"الجنائية ومرمرة".. إدانة لإسرائيل وإحجام عن معاقبتها

صورة سابقة للسفينة مرمرة في أحد موانيء إسطنبول - "الجنائية ومرمرة".. إدانة لإسرائيل وإحجام عن معاقبتها
قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت عشرة أتراك وأصابت آخرين على السفينة "مافي مرمرة" التي حاولت فك الحصار عن غزة (الجزيرة-أرشيف)

خليل مبروك-إسطنبول

جاء قرار المحكمة الجنائية الدولية بإدانة إسرائيل في الاعتداء على سفينة كسر الحصار التركية خاليا من الأحكام العقابية فأرضى أنصار مرمرة الزرقاء "مافي مرمرة"، لكنه لم يضع حداً لمساعيهم لإنزال العقوبات بالمسؤولين عن الهجوم الإسرائيلي على السفينة.

وأقرت النيابة العامة بالمحكمة الجنائية في هولندا بأن أفعال إسرائيل في سفينة "مافي مرمرة" والسفن الأخرى هي "قتل وجرح متعمد للأشخاص، وتصرفات تنتهك كرامة الإنسان، وهو ما يعد جريمة حرب". كما أقرت المحكمة أن "إسرائيل التي هي في وضع المحتل في قطاع غزة، هاجمت السفن رغم أن المتواجدين فيها كانوا مدنيين".

ووصفت أوساط مقربة من عائلات الضحايا الأتراك الذين قضوا على متن السفينة قرار الجنائية الدولية بأنه "جيد لكنه غير كاف"، متوقعة أن يواصل النشطاء والمهتمون بالقضية ملاحقتهم الجنائية لإسرائيل في المحافل القانونية الدولية.

وتعود الواقعة التي دحرجت العلاقات التركية الإسرائيلية إلى الحضيض إلى تاريخ مايو/أيار 2010، حين هاجمت قوات خاصة تابعة للبحرية الإسرائيلية كبرى سفن "أسطول الحرية" الذي توجّه إلى قطاع غزة، الأمر الذي أدى إلى مقتل عشرة من المتضامنين الأتراك، وجرح أكثر من خمسين آخرين.

‪شاهين: الملف الجديد يحظى‬ (الجزيرة نت)
‪شاهين: الملف الجديد يحظى‬ (الجزيرة نت)

مواكبة المعايير
ودفعت المحكمة الجنائية عن نفسها المسؤولية عن تحديد عقوبات بحق المسؤولين عن الهجوم الإسرائيلي بتأكيدها أن عدد الضحايا الأتراك أقل من الحد الذي يخولها اتخاذ إجراءات عقابية بحق من ارتكب الجريمة بحقهم.

ورد مسؤول العلاقات الدبلوماسية والدولية في هيئة الإغاثة الإنسانية التركية على ذلك بالتأكيد أن النشطاء الذين رفعوا القضية إلى المحكمة -إلى جانب دولة جزر القمر- يعملون على إدراج ملفات كافة الشهداء الفلسطينيين في القضية لرفع عدد الضحايا إلى الحد الذي يخول المحكمة اتخاذ قرارات عقابية وعدم الاكتفاء بالشهادة على تحقق الجريمة.

وقال عزت شاهين للجزيرة نت إن ضم ملفات الشهداء الفلسطينيين وغيرهم إلى القضية ممكن بالنظر إلى أنهم جميعا قضوا بذات اليد الإسرائيلية، موضحا أن العديد من مراكز حقوق الإنسان والهيئات الحقوقية بدأت بالعمل فعلا على تحضير الملف الجديد استعدادا لرفعه إلى المحكمة.

ولفت الناشط التركي النظر إلى أن الملف الجديد يحظى بقدرةٍ أكبر على الفوز بالقضية أمام ذات المحكمة، أو في حال تقديمه إلى هيئات قضائية أخرى كمحكمة جرائم الحرب الدولية أو محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة أو المحاكم الجنائية في البلدان المختلفة.

‪فارول: القضاء ليس مجرد شاهد يكتفي‬ (الجزيرة نت)
‪فارول: القضاء ليس مجرد شاهد يكتفي‬ (الجزيرة نت)

التناقض
وكان رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية التركية بولنت يلدرم قد عقد مؤتمراً صحفياً في مقر الهيئة بمدينة إسطنبول التركية بعد صدور قرار المحكمة الجنائية يوم الأربعاء، استعرض فيه تقرير النائب العام للمحكمة الواقع في 60 صفحة أدانت إسرائيل، لكنها لم تسم أي عقوبات بحقها.

ووصف الصحفي التركي أحمد فارول قرار المحكمة بالمتناقض، موضحاً أن القرار "أثبت الحقيقة دون أن يتكلف الوظيفة"، ومؤكداً على جدوى استمرار الملاحقة القانونية للمسؤولين عن الاعتداء.

وقال فارول الذي نجا من الهجوم الإسرائيلي الشهير على سفينة "مافي مرمرة" إن من مسؤوليات القضاء الأساسية أن يحدد العقاب ما دام قد أثبت ارتكاب الجريمة، مؤكداً أن القضاء ليس مجرد شاهد يكتفي بسرد الحدث وإصدار الوصف دون إقرار الأحكام.

وردا على سؤال للجزيرة نت، توقع فارول أن تدعم الحكومة التركية مساعي ملاحقة إسرائيل قضائياً وإن لم تتدخل بها، واصفاً هذا الدعم بالضروري والمنسجم مع مصالح تركيا التي فقدت عشرة من أبنائها في الهجوم الإسرائيلي.

وكانت العلاقات التركية الإسرائيلية قد عادت إلى التوتر بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، حيث صعدت أنقرة من انتقاداتها لتل أبيب وعبرت عن موقف داعم للفلسطينيين، بعد أقل من شهرين على إبرام اتفاق مصالحة بين الدولتين بوساطة أميركية.

المصدر : الجزيرة