الحصار يشتد على المشتبه بهم في اغتيالات تونس

المتحدث باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي (الثاني على اليسار)
undefined

 
خميس بن بريك-تونس
 
لم يكن أحد في تونس يتوقع أن ينتهي المطاف بالعناصر الرئيسية المشتبه بها في ملف اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي بالموت برصاص رجال الأمن أو الاعتقال في وقت وجيز ومتزامن.

فلم ينته اللغط حول مقتل كمال القضقاضي -القاتل المفترض لبلعيد- حتى أصبح اعتقال أحمد المالكي المكنى بـ"الصومالي" المشتبه الأول في اغتيال البراهمي، حديث الساعة.

وتقول وزارة الداخلية إن "الصومالي" اعتقل مع خمسة مسلحين عقب مداهمة منزل مشبوه بجهة أريانة قرب العاصمة، عقب اشتباكات تأتي بعد خمسة أيام من مواجهات عنيفة بجهة رواد بالعاصمة أسفرت عن قتل سبعة مسلحين بينهم القضقاضي.

وتؤكد المؤسسة الأمنية انتماء هؤلاء المسلحين إلى تنظيم أنصار الشريعة السلفي الذي تمّ حظر أنشطته بعدما أعلنت وزارة الداخلية أنه مسؤول عن الاغتيالات السياسية، وأنّ له تنظيما عسكريا يتزعمه المفتَش عنه المكنى بأبي عياض التونسي.

‪وحدات الأمن تستنفر قواتها في وجه الجماعات المسلحة‬ وحدات الأمن تستنفر قواتها في وجه الجماعات المسلحة (الجزيرة)
‪وحدات الأمن تستنفر قواتها في وجه الجماعات المسلحة‬ وحدات الأمن تستنفر قواتها في وجه الجماعات المسلحة (الجزيرة)

   أسئلة وترجيحات
وتفجّرت أسئلة كثيرة عن سبب ظهور هذه الجماعات المسلّحة فجأة في أماكن قريبة من بعضها قرب العاصمة، وعن تزامن مقتل المتهم باغتيال بلعيد واعتقال المتهم باغتيال البراهمي لا سيما عقب حصول انفراج سياسي بالبلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي إنّ مقتل عناصر المجموعة المسلحة برواد واعتقال المجموعة الثانية بجهة برج الوزير بأريانة جاء بناء على معلومات استخباراتية وتحريات أمنية.

وأكد أنّ تزامن القضاء على المجموعتين المسلحتين مع ذكرى مرور سنة على اغتيال بلعيد بالرصاص في السادس من فبراير/شباط 2013، ليس سوى صدفة وثمرة جهود أمنية في إطار ما أسماه "الحرب على الإرهاب".

ورجح الخبير الأمني فيصل الشريف تخطيط هذه الخلايا النائمة للقيام باعتداءات في العاصمة من أجل خلق حالة من البلبلة والفوضى في ظل حالة الانفراج السياسي بعد إقرار الدستور وتشكيل حكومة جديدة.

وقال للجزيرة نت إنّ هذه الجماعات عادة ما تختار مناسبات وطنية للقيام باعتداءات، مشيرا إلى اغتيال محمد البراهمي الذي تلاه مقتل ثمانية جنود في جبل الشعانبي غرب البلاد في 25 يوليو/تموز الماضي، وهو تاريخ الاحتفال بعيد الجمهورية.

وأضاف "هناك عملية إرهابية كانت تُحضّر لضرب الاستقرار الذي عرفته البلاد في ضوء الاحتفال بالدستور والانفراج السياسي، وغير مستبعد أن تكون حركة النهضة مستهدفة بعد تخليها عن عدة مبادئ إسلامية في الدستور".

‪بلقيس البراهمي تتخوف من الاعترافات المزورة‬ (الجزيرة)
‪بلقيس البراهمي تتخوف من الاعترافات المزورة‬ (الجزيرة)

   العاصفة الأمنية
ويرى الشريف أن اكتشاف أمر المجموعتين المسلحتين في غضون أيام قليلة "أمر منطقي"، مرجحا أن يكون جهاز الأمن قد اكتشف مكان "الصومالي" بالعودة إلى الاتصالات التي جرت بواسطة الهواتف المحتجزة لدى مجموعة رواد.
 
وقال الشريف إنّ المسلحين الذين تم اعتقالهم أمس بأريانة اختاروا عدم المجازفة والفرار من المنزل الذي تحصنوا فيه حتى تمرّ "العاصفة الأمنية"، مشيرا إلى أن ذلك سهل على رجال الأمن العثور عليهم واعتقالهم بسرعة.

وإن كان يمثل اعتقال "الصومالي" -المتهم الرئيسي في اغتيال البراهمي- خطوة مهمة في سبيل الكشف عن هذه القضية، إلا أنّ الشريف يتساءل عما إذا كان هذا المشتبه به وراءه أطراف سياسية حرّضته ومولت عملية الاغتيال؟

وفي الاتجاه نفسه، تقول بلقيس البراهمي -ابنة محمد البراهمي- للجزيرة نت إنّ "الصومالي" لم يقم من تلقاء نفسه باغتيال أبيها "الذي كان يمد له يد العون، وإنما هناك أطراف سياسية مشرفة على التخطيط وتمويل الاغتيال".

وتأمل بلقيس أن يعترف الصومالي بـ"الأطراف المتخفية التي مولته وأعطته الأوامر" لاغتيال أبيها قبل ستة أشهر، معربة عن تخوفها في الوقت نفسه من أن يقدّم اعترافات مزورة "للتغطية على القتلة الحقيقيين".

يشار إلى أنّ بلقيس البراهمي كانت قد تعرفت على وجه "الصومالي" الذي كان جالسا خلف المشتبه به أبو بكر الحكيم على دراجة نارية ساعة وقوع الجريمة أمام منزل البراهمي بحي الغزالة بأريانة قرب العاصمة.

المصدر : الجزيرة