القضاء المصري محايد أم يخدم الانقلاب؟

موقف القضاء يثير قلقا بالغا قي مصر
undefined
عمر الزواوي-القاهرة 

أثارت دعوة جبهة استقلال القضاء لرفض الانقلاب ممثلي السلطة القضائية لإعلان انهيار النظام القضائي في مصر -رسميًا- جدلا واسعا حول تقييم أداء السلطة القضائية منذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013.

وبينما يرى رافضو الانقلاب العسكري أن السلطة القضائية أصبحت أداة طيّعة في يد السلطة الحالية يسلطها على معارضيها ويتم من خلالها إصدار أوامر اعتقال بحقهم ملصقا بهم تهما جنائية، يرى مراقبون وحقوقيون أنه رغم الفساد الذي تعاني منه السلطة القضائية فإن القسم الأكبر من القضاة مستقلون ويعملون بعيدا عن أيدي السلطة الحاكمة.

ودعت جبهة "استقلال القضاء" في بيان أصدرته إلى إعلان انهيار القضاء وعدم تمكن القضاة من إقرار سيادة القانون في ظل انعدام استقلال القضاء نتيجة الانتهاكات الممنهجة لسلطة الانقلاب، وهو ما اعتبره بعض المراقبين مبالغة في تشويه صورة القضاء المصري.

‪شحاتة: جبهة استقلال القضاء بالغت في المطالبة بإعلان انهيار القضاء‬ (الجزيرة نت)
‪شحاتة: جبهة استقلال القضاء بالغت في المطالبة بإعلان انهيار القضاء‬ (الجزيرة نت)
شواهد حقيقية
ووفق المرصد المصري للعدالة والقانون، فقد بلغ عدد المعتقلين من رافضي الانقلاب ثمانية آلاف معتقل منذ يوليو/تموز 2013 وحتى الآن، وجميعهم يحالون إلى النيابة في قضايا واتهامات تدور معظمها في التحريض على القتل ومقاومة السلطات وحيازة أسلحة وليس اعتقالات.

ويرى رئيس المركز العربي للنزاهة والشفافية أن جبهة استقلال القضاء بالغت في المطالبة بإعلان انهيار القضاء لأنه لا توجد شواهد حقيقية على الأرض تؤيد تلك الدعوة، لاسيما وأن هناك العديد من المطالبات من قبل منظمات ومراكز حقوقية بضرورة أن تعمل السلطة القضائية على تطهير نفسها من الفساد الموجود بها.

ويضيف شحاتة محمد شحاتة للجزيرة نت أن فساد بعض القضاة لا يعني انهيار المنظومة القضائية في مصر لأن ذلك يهدم أحد أهم أركان الدولة، في حين أن أكثر من 75% من القضاة لديهم حيادية ونزاهة في عملهم ولا يخضعون لتأثير السلطة التنفيذية.

ويتفق عضو هيئة قضايا الدولة المستشار نور الدين علي مع رؤية شحاتة في كون السلطة القضائية بمصر في معظمها مستقلة، ولا تخضع لتأثيرات مباشرة من السلطة الحاكمة.

 
‪علي: القضاء سيسعى للابتعاد عن الصراع السياسي بأسرع ما يمكن‬ (الجزيرة نت)
‪علي: القضاء سيسعى للابتعاد عن الصراع السياسي بأسرع ما يمكن‬ (الجزيرة نت)

صاحب العصمة
وقال المستشار علي إنه بالرغم من وجود بعض الفساد بها إلا أن 90% من القضاة -من وجهة نظره- مستقلون في عملهم بعيدا عن يد السلطة التنفيذية.

واستطرد في حديثه بالقول إن المشكلة الأساسية في العلاقة بين القضاء وجماعة الإخوان المسلمين هي اختلاف الأيديولوجية التي تنطلق منها مرجعية القضاء باعتباره صاحب العصمة والسلطة الأعلى بين السلطات، في حين حاول الإخوان تقليص صلاحياتها انطلاقا من أيديولوجيتهم التي لا يقبلها القضاة.

ويضيف علي للجزيرة نت أن القضاء سيسعى إلى الابتعاد عن الصراع السياسي بأسرع ما يمكن لأن المبادئ التي نشأ عليها ومارس عمله من خلالها تدعوه إلى البعد عن الصراعات السياسية وألا يصبح طرفا فيها، وهو ما سيحرص عليه خلال مرحلة ما بعد الاستفتاء.

ياسر حمزة:
ممارسات القضاء على أرض الواقع تكشف عن تسيسه واستغلال سلطة الانقلاب له في اتخاذ إجراءات عقابية ضد معارضيها تحت غطاء قانوني وقضائي

قضاء مُسيس
في المقابل، يرى معارضو الانقلاب العسكري أن سلطة الانقلاب استغلت القضاء ليصبح شريكا في السلطة من خلال مشاركة رئيس المجلس الأعلى للقضاء في اجتماع إعلان بيان عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/ تموز 2013، وأيضا بتعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد.

ويقول الخبير القانوني وعضو اللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة (المنبثق عن الإخوان المسلمين) إن ممارسات القضاء على أرض الواقع تكشف عن تسيسه واستغلال سلطة الانقلاب له في اتخاذ إجراءات عقابية ضد معارضيها تحت غطاء قانوني وقضائي.

ولفت ياسر حمزة إلى أن إهدار حقوق المتهمين من معارضي الانقلاب ومنعهم من الحصول على أبسط حقوق العدالة -وفقا للمعايير الدولية- والإفراط في استخدام الحبس الاحتياطي بحقهم ورفع الحد الأقصى لمدة هذا الحبس، كل ذلك يلقي بظلال من الشك حول السلطة القضائية ومصداقيتها ونزاهتها.

وعن الأمثلة التي تدلل على عدم استقلالية القضاء وتبعيته لسلطة الانقلاب، قال حمزة إن هناك عشرات من البلاغات الرسمية التي قدمت بخصوص المجازر التي ارتكبت ضد المعارضين بأحداث المنصة والحرس الجمهوري وميادين رابعة العدوية والنهضة ورمسيس ومسجد الفتح وغيرها.

وأضاف الخبير القانوني بحزب الحرية والعدالة أنه وبالرغم من ذلك لم تطلب النيابة العامة بالتحقيق في تلك البلاغات، في حين يُحاكم أطفال ونساء بتهم حمل ملصقات أو أدوات تحمل إشارة رابعة.

المصدر : الجزيرة