مناهج أونروا الحقوقية تثير القلق بغزة

منهاج حقوق الإنسان لم يحظ بموافقة وزارة التعليم كما جرت العادة
undefined

ضياء الكحلوت-غزة

فوجئ أهالي التلاميذ الذين يدرسون في المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة بأن مقرر مادة "حقوق الإنسان" يخلو من الحديث عن معاناة شعبهم مقابل سرد قصص لمعاناة شعوب أخرى.

يقول أبو عبد الله -ولي أمر طالب بالصف السادس الابتدائي، طلب عدم ذكر اسم عائلته- إن المنهج الذي وزع هذا الفصل الدراسي يحوي قصصاً كثيرة عن مدافعين عن حقوق الإنسان وشخصيات حقوقية بارزة "لكنه يتجاهل تضحيات الفلسطينيين ومعاناتهم وحتى ذكر ما جرى معهم خلال النكبة الفلسطينية وطردهم عنوة من أرضهم".

ورغم أن أبو عبد الله يستبعد وجود ضغوط على "أونروا" لتجهيل طلابها من قبل داعميها، فإنه يرى ضرورة مراجعة أونروا والتفاهم معها لما فيه مصلحة الطالب والتعليم وبقاء المنظمة الدولية لممارسة مهامها التي أنشئت من أجلها.

وكانت وزارة التربية والتعليم في الحكومة الفلسطينية المقالة استنكرت إقرار "أونروا" مناهج تعليمية غير مرخصة في مدراسها، وقالت إن ما تم إقراره وطبعه وتوزيعه على مدارس أونروا لا ينسجم مع ثقافة المجتمع الفلسطيني.

ويلاحظ المراجع لمنهج حقوق الإنسان -الذي وزعته أونروا على مدارسها- غياب أي إشارة للفلسطينيين ومعاناتهم من الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك الحديث بإسهاب عن المقاومة السلمية دون المقاومة العسكرية التي تقرها المواثيق الدولية.

‪طلاب لاجئون داخل مدرسة لأونروا في مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع‬ (الجزيرة نت)
‪طلاب لاجئون داخل مدرسة لأونروا في مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع‬ (الجزيرة نت)

طبيعة الخلاف
ويتضمن المنهج صفحات عن بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومنه المادة الثامنة عشرة التي تؤكد حق الشخص في تغيير ديانته أو عقيدته، وهو ما يصطلح عليه الردة في الإسلام ويقتل صاحبها، وفق وزارة التعليم بغزة.

وفي تعليقه على الأمر قال مدير دائرة الإعلام بالوازرة معتصم الميناوي للجزيرة نت إن وزارة التربية والتعليم لا تعارض تدريس مواد حقوق الإنسان "لكنها تعارض توزيع مادة غير مرخصة على الطلاب منافية للقيم المحلية والعادات والتقاليد".
 
وأوضح أن الخلاف مع أونروا "هو طبعها وتوزيعها كتب حقوق الإنسان دون الأخذ بالملاحظات التي أرسلتها الوزارة حيث أخذت فقط بـ30% من الملاحظات على الكتب قبل طباعتها وتركت الباقي دون تعديل وطبعتها ووزعتها وكأن شيئاً لم يحدث".

واتهم الميناوي أونروا بأنها "تتعامل كدولة داخل الدولة في غزة وطباعتها للمناهج غير المرخصة تجاوز للقوانين والأعراف المتبعة الناظمة للعلاقة بين الأطراف".

ونبه إلى أن الحديث عن معاناة الشعب الفلسطيني في كتب حقوق الإنسان "حديث سطحي لا يتناسب وحجم الظلم الواقع عليه وتتجاهل الكتب الحديث عن النكبة الفلسطينية وكيف هجر الفلسطينيون عنوة من أرضهم".

وأضاف أن كتاب حقوق الإنسان المطبوع من قبل أونروا يشوه صورة اللاجئين الفلسطينيين ويصفهم بـ"الفارين وكأنهم تركوا أرضهم بخاطرهم"، معتبرا ذلك "تشويهاً وطمساً للحقائق التي يراد للأجيال الفلسطينية أن تنسى بفعلها الجرائم المرتكبة بحق آبائهم وأجدادهم".

كما نبه إلى أن الكتب المطبوعة والموزعة على الطلاب "تدرس لهم تجارب الآخرين في كل العالم دون إعطاء التجارب الفلسطينية الوطنية والعربية والإسلامية حقها في معرفة تاريخها الخاص".

‪أبو حسنة: لن نقوم بأي فعل يتجاوز تقاليد وثقافة الشعب الفلسطيني‬ (الجزيرة نت)
‪أبو حسنة: لن نقوم بأي فعل يتجاوز تقاليد وثقافة الشعب الفلسطيني‬ (الجزيرة نت)

التزام
من جهته أكد المستشار الإعلامي لأونروا عدنان أبو حسنة أنهم "ملتزمون التزاماً تاماً بمناهج الدول المضيفة"، وتابع  "أونروا لا تضع مناهج تتعارض وتتناقش مع عادات وتقاليد الشعب الفلسطيني".

وقال أبو حسنة إن هناك تنسيقا "مع كافة مكونات المجتمع الفلسطيني في غزة حول مادة حقوق الإنسان، بما يتوائم مع رغبات اللاجئين وثقافتهم"، مشيراً إلى أن منظمته عقدت جلسات تشاورية وعشر ورش عمل حول مواد حقوق الإنسان وجرى التوافق على معظم ما جاء في المنهاج.

وعن غياب التجارب الفلسطينية في المنهاج، ذكر أبو حسنة أن أونروا تدرس تجارب الشعوب المختلفة "حتى يستفيد منها الطلبة وينموا مهاراتهم"، مشدداً على أنهم أبداً لن يقوموا بأي فعل يتجاوز تقاليد وثقافة الشعب الفلسطيني.

المصدر : الجزيرة