زيارة السيسي لموسكو.. الخلفيات والنتائج

Russian President Vladimir Putin, right, shakes hands with Egypt's military chief Field Marshal Abdel-Fattah el-Sissi, left, in the Novo-Ogaryovo residence outside Moscow on Thursday, Feb. 13, 2014. Russian President Vladimir Putin on Thursday wished Egypt's military chief victory in the nation's presidential vote as Moscow sought to expand its military and other ties with a key U.S. ally in the Middle East. Egyptian Ambassador to Russia Abdelsattar Mohamed Elbadri stands at center.(AP Photo/RIA Novosti, Mikhail Metzel, Presidential Press Service)
undefined

أشرف رشيد-موسكو

أثارت زيارة وزيري الدفاع والخارجية المصريين عبد الفتاح السيسي ونبيل فهمي لموسكو ولقاؤهما مع القيادة الروسية اهتماما كبيرا حول طبيعة التقارب الروسي المصري ودوافعه في الوقت الراهن، خاصة أن اللقاء بين المسؤولين من البلدين هو الثاني بعد الانقلاب العسكري، ويأتي بينما تنشغل مصر بالاستعداد لإجراء الانتخابات الرئاسية.

الزيارة جمعت وزيري الدفاع عبد الفتاح السيسي والخارجية نبيل فهمي في مباحثات منفصلة مع نظيريهما الروسيين في إطار إجتماعات 2+2، كما جمعت الوزيرين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الذي عبر عن تأييده لقرار السيسي الترشح للرئاسة في مصر قائلا "أعرف أنكم، قررتم الترشح لمنصب رئيس مصر.. وهذا قرار مسؤول"، وأضاف "أنا شخصيا وباسم الشعب الروسي أتمنى لكم النجاح".

وتأتي زيارة المسؤولين المصريين لروسيا استكمالا لزيارة قام بها وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان لمصر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تم خلالها التفاوض على بنود صفقة أسلحة روسية لمصر تمولها كل من السعودية والإمارات، وتشمل شراء طائرات مقاتلة من طراز ميغ 29 ومروحيات هجومية ومنظومات صواريخ.

الرهانات الدولية
المحلل السياسي والخبير في الشؤون العربية فكتور ميخين اعتبر أن اهتمام السيسي في الوقت الراهن ليس منصبا على الانتخابات الرئاسية بقدر اهتمامه بمرحلة ما بعد الانتخابات، "فهو يريد أن يخوض الانتخابات بعد ترتيب العلاقات الدولية والإقليمية".

وأضاف ميخين للجزيرة نت أن "السيسي أراد في هذه الزيارة أن يجس نبض القيادة الروسية قبل اتخاذ قرار نهائي بالترشح، ليكون على بينة من وجود قاعدة دولية يمكنه الاستناد إليها إذا تعرض لضغوط غربية، فالجميع يعرف كيف وصل السيسي إلى السلطة، وهو يخشى من التعرض للعزلة، أما عربيا فهو يحظى بدعم كامل من دول الخليج ما عدا قطر، وهذا يكفي كحد أدني".

وتابع أن الانتخابات الرئاسية شبه محسومة لصالح السيسي، ومن يشاهد الملصقات الدعائية التي تروج للسيسي رئيسا لمصر سوف يلاحظ أنها تضع صورته جنبا إلى جنب مع عبد الناصر، "وبذلك فهو يدغدغ مشاعر المصريين"، في إشارة إلى أنه خليفة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

وفيما يتعلق بنظرة موسكو لترشح السيسي، قال ميخين إن روسيا حريصة على إقامة علاقات قوية مع مصر في جميع الأحوال بغض النظر عن الشخص الذي يجلس على كرسي الرئاسة، لكنها تفضل السيسي على حكم الإخوان لاعتبارات عدة، وبالتالي فهو المرشح المناسب للكرملين.

‪ميخين: موسكو تفضل السيسي‬ (الجزيرة)
‪ميخين: موسكو تفضل السيسي‬ (الجزيرة)

التعاون العسكري
وتعليقا على صفقة الأسلحة، قال ميخين إن الجيش المصري لم يتحول بالكامل إلى السلاح الأميركي، والسلاح الروسي ليس جديدا على الجيش المصري، وهناك ضباط مصريون أتموا تعليمهم في الكليات الحربية الروسية، وعلى دراية بالسلاح الروسي.

وأضاف أن هذه الصفقة لن تثير حفيظة واشنطن، لأن مبلغ ثلاثة مليارات ليس كبيرا لتمويل صفقة أسلحة، لا سيما لدولة كمصر، في حين أن مصر من مصلحتها أن تنوع من مصادر تسليحها وأن توازن علاقاتها الخارجية.

واعتبر أن "التهويل الإعلامي وما ستتناوله بعض الصحف المصرية عن عودة عبد الناصر والصفعة التي وجهها السيسي للولايات المتحدة لتخفيضها المساعدات العسكرية المقدمة لمصر، أمر مبالغ فيه، لأن العلاقات الأميركية المصرية قوية في مجملها".

أما مدير مكتب صحيفة الحياة في موسكو رائد جبر فقد اعتبر أن صفقة السلاح الروسي صفقة سياسية أكثر من كونها عسكرية، فمصر تتلقى سلاحا أميركيا منذ أربعين عاما والتحول إلى السلاح الروسي ليس بهذه البساطة، لكن هذا دون شك يخدم المصريين من ناحية خروجهم من الارتهان لمصدر سلاح وحيد.

جبر: صفقة السلاح الروسي سياسية أكثر منها عسكرية (الجزيرة)
جبر: صفقة السلاح الروسي سياسية أكثر منها عسكرية (الجزيرة)

مباركة روسية
ولفت جبر إلى أن القيادة المصرية الحالية تعيش حالة من التوتر، لذا هي بحاجة للدعم الروسي وقد حصلت عليه بامتياز من خلال تأييد موسكو ترشح السيسي، حتى من قبل أن يحسم السيسي أمره بالذهاب للانتخابات، وهذا أمر لافت يمكن تفسيره على أنه تدخل في الشؤون الداخلية المصرية.

ولفت جبر إلى أنه من الواضح أن العلاقة بين البلدين هي علاقة مصلحة مشتركة، فتزايد النفوذ الروسي في المنطقة يتيح للعرب اللعب على التوازنات الدولية، في مواجهة الضغوط الغربية. وبالتالي فهم يسعون لتقوية الجناح الروسي في موازناتهم الدولية، رغم التأكيدات المصرية بأن العلاقات المصرية الروسية ليست بديلا عن أي علاقات أخرى، في إشارة إلى واشنطن.

وأوضح أن النظرية الدبلوماسية الروسية تقوم على مبدأ التقدم من حيث تراجع الآخرون، وهذا المبدأ واضح في العراق نتيجة الأخطاء التي وقعت فيها أميركا، وفي سوريا وفي الفضاء السوفياتي وغيرها من الدول، وهذا ينطبق اليوم على مصر التي تمر علاقاتها بحالة من التوتر مع واشنطن، وهنا تكمن المصلحة الروسية.

المصدر : الجزيرة