فنادق دمشق تمتلئ بالنازحين بدل السياح

جانب من الدمار الذي طال مدينة دوما بريف دمشق.
undefined

في موسم الصيف الذي يضج عادة بالمصطافين العرب القادمين إلى دمشق، امتلأت فنادق العاصمة السورية بأعداد كبيرة من النزلاء الذين نزحوا من محافظات أخرى هربا من العنف والقصف، وباتت فنادق حي المرجة الشعبي ملجأ لعائلات النازحين الذين يشغلون غرفا لا تتجاوز مساحتها 15 مترا مربعا يضطرون فيها لإعداد الطعام في الحمامات.

وفي أحد هذه الفنادق المتواضعة، تستعيد هناء ذكريات منزلها القديم في حي بستان الديوان وسط حمص، وتقول هذه الأرملة البالغة من العمر ثلاثين عاما إن منزلها الذي كان يحوي فناء جميلا دمر بالكامل، ما دفعها للتنقل مع أولادها الثلاثة بين ثلاثة فنادق، لينتهي المطاف بالعائلة الصغيرة في غرفة ضيقة تلتصق فيها أربعة أسرة مقابل جهاز التلفزيون، وهي تلجأ إلى الطبخ في الحمام.

وتتابع هناء قائلة "عندما أفكر في الأوضاع، يكاد رأسي ينفجر. في بعض الأحيان، لجأت إلى الحبوب المهدئة"، ثم تسرد تفاصيل قتل زوجها بعد أن خطفه مجهولون، مما دفعها لتقبل المعونات من بعض المحسنين ودفع أكبر أبنائها للعمل في تحضير النراجيل بأحد المقاهي.

ويقول موظفو الفندق إن النازحين القادمين من حمص وريف دمشق يشغلون معظم غرفه، بعد أن كان السياح الإيرانيون يشغلونه في السنوات السابقة عند قدومهم لزيارة مقام السيدة زينب بدمشق.

لزيارة صفحة الثورة السورية اضغط هنا
لزيارة صفحة الثورة السورية اضغط هنا

متسولون
وفي غرفة أخرى، يتحدث أبو عامر عن المحل الذي كان يمتلكه في حمص لبيع الهواتف الخليوية، ثم يتأمل في وضعه الحالي عندما يستقبل المعونة من مؤسسة خيرية قائلا "نشعر بأننا متسولون".

ويقضي أبو عامر وأصدقاؤه النازحون من حمص أوقاتهم كل يوم في لعب الورق حول الطاولات الفارغة بمطعم الفندق الذي يفتقر للخدمة، بينما يضج بهو الفندق بلهو الأطفال الذين يبحثون عن أي فرصة للعب على السلالم أو أرضية الرواق.

ويؤكد مالكو غالبية هذه الفنادق الشعبية على تخفيض أجورها بعد أن هجرها السياح، كما يتحدث بعضهم عن استضافة النازحين مجانا، لكنهم مضطرون أيضا لتغطية بعض المصاريف، إذ يقول أبو عامر "كنا ندفع 25 ألف ليرة سورية شهريا (قرابة 125 دولارا)، لكن الفندق يطالبنا حاليا بثلاثين ألف ليرة نظرا لارتفاع أسعار المازوت".

وبالرغم من ذلك، ما زالت غالبية النازحين إلى العاصمة تفضل هذا النمط من الحياة على أن يختبروا مرارة اللجوء إلى دول أخرى، إذ تقول هناء "على الأقل نحن في بلدنا".

ومنذ بدء الثورة السورية قبل نحو عامين ونصف العام، وصل عدد النازحين داخل البلاد إلى 4.25 ملايين شخص، إضافة إلى أكثر من مليوني لاجئ في الدول المجاورة، وذلك بحسب إحصاءات أعلنتها الثلاثاء المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، واصفة الأمر بأنه "كارثة إنسانية مشينة (…) لم يشهدها التاريخ الحديث".

المصدر : الفرنسية