شعب بوركينا فاسو: كومباوري سقط ونريد أن ننطلق

هل يطول انتظار البوركينيين
هل يطول انتظار البوركينيين؟ (الجزيرة)

أحمد الأمين-واغادوغو

بعد 27 سنة من مطالعة سحنة بليز كومباوري ومتابعة تصرفاته، والاكتواء بقراراته، وجد البوركينيون أنفسهم من دونه، فتنفسوا الصعداء كأنما انزاح حمل ثقيل عن كواهلهم، لم يذرفوا دمعة حزن عليه، ولم يأسفوا على فراقه.

ويدخل البوركينيون أسبوعهم الثاني من دون كومباوري وقد بدؤوا يتلمسون خطى مسارهم الانتقالي نحو الديمقراطية، يتنازعهم الأمل بتحقيق طموحات شبابهم الثائر، والخوف من الالتفاف على ثورته التي يتمنى أن تكون بداية "ربيع أسمر".

كومباوري -الذي ظل إلى ما قبل رحيله بيومين- رجل أفريقيا القوي، وصاحب مبادرات التسوية فيها، شكلت سرعة سقوطه المدوي مفاجأة للكثير من المراقبين والمتابعين للشأن الأفريقي، وطرح الكثير من التساؤلات عن أسباب سرعة سقوطه وعدم استطاعته مقاومة الشباب الثائر.

لكن السؤال عن سبب سقوطه يستفز بسطاء العاصمة واغادوغو، فيردون بنوع من الامتعاض: "المهم أنه سقط، نحن نريد أن ننطلق"، وحتى أولئك الذين سقط لهم ضحايا خلال "الثورة" يمتنعون من الحديث عن الماضي، ويرفضون التصوير، بل ويتحفظون حين يعلمون أنك صحفي.

‪مريم: الشباب في بطالة بسبب سياسات كومباوري‬ (الجزيرة)
‪مريم: الشباب في بطالة بسبب سياسات كومباوري‬ (الجزيرة)

نرغب بنسيانه
زينابا -البائعة على ناصية شارع نكوامي في واغادوغو- قالت إن "المهم هو سقوط بليز ورحيله، أما كيف سقط فلا يهمني، أنا متأكدة من أن كل بوركيني يريد أن ينسى حكمه وشخصه".

وقريبا منها كانت الشابة مريم تستمع إلى حديثها مع الجزيرة نت، فعلقت بالقول "السؤال عن أسباب سقوط بليز يستفز أي مواطن بوركيني، والبحث عن كيف سقط ترف لا يملك الناس هنا فراغا للاستمتاع به".

وتابعت مريم -التي تعمل في محل للألبسة بأحد الفنادق- إن "نسبة عالية من الشباب تعيش البطالة بسبب سياسات كومباوري، كما أن عدد الفقراء يزداد رغم أن الأرقام المعلنة تقول إن الاقتصاد يتحسن، فكيف نسأل عن سبب سقوطه؟".

لكن السؤال عن أسباب عدم تمسك كومباوري بالسلطة يبقى مطروحا وإن استفز بعض الناس في بوركينا فاسو، كما أنه لا يزال موضع نقاش في الأوساط السياسية والإعلامية، خاصة وأن الظروف التي واكبت استقالته وطريقة خروجه من البلاد تشير إلى بصمات للجيش في العملية.

‪كوكو أحمد: انحياز الجيش للمتظاهرين عجل سقوط كومباوري‬ (الجزيرة)
‪كوكو أحمد: انحياز الجيش للمتظاهرين عجل سقوط كومباوري‬ (الجزيرة)

عوامل مختلفة
ويعتبر محللون وعارفون بالشأن المحلي أن أسباب تخلي كومباوري عن السلطة في هذا الظرف الوجيز، تتداخل فيها عوامل داخلية وأخرى خارجية.

ويقول رئيس تحرير جريدة الحدث كوكو أحمد إن "الضغط الشعبي غير المسبوق كان له دوره البارز في تنحية كومباوري، فالانتفاضة كانت خطواتها تتصاعد وكانت أعداد المتظاهرين تزداد يوما بعد يوم، وحين تم حرق البرلمان تأكد الجميع أنها لن تتوقف".

لكن كوكو أحمد يؤكد -في حديث للجزيرة نت- أن ضغط المتظاهرين لم يكن لينهي حكم كومباوري لولا انحياز الجيش لهم".

وأكد أحد الشباب الذين شاركوا في المظاهرات للجزيرة نت أن "الجيش وقوات الأمن كانوا يتجنبون إطلاق النار علينا في أحيان كثيرة، وأثناء اقتحامنا للبرلمان كانوا يطلقون النار فوقنا وكانوا يتراجعون حين نقترب منهم".

وإلى جانب الضغط الشعبي وانحياز الجيش يضيف الصحفي بإذاعة الهدى ميغا عبد الله عاملا خارجيا هو تخلي فرنسا عن كومباوري، ويستشهد في هذا المجال برسالة هولاند له، معتبرا أن "ذلك الموقف شجع الأحزاب السياسية على المضي في المظاهرات، وربما ساهم في بلورة موقف الجيش من المتظاهرين".

المصدر : الجزيرة