هل ستنتخب سيدي بوزيد من ثارت عليهم؟

مركز مدينة سيدي بوزيد وقد خلا من أي مظاهر ذات بال للحملة انتخابية قبيل إغلاقها
مركز مدينة سيدي بوزيد وقد خلا من أي مظاهر ذات بال للحملة الانتخابية قبيل إغلاقها (الجزيرة نت)

محمد المختار أحمد-سيدي بوزيد

 

ينظر سكان مدينة سيدي بوزيد -التي قدحت شرارة الثورة التونسية أواخر العام 2010- بمزيج غريب من الخيبة والأمل إلى ما سيسفر عنه السباق الانتخابي التشريعي غدا الأحد من نتائج ستكون حاسمة في تحديد مصير مستقبل البلاد، وهل ستعود إلى أحضان رموز النظام السابق أم ستقطع صلتها بالماضي باختيارها "الممثلين الشرعيين" لضحايا الثورة وآمالهم وتطلعاتهم؟

فبينما يقول كثير من البوزيديين إنهم سيقاطعون الانتخابات لخيبة أملهم في الحكومات التي أعقبت الثورة لأنها لم تستطع اتخاذ قرارات جريئة تقضي على الفساد المنتشر في البلاد وتحقق أهداف الثورة، يؤكد آخرون أنهم سيصوتون لمرشحيهم أملا في أن يكون القادم أفضل، بينما وصل الإحباط بفريق ثالث إلى التفكير في التصويت لقوائم رموز النظام المطاح به ندما منهم على الثورة وحنينا إلى "عهد الزين".

وتعتقد فادية اجلالي (طالبة في الثانوية) أن كل سكان سيدي بوزيد سيشاركون في الانتخابات لأنهم فرحون بها، خاصة أنها ستعطيهم فرصة ثانية للأمل بأن تتحسن أوضاع البلاد في كل النواحي، قائلة "ربحنا من الثورة الحرية ونأمل أن تأتي الانتخابات بحكومة تحقق مطالبنا الأخرى في التنمية والعيش الكريم".

وأوضحت اجلالي أنها ليست متشائمة كثيرا مثل الآخرين، وأنها تريد من الرئيس والبرلمان والحكومة القادمين إعطاء سيدي بوزيد لفتة كريمة تصلح الأوضاع، "وإلا فسنقوم بثورة أخرى إذا لم تحقق رغباتنا، فنحن كلنا مثل محمد البوعزيزي رمز الثورة الحالية التي لن نندم على تزعمنا إياها".

‪اجلالي: سنقوم بثورة أخرى‬ (الجزيرة نت)
‪اجلالي: سنقوم بثورة أخرى‬ (الجزيرة نت)

أغلبية مترددة
ويرى نور الدين اسويسي (بائع فواكه) أن "أغلبية الناس مترددة" في المشاركة الانتخابية لأنها لم تجد شيئا من الثورة، بل إن الأوضاع "ساءت أكثر بعد قيامها، ووعود جميع المرشحين حبر على ورق".

وأضاف أن "أكثر الناس ستنتخب رجال النظام السابق لأن لديهم القدرة والخبرة في إدارة البلاد، ونحن نادمون على قيامنا بثورة ما دامت نتائجها هي ما نعيشه الآن".

أما أصَيّف عيساوي (صاحب حانوت) فقد قرر مقاطعة التصويت قائلا إن أغلبية المواطنين سيتخذون نفس الموقف لأن نتائج الانتخابات الماضية أقنعتهم بأن النظام السابق كان أحسن لهم، مؤكدا أنه لا "أمل في السياسيين الحاليين، ومن يعرف ظروف المنطقة البائسة يجب ألا يصوت لهم".

بدوره، أكد شبيب الزعفوري (عاطل عن العمل) عزوفه عن الاقتراع لأن سيدي بوزيد لم تنل بعد الثورة من المشاريع الصناعية سوى مصنع واحد أنشأه رجل أعمال تونسي تضامنا مع سكان المنطقة، "أما الحكومات فلم تحقق شيئا على الإطلاق"، ولذلك فإن المواطنين غاضبون على من انتخبوهم في المرة السابقة، على حد قوله.

ومن جهته، أوضح زهير صالحي (عاطل عن العمل) أنه سيصوت رغم تقديره أن نسبة ضئيلة من المواطنين هي التي ستشارك في الانتخابات.

وأشار إلى أن كثرة القوائم الانتخابية (64 قائمة) المترشحة في المدينة أربكت مواقف الناس، خاصة أن أغلبيتها الساحقة لم تقدم برامج مقنعة تنتخب على أساسها.

عواينية: مدينة سيدي بوزيد تتجهإلى رموز النظام القديم (الجزيرة نت)
عواينية: مدينة سيدي بوزيد تتجهإلى رموز النظام القديم (الجزيرة نت)

عودة القديم
ولفت صالحي إلى أن المزاج الشعبي يميل إلى انتخاب قوائم أحزاب نداء تونس وحركة النهضة والمبادرة الدستورية، وهي التي ستتصدر على التوالي نتائج الانتخابات في المدينة، وربما تُنتخب قائمتان مستقلتان يرأسهما مرشحان من أبناء المنطقة.

وأعرب عن أمله في أن يفي النواب الفائزون بوعودهم التي قطعوها لأهل المدينة خلال الحملة الانتخابية.

من جهته، قال الناشط السياسي والحقوقي خالد عواينية إن مشاركة سيدي بوزيد ستكون كثيفة كما في السابق.

وأضاف أن سيدي بوزيد تتجه إلى رموز النظام القديم "ممثلين في حزب نداء تونس الذي سيحصل على مقعدين أو ثلاثة" من أصل مقاعد المدينة الثمانية، والباقي سيتوزع على القوائم الأخرى بمعدل مقعد لكل قائمة، وفق تقديره.

وأوضح عواينية أن رموز النظام القديم عادوا إلى المدينة بقوة نتيجة "لعدم محاسبتهم قانونيا ولرفض أغلبية المجلس التأسيسي إقرار قانون تحصين الثورة، إضافة إلى صفقات تمت تحت الطاولة بينهم وبين أحزاب الترويكا".

وفي انتظار ما ستقوله صناديق الاقتراع، لا يسع المراقب إلا أن يحتار من تواطؤ آراء كل من لقيناهم على أن سيدي بوزيد حسمت أمرها باتجاه إعادة الثقة في رجال نظام تصدرت مشهد الثورة عليه ودفعت وما زالت تدفع ثمنا باهظا في سبيل ذلك، ملهمة بذلك شعوبا عربية أخرى في مقارعة الجيوش وقلب العروش.

المصدر : الجزيرة