وقال للجزيرة نت -رداً على سؤال عن الاحتقان الذي قد تسببه هذه الاحتفالات لدى مناصري الثورة السورية- إن هذه الاحتفالات ستؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة الاحتقان وستثير ردود فعل لدى الشارع المقابل دون أن تؤدي إلى تفجر الوضع الداخلي.

وأشار منير إلى أن ردود الفعل هذه ربما تتجلى تداعياتها في تفاقم الوضع في مدينة طرابلس اللبنانية، وفي مزيد من تمسك بلدة عرسال (شرقي لبنان) بموقفها من الثورة السورية.

المصدر : الجزيرة