ليبيا: مصير هيئة الدستور وواقع الفراغ الدستوري

اجتماع الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بليبيا
الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور عللت تأخر إنجاز مهامها بوجود معوقات تتمثل في مشاكل أمنية وإدارية ومالية (الجزيرة)

عبد العزيز باشا-طرابلس

يسود جدل في الأوساط القانونية والسياسية الليبية بشأن مصير الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور (لجنة الستين)، بعد قرار الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بطلان مقترحات لجنة فبراير التي نصت على تمديد مدة عمل الهيئة إلى 18 شهرا بدلا من 120 يوما.

ويرى مراقبون أن المخرج الوحيد من الأزمة الدستورية الحالية يتمثل في مخاطبة الهيئة للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) للمطالبة بتمديد مدة عملها، بينما كشف أعضاء في الهيئة عن وجود ضغوط سياسية "غير مباشرة" تؤثر على عملها.

وأوضح عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور محمد الصاري أن أعضاء الهيئة يتعرضون لضغوط بسبب وجودها في مدينة البيضاء المسيطر عليها من قبل قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وأضاف أن عددا من ممثلي الجنوب لا يستطيعون الإدلاء بآرائهم، لسيطرة بعض الأطراف المتصارعة على مناطقهم.

مخاطبة المؤتمر
وأكد الصاري في تصريح للجزيرة نت، مطالبة بعض الأعضاء رئيس الهيئة علي الترهوني بمخاطبة المؤتمر الوطني بشأن تقديم تقريرها له، إلا أنه رفض ذلك "في إشارة إلى عدم اعترافه بشرعية المؤتمر".

وأشار إلى اعتراف الترهوني ضمنيا بمجلس النواب المنحل بحكم المحكمة العليا إثر حضوره أولى جلساته في طبرق ضمن وفد رسمي.

وكان المؤتمر الوطني العام قد طالب الهيئة في رسالة بإعلامه بما أنجزته وما تبقّى لاستكمال مشروع الدستور، بحسب تصريحات الناطق باسمه عمر حميدان، إلا أن عضوي الهيئة محمد بالروين وابتسام بحيح نقلا عن رئاستها نفيها استلام أي رسالة رسمية من المؤتمر الذي أكد بدوره للجزيرة نت عدم تلقيه أي رد من الهيئة.

تعليل التأخر
ونص الإعلان الدستوري على أن تقدم هيئة الدستور تقريرا أوليا للجهة التشريعية بعد شهرين من انعقاد أولى جلساتها، الأمر الذي لم يحدث حتى الآن وقد مضى على أول جلساتها أكثر من سبعة أشهر.

وقد عللت الهيئة في وقت سابق تأخرها في إنجاز مهامها بوجود معوقات تتمثل في مشاكل أمنية وإدارية ومالية، في الوقت الذي أعلن فيه رئيسها علي الترهوني أنها ستقدم مسودة مشروع الدستور في 24 ديسمبر/كانون الأول.

‪بالروين: هيئة الدستور ليست بمنأى عن التجاذبات السياسية‬ (الجزيرة)
‪بالروين: هيئة الدستور ليست بمنأى عن التجاذبات السياسية‬ (الجزيرة)

تجاذبات سياسية
وفي الوقت الذي أفاد فيه عضو الهيئة عن مدينة مصراتة محمد بالروين أن إعلان تحديد الترهوني هذا الموعد هو قرار لم تتخذه الهيئة مجتمعة، وإنما صدر عن الترهوني بصفته رئيسا، وأكد أن الهيئة ليست بمنأى عن التجاذبات السياسية.

ويرى عضو لجنة فبراير منصور ميلاد أن من الأنسب أن تمنح الهيئة مدة إضافية ما دامت مستمرة في إنجاز مهامها، مضيفا في تصريح للجزيرة نت، أنها ستواجه إشكالا آخر في المستقبل يتمثل في هوية الجسم التشريعي الذي ستقدم له تقريرها فور الانتهاء من مشروع الدستور.

بدوره استغرب أستاذ القانون الدستوري الصديق الشيباني من عدم مخاطبة الهيئة المؤتمر الوطني العام للمطالبة بتمديد عملها حتى الآن، رغم علمها بأنها تعمل الآن في فراغ دستوري سيفتح باب الطعن في دستورية عملها، قد يصل إلى حد الطعن في شرعية وجود الهيئة نفسها.

حكم المحكمة
وعلّقت عضو هيئة الدستور عن مدينة بنغازي ابتسام بحيح قائلة إن "المدة الممنوحة للهيئة والمنصوص عليها في الإعلان الدستوري لم تكن كافية منذ البداية، وأن الظروف التي تمر بها بعض المدن حالت دون التواصل معها".

ويؤكد عضو لجنة فبراير منصور ميلاد وجوب احترام حكم المحكمة العليا، كما يجب على هيئة الدستور "التي تعد مشروع دستور المستقبل" احترام الحكم، متسائلا عن فائدة الدستور إذا كنا نخترقه، ولا نحترم أحكام المحكمة العليا؟

وبينما تؤكد الوقائع القانونية المجردة انتهاء المدة الممنوحة للهيئة لإنجاز مهامها في أغسطس/آب الماضي، وأن حق التمديد لها من اختصاص المؤتمر الوطني، يبقى الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة الدستورية إسراع هيئة الدستور بمطالبة المؤتمر بتمديد ولايتها، بحسب الصديق الشيباني.

المصدر : الجزيرة