"تنظيم الدولة" والنصرة يتوعدان حزب الله
علي سعد-بيروت
ليس التهديد الذي وجهه أبو سياف الأنصاري -بعد مبايعته أمس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام– إلى حزب الله ولا إعلان جبهة النصرة في لبنان قبله بيوم واحد جميع مراكز الحزب ومقراته أهدافاً مشروعة حيثما وجدت، هو الإعلان الأول عن وجود تنظيم القاعدة في لبنان.
لكن الخبراء بشؤون هذا النوع من التنظيمات يرون في الإعلان مرحلة جديدة من العمل الميداني بالغة الخطورة قد تكون أفضل تجلياتها التفجيرات التي ضربت مناطق مختلفة من البلاد مؤخراً.
تهديد جدي
ويأخذ حزب الله والقوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي هذه التهديدات على مستوى عال جداً من الجدية، ولعل الإجراءات الأمنية المنفذة منذ تفجير حارة حريك الثاني في الضاحية الجنوبية قبل أيام قليلة تظهر مدى خطورة المعلومات التي باتت بحوزة هذه الأجهزة عن ما تزمع تلك الجماعات القيام به.
وأبلغت مصادر عسكرية الجزيرة نت أنه تم شراء أجهزة جديدة متطورة لكشف المتفجرات إضافة إلى تركيب كاميرات مراقبة حديثة على جميع مداخل الضاحية الجنوبية وزيادة عدد الحواجز.
كما بدا لافتاً الإجراءات الأمنية التي اتخذها الجيش عند ثكناته وتدعيم الحواجز التي ينفذها تخوفاً من مهاجمتها.
وقالت المصادر إن أبو سياف الذي أعلن مبايعته لأمير تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي، هو لبناني من شمالي البلاد وكان مقاتلاً مع جماعة فتح الإسلام في المعارك ضد الجيش اللبناني عام 2007.
ولفتت المصادر إلى وجود معلومات عن حوالي عشرين انتحارياً يجري تحضيرهم ليفجروا أنفسهم في لبنان -أغلبهم لبنانيون وفلسطينيون- مع شكوك حول وجود سعوديين اثنين، متوقعة أن تطال التفجيرات كل مكان يُعتبر بيئة حاضنة لحزب الله.
كما تتخوف المصادر من أن المناطق المسيحية أيضاً ليست بمنأى عن التفجيرات لأن "أبو سياف" أعلن في تسجيله الصوتي استهداف "عباد الصليب" أي المسيحيين، إضافة الى "النصيرية" أي العلويين ما يعني أن منطقة جبل محسن في طرابلس شمالي لبنان أصبحت أيضا مهددة بأن تطالها التفجيرات.
سلفية جهادية
وأعلن أبو سياف مبايعته لأبي عمر البغدادي في خطاب مسجل بث مباشرة على الإنترنت، وحمل رسائل في اتجاهات عديدة داخلية وخارجية.
وقال الخبير في الجماعات الإسلامية عمر بكري فستق للجزيرة نت، إنه بانتظار أن يعلن البغدادي موقفه فإما أن يعلن الأنصاري والياً على لبنان أو يصبح ما لدى هؤلاء مجرد أمان من أشخاص محليين لكن أهدافهم غير محلية.
وأوضح فستق أن خطاب أبي سياف الذي يريد إقامة الإمارة الإسلامية والقتال من أجلها، هو أول ظهور لجماعة إسلامية في لبنان تحمل خطاب تنظيم القاعدة والسلفية الجهادية الحقيقي، مميزاً في هذا الشأن بينه وبين خطاب كتائب عبد الله عزام التي تطالب فقط بانسحاب حزب الله من سوريا وإطلاق عدد من الإسلاميين من السجون.
وتساور فستق شكوكاً كثيراً حول تبني تنظيم الدولة الإسلامية والنصرة لتفجيري حارة حريك وتفجير الهرمل شرقي لبنان، معتبراً أن التبني لم يكن واضحاً، وأن طابوراً خامساً أو أجهزة مخابرات قد تكون وراء هذه التفجيرات لأن هذا ليس أسلوب السلفية الجهادية.
وأضاف أن أفعال السلفية الجهادية تسبق أقوالها في العادة وهذا لا ينطبق على جماعة أبي سياف ما يعني أنه يجب الانتظار لبعض الوقت حتى تتضح الصورة.
رفض سني
وكان لافتاً في بيان جبهة النصرة الجمعة الماضية توجهه مباشرة إلى أهل السنة في لبنان ودعوتهم إلى عدم السكن أو التواجد في المناطق الخاضعة لحزب الله.
وقد استدعى ذلك من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الموجود خارج لبنان، إصدار بيان أعلن فيه رفض أهل السنة أن يكونوا جزءًا من "حرب حزب الله والقاعدة"، ورفضهم استهداف المدنيين في أي منطقة.
واعتبر محمد الحجار -النائب عن تيار المستقبل في حديث للجزيرة نت- أن "الرد على إجرام النظام السوري ومن يدور في فلكه لا يكون باعتماد أساليبه بقتل الأبرياء أو التهديد بقتلهم في أي منطقة داخل لبنان".
وأردف قائلاً إن التفجيرات الانتحارية هي عمل مدان مهما كان مذهبها أو لونها أو صفتها لأنها تستهدف أبرياء لا حول لهم ولا قوة.
وقال إن التهديدات التي صدرت مشكوك فيها وبأهدافها لأنها تريد أخذ اللبنانيين رهائن في حرب لا علاقة لهم بها من جهة، وتخدم مآرب المحور السوري الإيراني الذي يدعي أنه يحارب الإرهاب ويحاول انتزاع توكيل دولي بهذا الخصوص، من جهة ثانية.