قوانين مبارك تلاحق منظمات المجتمع المدني بمصر

شعار المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أحد المنظمات الحقوقية التي رفضت تقنين أوضاعها
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية رفضت تقنين أوضاعها (الجزيرة)

عبد الرحمن أبو الغيط-القاهرة

مع انتهاء المهلة التي حددتها السلطات المصرية للمنظمات غير الحكومية لتوفيق أوضاعها، سادت حالة من التخبط والفوضى منظمات المجتمع المدني هناك.

وتسعى الحكومة المصرية لإجبار المنظمات الأهلية للعمل وفق قانون الجمعيات الأهلية رقم 48 لسنة 2002 -الذي صدر في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك– بشكل مؤقت حتى إصدار مجلس النواب القادم قانونا جديدا ينظم عمل تلك المنظمات الأهلية.

وتتهم المنظمات الأهلية وجمعيات حقوق الإنسان السلطات المصرية بالسعي لقمعها وإخضاعها عبر قوانين صدرت في عهد مبارك، تسمح للحكومة بإغلاق أي مؤسسة أو التحكم في أموالها، بالمخالفة لدستور 2014 الذي يسمح بإنشاء المنظمات الأهلية بالإخطار.

تنوعت ردود فعل منظمات المجتمع المدني بين الرفض والتجميد والاستجابة

تباين
ورفضت عدة منظمات منها "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، و"المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، و"المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، و"نظرة للدراسات النسوية"، و"مؤسسة حرية الفكر والتعبير"، و"الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" تقنين أوضاعها وقامت بإغلاق مكاتبها وتدمير مستنداتها.

وفضلت بعض المؤسسات الدولية تجميد أنشطتها في مصر، منها "الشبكة العربية لدعم الإعلام الصوت الحر"، و"مركز جيمي كارتر"، و"المنظمة العربية للإصلاح الجنائي". فيما فضلت منظمات أخرى تقنين أوضاعها، حتى تستمر في أداء أعمالها، من بينها "المركز العربي لنشطاء حقوق الإنسان"، و"المنظمة المصرية لحقوق الإنسان"، و"مؤسسة قضايا المرأة المصرية".

واتهم مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي محمد زارع الدولة بـ"السعي لإحكام قبضتها على المنظمات عن طريق إخضاعها لقوانين تعزز من السيطرة عليها عن طريق إغراقها في إجراءات روتينية لا نهاية لها، فضلا عن الرقابة السابقة على أنشطتها".

وأضاف في بيان له أن المنظمة "قررت وقف نشاطها الحقوقي، بسبب إصرار الحكومة على تطبيق قانون عام 2002، الأمر الذي جعل أصحاب المنظمات المصرية المستقلة والعاملين فيها أمام خيرات صعبة وهي إما السجن أو إغلاق منظماتهم".

وأوضح في البيان أن المنظمة "كانت تمارس عملها العام والحقوقي، كشركة محاماة مصرية تخضع لقانون الشركات، وهى شركة تهدف للربح، تراقبها الضرائب، وتخضع لأحكام القوانين المصرية المختلفة، وتمارس عملها منذ عدة سنوات، متسائلا "إذا كانت هناك مخالفات فلماذا لا يتم التحقيق والاكتفاء بالقوانين الموجودة؟".

‪مفرح يتحدث عن حملة تشهير كبرى منذ الانقلاب‬ (الجزيرة)
‪مفرح يتحدث عن حملة تشهير كبرى منذ الانقلاب‬ (الجزيرة)

مناخ معاد
من جانبه أكد مسؤول الملف المصري بمؤسسة "الكرامة لحقوق الإنسان" بجنيف أحمد مفرح، أن منظمات المجتمع المدني "تعمل في مناخ معاد لها، ترعاه الدولة وتروج له عن طريق وسائل الإعلام وبعض الأجهزة السيادية".

وأضاف -في تصريح للجزيرة نت- أن هناك "حملة تشهير كبرى تلاحق تلك المنظمات، منذ 3 يوليو/تموز 2013، خاصة العاملة في مجال حقوق الإنسان، عبر تصوير تلك المنظمات على أنهم طابور خامس، ويتلقون أموالا من الخارج، وأنهم يعملون ضد المصالح المصرية".

ويرى مفرح أن الحكومة لجأت إلى قانون صادر في عهد مبارك، "بالرغم من مخالفته لدستور 2014 الصادر في عهد عبد الفتاح السيسي، لأنه يحوي عددا من القيود التي تضمن سيطرة الأجهزة الأمنية على جميع منظمات المجتمع المدني، وحل أي منظمة تغرد خارج السرب".
 
لكن عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان جورج إسحاق، أكد أن الحديث عن سعي الدولة لإغلاق بعض المنظمات ووقف نشاطها غير صحيح وسابق لأوانه.

وأضاف -في تصريحات صحفية- أن الدولة تسعى لتقنين أوضاع جميع مؤسسات المجتمع المدني، ومراقبة أموالها "خاصة في ظل تلقي بعض تلك المؤسسات تمويلات مالية من جهات أجنبية بهدف تشويه سمعة مصر ومسار التحول الديمقراطي الجاري فيها".

وطالب إسحاق منظمات المجتمع المدني بأن تسرع في توفيق أوضاعها "لتتناسب والقانون، حتى تنتهي هذه الخلافات المضيعة للوقت".

المصدر : الجزيرة