قضية حلايب تعود من جديد

خريطة مصر موضح عليها مثلث حلايب

undefined

عماد عبد الهادي-الخرطوم
 
عادت قضية مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليها بين السودان ومصر لتطل برأسها من جديد، وتفتح بابا لخلافات ظلت مجمدة بين الخرطوم والقاهرة، وتنذر بمرحلة جديدة من التوتر بعد نجاح دبلوماسية البلدين في تجاوز خلافات عميقة سابقة.

وبحسب متابعين، فإن قضية المثلث ظلت تعلو وتهبط وفق تطورات السياسية السودانية المصرية ورؤى نظامي الحكم في الخرطوم والقاهرة.

وكان الوزير بالرئاسة السودانية الرشيد هارون أكد سودانية المثلث بنسبة 100%، مشيرا إلى وجود مقترح لجعلها منطقة تكامل بين البلدين، لكنه قطع بأن السودان "في حال حدوث نزاع مع القاهرة سيلجأ للمجتمع الدولي، لحسم الأمر بالتي هي أحسن.

بينما ردت الخارجية المصرية عبر المتحدث باسمها بدر عبد العاطي بأن الأزمة مع السودان بشأن حلايب وشلاتين "أمر مفروغ منه لأن حلايب وشلاتين مصرية 100% ولا مجال للجدال بشأن ذلك الأمر".

وقال في تعليق له إن الدولة المصرية تمارس أعمال السيادة المصرية على المثلث، ولن تقبل بحلول وسط للأزمة مع السودان.

‪إبراهيم أكد قبول حزب مؤتمر البجا‬ (الجزيرة نت)
‪إبراهيم أكد قبول حزب مؤتمر البجا‬ (الجزيرة نت)

الجمود النسبي
وأثارت تصريحات مسؤولي الدولتين مخاوف كثير من المتابعين من إمكانية انزلاق العلاقات بين الدولتين من حالة الجمود النسبي إلى تدهور لم يحسب حسابه عند الطرفين.

وتساءلوا عما إذا كان توقيت التصعيد -الملف المعلق منذ عقدين- مناسبا ومدى علاقته بفشل مباحثات إثيوبيا ومصر بشأن سد النهضة الإثيوبي، واتهام الأخيرة للخرطوم -تلميحا- بدعم الموقف الإثيوبي.

لكن المتحدث الرسمي باسم حزب "مؤتمر البجا" عصمت علي إبراهيم يرى أن موقف الحكومة السودانية المؤكد لسودانية حلايب "ثابت وداعم لحق البجا في أراضيهم المحتلة".

ونأى عصمت في حديثه للجزيرة نت عن التعليق في التصريحات الحكومية المتبادلة بين السودان ومصر، لكنه أكد قبول حزب مؤتمر البجا بمقترح التكامل في حلايب شريطة تحديد تبعية المنطقة أولا.

ويقول إن إثارة الموضوع من حين لآخر "لا تعدو أن تكون رد فعل لأشياء أخرى معينة، متوقعا توصل الخرطوم والقاهرة لحل ودي للأزمة بدلا من اللجوء للتحكيم الدولي".

ومن جهته، يشير أستاذ القانون الدولي المتخصص في قضايا النزاعات والحدود الدولية بخاري الجعلي إلى إمكانية التوصل لحل وفاقي بين البلدين "إذا ما حسنت نواياهما".

واستبعد في تعليقه للجزيرة نت معالجة النزاع المزمن بين البلدين الشقيقين لرفض القاهرة اللجوء إلى حل النزاع القائم عن طريق الاتجاه لتحكيم دولي لفضه "لأن التحكيم الدولي أو حتى اللجوء لمحكمة العدل الدولية لا يتسنى إلا بموافقة الطرفين معا".

‪الجعلي: من الممكن التوصل لحل توافقي‬ (الجزيرة نت)
‪الجعلي: من الممكن التوصل لحل توافقي‬ (الجزيرة نت)

الظروف الراهنة
وأشار أنه لما للبلدين من روابط ووشائج عميقة "لا يستطيع أي منهما إنكارها"، فإنه لا مناص أمامهما إلا السعي لحل وفاقي.

ودعا الجعلي -كما أمل أيضا من غير ذوي الدراية والتخصص في مثل هذه الأمور، سواء في مصر أو السودان- ألا يقحموا أنفسهم في مثل هذه القضايا الحساسة".

أما آدم محمد أحمد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري فيعتقد أن المشهد الإعلامي الحالي بين البلدين بشأن حلايب ظل يتكرر على الدوام "لأن القضية عادة ما تثار من أحد الطرفين عندما تسوء العلاقات بينهما".

وقال إن "العلاقات بين السودان ومصر تفتقد الآن الحميمية بفعل مجموعة من الخلافات التي من بينها كيفية التعامل مع ملف مياه النيل وسد النهضة الإثيوبي".

وأكد أن السودان كان دائما ما يبادر بإثارة القضية المعلقة "قبل مصر التي تحتل المنطقة وتتعامل مع أمرها بسياسة الأمر الواقع، مشيرا إلى أن مصر دائما ما ترد بعنف على التصريحات السودانية كما حدث الآن".

واستبعد إمكانية تأزم العلاقات بين البلدين بفعل التصريحات النارية المتبادلة بين مسؤولي الخرطوم والقاهرة "لأن السودان لن يصعد القضية حرصا على عدم التوتر مع مصر في ظل الظروف الراهنة"، داعيا إلى إيجاد إطار مختلف للتعامل بشكل نهائي مع القضية التي وصفها بالمعقدة بعيدا عن التصريحات.

المصدر : الجزيرة