غوطة دمشق الشرقية.. مائة يوم من الحصار

بعض الخضروات المتوفرة في أسواق عربين في الغوطة الشرقية
undefined

 سلافة جبور-دمشق

حاول رجل سوري مسن من غوطة دمشق الشرقية، الخروج من حاجز المليحة في المنطقة. أوقفه عنصر من قوات النظام وقال له "انحنِ وقبّل حذائي كي أسمح لك بالخروج". همّ العجوز بالانحناء فركله العنصر قائلاً "اذهب بعيداً، عندما تركعون لنا سنسمح لكم بالخروج".

فجميع المداخل المؤدية إلى غوطة دمشق الشرقية مغلقة، لا دخول ولا خروج. أكثر من مائة يوم من الحصار الخانق، حيث تمنع الحواجز التابعة للنظام دخول أي مواد غذائية أو طبية، كما تمنع خروج المدنيين المحاصرين، وترتفع الأسعار في مدن وبلدات الغوطة لتبلغ حداً يعجز أغلب السكان الذين يعانون أوضاعاً معيشية صعبة عن تحمله.

ولا تقتصر أبعاد الحصار على ارتفاع الأسعار وصعوبة تأمين الطعام، بل تتعداه إلى أمور أخرى كثيرة لا تقل أهمية، كتوقف أغلب المرافق والخدمات عن العمل، وظهور أمراض تصعب معالجتها أو الحد منها.

"خبز سكان الغوطة"
وعن الوضع المعيشي يقول مسؤول العلاقات العامة لقطاع المرج في المكتب الإغاثي الموحد، محمد العبد لله، للجزيرة نت، إن أغلب المواد الغذائية لم تعد في متناول يد سكان الغوطة، إذ يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الأرز أو البرغل ألفي ليرة سورية (أي ما يعادل 14 دولاراً أميركياً).

أما الطحين المتوفر فهو طحين شعير أو تبن أو صويا وسعر الكيلوغرام حوالي 600 ليرة سورية (4 دولارات)، ومن يملك بعض النقود يستطيع شراء طحين ممزوج من الشعير والتبن مع بعض القمح بسعر 1200 ليرة (8 دولارات). وينعكس كل ذلك على عدم توفر الخبز إلا فيما ندر، فاستبدله أهل الغوطة بورق الملفوف والذي أصبح يدعى "خبز سكان الغوطة" ليرتفع سعر الكيلوغرام إلى 150 ليرة (دولار واحد).

‪‬ انقطاع التيار الكهربائي في الغوطة الشرقية منذ أكثر من عام كامل(الجزيرة)
‪‬ انقطاع التيار الكهربائي في الغوطة الشرقية منذ أكثر من عام كامل(الجزيرة)

ويؤكد العبد الله أن أغلب سكان الغوطة هم مزارعون توقفت أعمالهم لأسباب كثيرة أهمها عدم توفر الوقود اللازم للزراعة، وخسروا الجزء الأكبر من مدخراتهم، كما خسر بعضهم منازله نتيجة قصف قوات النظام المستمر.

والنتيجة، هناك عائلات بأكملها لا تأكل بشكل يومي، ومنها تأكل وجبة واحدة كل يومين، وطعام الكثير من العائلات اقتصر على مربى المشمش ومادة قمر الدين، حسب العبد الله.

ويؤكد أبو نادر من تنسيقية عربين في الغوطة الشرقية كلام العبد الله، ويقول للجزيرة نت، إنه "منذ عام توقفت أعمال معظم سكان الغوطة ونفدت مدخراتهم وحتى المواد الغذائية التي كانت بحوزتهم. كنا نعمل بالمثل القائل خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود، لكن الأيام السود طالت وامتد أجلها دون أن نرى حلاً في الأفق".

آثار سلبية
وللحصار آثاره السلبية الأخرى التي لا تقل خطورة عن صعوبة تأمين الطعام. يقول محمد العبد الله، إن الكثير من الأعراض المرضية بدأت بالظهور على معظم سكان الغوطة، كنقص التغذية والتهاب الأمعاء، والتهاب الأعصاب وضعف الأسنان بسبب نقص الفيتامينات، فلا وجود للحليب ومشتقاته كما أن اللحوم أصبحت مرتفعة السعر.

ويضيف "أن أغلب المرافق العامة توقفت عن العمل بسبب عدم توفر المحروقات. لم نعد قادرين على القيام بأي عمليات جراحية سوى الإسعافية، أو العناية بمرضى الكلى أو الربو أو الأطفال حديثي الولادة. حتى سيارات الإسعاف لم تعد قادرة على العمل واستعضنا عنها بوسائل أخرى كالدراجات الهوائية أو العربات".

ومن آثار الحصار السلبية كذلك -بحسب أبو نادر- انتشار حالات السرقة والتسول بين الأطفال والنساء بسبب الفقر والحاجة. ويروي أبو نادر حكاية "سرقة وقتل لامرأة مسنة قام بها أحد أقاربها بهدف سرقة ما تملكه من ذهب ونقود".

المصدر : الجزيرة