مشاورات الأزمة بتونس لا تفضي لحلّ

جانب من اجتماع بين ممثلي الترويكا (يمين) مع المنظمات الراعية للحوار (يسار)
undefined

خميس بن بريك-تونس

رفضت أحزاب المعارضة في تونس أحدث مقترح قدّمه الائتلاف الحاكم يقضي باستقالة الحكومة بعد انطلاق حوار مباشر بين الفرقاء، للتوافق على نقاط منها تشكيل حكومة غير حزبية تشرف على الانتخابات المقبلة، كمخرج للأزمة القائمة منذ أكثر من شهر.

وقدّم الائتلاف الحاكم -الذي تقوده حركة النهضة وحزبا المؤتمر والتكتل- أمس مقترحا للاتحاد العام التونسي للشغل وثلاث منظمات أخرى راعية للحوار، ويتمثل في الموافقة على استقالة الحكومة في أجل وجيز شريطة الشروع أوّلا في حوار "بناء" بين الفرقاء.

وطالب الائتلاف بأن يتفق الفرقاء -بصفة مسبقة خلال حوار وطني- على تركيبة الحكومة الجديدة ومهامها، وعلى الانتهاء من تشكيل هيئة الانتخابات وتحديد موعد الانتخابات المقبلة، مقابل أن تلتزم الحكومة الحالية بالاستقالة خلال شهر من بدء الحوار.

كما طالب بعودة النواب المنسحبين لاستئناف أعمال المجلس الوطني التأسيسي، إلى حين المصادقة على الدستور وصياغة قانون الانتخابات، ومواصلة مراقبة أعمال الحكومة لحين الانتهاء من تنظيم الانتخابات المقبلة، الأمر الذي رفضته أحزاب المعارضة.

‪الرياحي: الترويكا تنازلت للمعارضة بقبولها طلب استقالة الحكومة لتسوية الأزمة‬ (الجزيرة)
‪الرياحي: الترويكا تنازلت للمعارضة بقبولها طلب استقالة الحكومة لتسوية الأزمة‬ (الجزيرة)

قبول الاستقالة
وبشأن مقترح الترويكا الحاكمة، يقول القيادي بحزب التكتل المولدي الرياحي إن الترويكا "تنازلت" للمعارضة بقبولها طلب استقالة الحكومة لتسوية الأزمة، لكنه شدّد على ضرورة أن تتم تلك الاستقالة "وفق مسار زمني محدد لاستكمال الانتقال بنجاح".

وأضاف الرياحي -في حديث للجزيرة نت- أنّ الترويكا وافقت على تشكيل حكومة كفاءات في وقت يصل لأربعة أسابيع من بدء الحوار بعدما كانت المدّة شهرين بمقترح سابق، ودعا المعارضة للجلوس على مائدة الحوار خلال يوم أو يومين.

ومن جهته، يقول القيادي بحركة النهضة رياض الشعيبي إنّ مقترح الترويكا يتمثل في استقالة الحكومة خلال مدّة زمنية "مرنة" تكون كافية للمجلس التأسيسي لينهي فيها كتابة الدستور وصياغة قانون الانتخابات وإتمام إنشاء الهيئة المشرفة عليها وتحديد موعد إجرائها.

وأوضح الشعيبي -في حديث للجزيرة نت- أنّ الترويكا لا تمانع في تشكيل "حكومة انتخابات" بعد الاتفاق على استكمال الانتقال بسرعة، مشيرا إلى أنّ مهمة الحكومة الجديدة "التي ستعمل تحت رقابة المجلس التأسيسي" تتمثل في تصريف الأعمال وإجراء انتخابات شفافة.

‪الرحوي: الترويكا الحاكمة تواصل سياسة الهروب إلى الأمام لربح مزيد من الوقت‬  (الجزيرة)
‪الرحوي: الترويكا الحاكمة تواصل سياسة الهروب إلى الأمام لربح مزيد من الوقت‬  (الجزيرة)

اقتراح مرفوض
ورغم أن المعارضة تراجعت تقريبا عن حلّ المجلس التأسيسي، وظلّت تطالب باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة محايدة تشرف على الانتخابات، فإن مقترح تشكيل "حكومة انتخابات" تعمل تحت رقابة المجلس التأسيسي "أمر مرفوض" بالنسبة إليها.

هذا الرفض جاء على لسان القيادي بحزب نداء تونس المعارض الطيب البكوش -خلال مؤتمر صحفي لجبهة الإنقاذ التي تضمّ فصائل متنوعة للمعارضة- إذ أكد أن هذا المقترح "مرفوض" ويعكس "غياب" الإرادة السياسية للخروج من الأزمة.

وفي السياق نفسه، يقول النائب المعارض المنسحب من المجلس التأسيسي والقيادي بحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد منجي الرحوي، إنّ الترويكا الحاكمة تواصل "سياسة الهروب إلى الأمام لربح مزيد من الوقت والتغلغل في مفاصل الدولة".

وأكد الرحوي -في حديث للجزيرة نت- أن المعارضة طرحت على الحكومة إمكانية الاستقالة "فورا وبشكل مشرّف" عقب اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو/تموز الماضي، مشيرا إلى أنّ "هناك غضبا شعبيا عارما سيأتي على الأخضر واليابس في الأيام القادمة لقلع الحكومة".

وتستعد المعارضة السبت المقبل -الذي يتزامن مع ذكرى أربعينية البراهمي- لحشد أنصارها للمطالبة بإقالة الحكومة ومسؤوليها.

‪الشعيبي: المعارضة تريد منا الاستسلام لأنها لا تمتلك مبادرات جدية ولا شعبية بالشارع‬  (الجزيرة)
‪الشعيبي: المعارضة تريد منا الاستسلام لأنها لا تمتلك مبادرات جدية ولا شعبية بالشارع‬  (الجزيرة)

الوسيط يحذر
وفي المقابل، يقول القيادي بحركة النهضة رياض الشعيبي إنّ المعارضة تطالب من الترويكا الاستسلام لإملاءاتها، مشيرا إلى أنها "لا تمتلك مبادرات جدية ولا شعبية في الشارع". وأكد أنّ الترويكا قدّمت "تنازلات مهمة" بموافقتها على الاستقالة من أجل التوافق "بحثا عن مصلحة البلاد".

وبين هذا وذاك عبّر الأمين العام لاتحاد الشغل -الذي تدور المفاوضات على أساس مبادرة طرحها تقضي باستقالة الحكومة والإبقاء على المجلس الوطني التأسيسي- عن أسفه لعدم التوصل إلى اتفاق نهائي ينهي الأزمة. وحذر من أنه سيكشف حقيقة الأطراف التي تعطّل الحوار دون تقديم تفاصيل.

وينتظر أن يلقي رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر اليوم الأربعاء خطابا حول المفاوضات الجارية للخروج من الأزمة السياسية، علما بأنه كان قد علق نشط المجلس التأسيسي يوم 6 أغسطس/آب الماضي لحين انطلاق الحوار الوطني المتعطل.

المصدر : الجزيرة