أنباء عن مجازر في الشيخ مسكين بدرعا

أحد الحواجز التي كانت تحاصر المدينة من الجهة الجنوبية على طريق نوى الشيخ مسكين
أحد الحواجز التي كانت تحاصر المدينة من الجهة الجنوبية على طريق نوى-الشيخ مسكين (الجزيرة)

مهران الديري-ريف درعا

قالت مصادر في المعارضة السورية بمدينة الشيخ مسكين وسط محافظة درعا، وناجون، إن عناصر من الجيش النظامي السوري والدفاع الوطني، ومليشيات لبنانية وعراقية، ارتكبوا مجازر بحق مدنيين، بينهم نساء وأطفال، أثناء اقتحامهم الحي الشرقي للمدينة الذي مازال تحت سيطرتهم.

ويروي أحد المدنيين للجزيرة نت قصة نجاته من قبضة قوات الدفاع الوطني واللجان الشعبية خلال اقتحامهم الحي الشرقي للمدينة قائلا "نجوت مع عائلتي بأعجوبة بعد اقتحام المدينة، حيث تحايلت على حاجز للجيش النظامي، وأخبرتهم بأنني خرجت من منزلي بناء على أوامر أحد الضباط الذي طلب مني إخلاءه والرحيل خارج المدينة".

ويضيف أبو منصور، وهو رجل ستيني، أنه لم يكن ينوي ترك منزله، لكن فظاعة المجازر التي شاهدها جعلته يهرب بأبنائه بالملابس التي يرتدونها، دون أن يحملوا أي متاع حيث قتلت قوات النظام عائلات بأكملها، ولم يميزوا بين طفل أو امرأة "قتلوا طفلة تبلغ من العمر ثمانية أشهر برصاصة مباشرة في القلب، مع أمها وإخوتها الصغار الذين لا تتعدى أعمارهم العشر سنوات".

أحد الأبنية العالية التي كان يستخدمها الجيش النظامي للقنص بالشيخ مسكين (الجزيرة)
أحد الأبنية العالية التي كان يستخدمها الجيش النظامي للقنص بالشيخ مسكين (الجزيرة)

حرق الجثث
ويتابع أبو منصور "هناك الكثير من جثث المدنيين ما زالت في الشوارع وفي البيوت التي اقتحمها الجيش، وغالبية هذه الجثث حرقتها قوات النظام بعد قتلهم، وفي الأيام الأولى كانت رائحة حرق الجثث تفوح في كل مكان".

أما محمد، وهو ناجٍ آخر من الحي الشرقي للمدينة، فكان له رواية أخرى، حيث تحدث عن أن أحد ضباط الجيش النظامي ساعده على الهروب مع عائلته، من قبضة المليشيات الطائفية وقوات الدفاع الوطني.

ويقول الشاهد أيضا "دخل الجيش قبيل الفجر إلى منزلي وطلب منا التزام الصمت، وعند بزوغ الفجر طلب مني الضابط الإسراع في الخروج من الحي قدر الإمكان، دون أن أحمل أي متاع".

وأكد أنه اعتاد رؤية هذا الضابط "بشكل يومي على أحد الحواجز التي كانت تحاصر المدينة" وقد يكون هذا السبب وراء مساعدته على الهروب.

وتحاول قوات النظام السيطرة على المدينة الإستراتيجية بتكتيك جديد في درعا، يعتمد على التقدم البطيء، وعلى عناصر مدربة على حرب الشوارع، حيث يتقدمون عبر السيطرة التدريجية على منازل المدنيين، وفتح طرقات خفية بينها، ونشر قناصين على أسطح الأبنية العالية، بعد أن كانت سياسة الأرض المحروقة هي الطابع العام لعمليات الجيش النظامي.

ويقول أبو عدي أحد مقاتلي الجيش الحر -الذين حاولوا صد اقتحام المدينة من الجهة الشرقية- إن شهادات بعض الأشخاص الذين استطاعوا الوصول إلينا هربا من قوات الأسد تحدثت عن مجازر مروعة بحق المدنيين، وأن "عشرات الجثث لرجال ونساء وأطفال مازالت موجودة في الشوارع، ولا يستطيع أحد الوصول إليها".

ويوضح أن الجيش الحر لم يستطع منع وقوع المجازر التي وقعت بحق المدنيين لأن قوات النظام اقتحمت المنطقة بشكل مباغت مدعومة بمليشيات طائفية عراقية ولبنانية مدربة على حرب الشوارع.

والشيخ مسكين من المدن القليلة في حوران التي تعرضت لحصار خانق استمر أكثر من عام ونصف العام، وكسرت قوات المعارضة الحصار منتصف الشهر الماضي من الجهة الجنوبية، لمنع النظام من السيطرة على المدينة بشكل كامل بعد أن سيطر على أحياء بالجهة الشرقية.

أحد مقاتلي المعارضة أثناء التسلل إلى مواقع للنظام بالشيخ مسكين(الجزيرة)
أحد مقاتلي المعارضة أثناء التسلل إلى مواقع للنظام بالشيخ مسكين(الجزيرة)

صعوبة التوثيق
بدوره، يقول رئيس المجلس المحلي لـ الشيخ مسكين "تأكدنا من ارتكاب قوات النظام مجازر في الحي الشرقي للمدينة، حيث أشرفنا على إخلاء عشرات المدنيين الهاربين قبل وصول الجيش إليهم".

وأضاف إياد النابلسي أن قوات النظام ارتكبت مجزرة مروعة بحق عائلة كاملة بالحي الغربي للمدينة، وهو ضياء شباط وزوجته وأخته وطفلاه الصغيران، وقد حاول ارتكاب مزيد من المجازر، لكن الجيش الحر هناك كان أكثر تنظيما، وطبيعة المنطقة السهلية ساعدته على منع تقدم الجيش.

واعتبر أن سبب ارتكاب قوات النظام للمجازر هو المقاومة العنيفة التي أبداها الجيش الحر في وجه النظام، حيث قتل العشرات منهم خلال محاولتهم السيطرة على المدينة.

وتابع رئيس المجلس المحلي "إننا لا نستطيع إحصاء عدد شهداء المدينة الذين قتلهم الجيش وتوثيق أسمائهم، لأن هناك عشرات المفقودين، وما زالت المدينة تحت سيطرة النظام".

المصدر : الجزيرة