تزكية سعيداني انتصار لجناح بوتفليقة

عمار سعيداني خلال الندوة الصحفية
undefined
ياسين بودهان-الجزائر
 
أثار موضوع تزكية عمار سعيداني أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) نقاشا سياسيا بالجزائر، يتعلق بأبعاد وأسباب انتصاره على خصوم أقوياء ونافذين في السلطة، ودور الرئيس بوتفليقة في ترجيح الكفة لصالحه، وكذا مستقبل الحزب ودوره السياسي، قبل نحو ستة أشهر من انتخابات الرئاسة.

ويذهب بعض المحللين إلى القول إن تزكية عمار سعيداني، الذي شغل في وقت سابق منصب رئيس البرلمان، جاءت بهدف الوقوف في وجه المرشح المحتمل للرئاسة علي بن فليس غريم بوتفليقة في انتخابات 2004.

يأتي ذلك على اعتبار أن الأزمة السياسية، التي شهدها الحزب بعد سحب الثقة من عبد العزيز بلخادم، كانت بين تيارين رئيسيين: الأول يمثل جناح الرئيس الشرفي للحزب بوتفليقة، والثاني يمثل جناح رئيس الحكومة الأسبق الذي شغل منصب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، قبل أن تعصف به خلافاته مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بسبب الانتخابات الرئاسية.

يتساءل الكثيرون عن مستقبل الحزب ودوره في المرحلة الراهنة والمقبلة في ظل القيادة الجديدة (الجزيرة نت)
يتساءل الكثيرون عن مستقبل الحزب ودوره في المرحلة الراهنة والمقبلة في ظل القيادة الجديدة (الجزيرة نت)

مستقبل الحزب
ويتساءل الكثير من المتتبعين عن مستقبل الحزب وعن دوره خلال المرحلة الراهنة والمقبلة في ظل القيادة الجديدة باعتباره حزب الأغلبية البرلمانية وحزب السلطة الأول، إلى جانب حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يشهد هو الآخر سيناريو مشابها لما عاشه الأول.

ويقول رئيس تحرير يومية الشاهد عبد الحميد عثماني للجزيرة نت إن "اسم عمار سعيداني كان متداولا منذ فترة لتبوؤ الأمانة العامة للحزب"، وإن "صدور رخصة وزارة الداخلية مع التحفظات القانونية والتنظيمية القائمة، والتئام شمل اللجنة المركزية بهذه السرعة رغم حدة الخلافات، وما صاحب ذلك من إجراءات قضائية على مستوى المحكمة الإدارية ومجلس الدولة، ثم دخول الغالبية الساحقة بيت الموالاة والبيعة في لمح البصر"، كل ذلك يؤشر بشكل واضح على أن "مصالح رئاسة الجمهورية تدخلت بشكل مباشر وقوي في عقد الدورة من جهة، وفي فرض المرشح سعيداني من جهة أخرى".

ويضيف "كما تعمدت (مصالح الرئاسة) عدم ترك أية فرصة للمناورة أمام المناوئين قصد إفشال مسعى هيمنة فريق الرئيس الحالي على خيار وقرار الحزب فيما يتعلق بالرئاسيات القادمة".

وهو ما يشير حسب عثماني إلى أن "الكفة تميل حتى الآن إلى جناح الرئيس، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الرسالة المشفرة التي ألقى بها الأمين العام الجديد، حينما صرح علنا بأن الصراع في الحزب يرتبط بنزاع في أعلى هرم النظام على رئاسيات 2014 "، وهو كلام غير مسبوق -وفق عثماني- لدى بلخادم أو عبد الرحمان بلعياط، اللذين نفيا مرارا مثل هذه التفسيرات والقراءات السياسية.

وبالمقابل يشير عثماني إلى أنه حتى لو حسمت جماعة الرئيس المعركة لصالحها، فإن الوقت ما زال مبكرا بشأن تفوق الرئيس بوتفليقة في صراعه مع الجناح الأمني للسلطة، لأن الوجه الثاني لأحزاب الحكم الرئيسية (التجمع الوطني الديمقراطي) لم تتضح بعد ملامح الولاء والقيادة عليه، إلى جانب موقف بعض الأحزاب الإسلامية والديمقراطية التي قد تتخندق لاحقا في الصراع.

عثماني توقع مصيرا سيئا للحزب لضعف القيادة الجديدة (الجزيرة نت)
عثماني توقع مصيرا سيئا للحزب لضعف القيادة الجديدة (الجزيرة نت)

تكريس للواقع
وتوقع عثماني مصيرا سيئا للحزب، والسبب في ذلك برأيه هو أن القيادة الجديدة ضعيفة على كافة المستويات السياسية والفكرية والتنظيمية، واعتبرها "تكريسا للواقع الذي ثار بسببه الغاضبون على بلخادم"، لكن حسب عثماني فإن فرض سعيداني أمر مدروس حتى تبقى الجبهة تحت تصرف أصحاب الشأن.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر الدكتور العالي عبد الرزاق للجزيرة نت إن دور عمار سعيداني بعد تسميته أمينا عاما لحزب جبهة التحرير الوطني، قبل نحو ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية، هو تزكية المرشح المقرب من عبد العزيز بوتفليقة، وإقصاء كل مشرح محتمل باسم حزب جبهة التحرير الوطني لا يريده بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ويضيف عبد الرزاق ستعين المؤسسة العسكرية الأمين العام الجديد لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، ويُرشح اسم وزير التربية الأسبق أبو بكر بن بوزيد المقرب من المصالح (في إشارة إلى المخابرات) لتولي هذا المنصب.

وسيكون بن بوزيد مرشح المؤسسة العسكرية للانتخابات الرئاسية المقبلة، ويتوقع عبد الرزاق أن يصل هذان المرشحان إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، وفي الأخير سيكون هناك اتفاق بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية على هوية الرئيس المقبل للجزائريين.

المصدر : الجزيرة