العودة للمدارس بسوريا وسط مخاوف الأهالي

Internally displaced children walk in a school playground in Zayta February 27, 2013. In Zayta, where pictures of Syrian President Bashar al-Assad hang in schools and public buildings, people describe the fighting as self-defence against Sunni rebels driven by hardline jihadi ideology who used to drive into the village, waving their guns and threatening the residents. Residents say they formed armed groups, known as "Popular Committees" to defend their lives and their land. Picture taken February 27, 2013. To match Feature SYRIA-CRISIS/BORDER REUTERS/Rami Bleibel (SYRIA - Tags: CONFLICT POLITICS EDUCATION)
undefined

انطلق اليوم الأحد العام الدراسي الجديد في سوريا، وسط تزايد مخاوف الأهالي من الأخطار المحدقة بإرسال أبنائهم إلى المدارس في بلد يشهد حرباً أهلية منذ نحو عامين ونصف.

ويفضل أغلب سكان دمشق إرسال أطفالهم إلى مدارس في ذات الحي بحيث تكون قريبة من منازلهم في حال حصول أي طارئ، و"ما أكثر هذه الطوارئ" حسبما يقول أبو حسان القادري المقيم في منطقة المجتهد بوسط العاصمة.

ويعمل أبو حسان الذي يعول أربعة أطفال -ثلاثة منهم في المدارس الحكومية- ليل نهار ليؤمن تكاليف معيشة الأسرة.

ويقول إن "حصول انفجار قريب أو سقوط  قذائف متفرقة، قد يدفع الأهالي إلى أن يهرعوا إلى المدارس لجلب أطفالهم والاطمئنان عليهم، ووجود هذه المدارس في الحي ذاته يسرع من هذه العملية.. لا شك أنا مثل كل الأهالي أخاف على أبنائي من التفجيرات أو الاشتباكات".

ويضيف "لولا تواجد مدارس قريبة إلى منزلي لكنت فكرت عدة مرات قبل الموافقة على إرسال أبنائي إلى المدارس، حتى لو أوقفتهم عن الدراسة.. حمايتهم من الخطر أولى بالنسبة لي وأهم".

ويرى أبو حسان الذي يعمل صباحاً موظفاً بمرتب شهري وبعد الدوام في أعمال حرة وهو في عقده الخامس، أن الحرب فتكت بكل مناحي الحياة في سوريا.

وتشاطر سهى طرابيشي أبو حسان رأيه في بعض القضايا حيث إنها أعادت تسجيل ابنها الذي بلغ الصف الثالث في مدرسة قريبة من منزلها، رغم أنها تقر بأن مستوى التدريس فيها أقل من مدرسته القديمة، لكنها أقرب.

وتقول ربة المنزل المقيمة في منزل بمنطقة باب شرقي إن "المخاوف من الضربة الأميركية لا تزال ماثلة، مع أنها تضاءلت كثيراً حالياً، وكنت مترددة إزاء البقاء في البلد في الآونة الأخيرة".

ويقول أبو حسان إن "خوفي ليس ناتجا فقط من ضربة خارجية تقول أميركا إنها ضد النظام، إنما أيضاً أخاف من الفوضى والتفجيرات المحلية".

وقالت سهى أيضا "الخوف لا يكون من الضربة بحد ذاتها بقدر ما يكون من رد فعل الأطراف على الأرض، من ناحية استغلال مقاتلي المعارضة لها والهجوم على العاصمة، وما يتبع ذلك من اشتباكات وقصف متبادل بين السلطة والمعارضة".

كما تحتار كارولين مطر في الإجابة لدى سؤالها عن نيتها إرسال ابنها إلى المدرسة، خاصة مع تصاعد العنف في المنطقة التي تقيم بها، وهي منطقة العباسيين القريبة من حي جوبر الذي يشهد قصفاً واشتباكات متصاعدة.

وتقول كارولين "قبل فترة سقطت إحدى قذائف الهاون في مكان قريب من إحدى المدارس"، وتضيف متسائلة "لا أحد يعلم متى وأين ستسقط القذيفة التالية".

أولياء أمور يصطحبون أبناءهم إلى المدرسة(الجزيرة)
أولياء أمور يصطحبون أبناءهم إلى المدرسة(الجزيرة)

نار الأسعار
العديد من الأطفال بشكل عام ينتظرون عودة المدارس بفارغ الصبر، فعطلة الصيف لم يتمتعوا بها بالشكل الطبيعي بسبب تشدد الأهالي في التزام أبنائهم المنزل أغلب الوقت، وعدم الخروج بشكل مستمر على خلفية الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد.

ولم تكن المخاوف الأمنية الهاجس الوحيد لدى الأهالي، فارتفاع أسعار اللوازم المدرسية من لباس وغيره مع انخفاض الدخل وقلة العمل أدى إلى اكتفاء الأهالي بالحد الأدنى منها، وسط عدم قدرة الكثيرين -لاسيما المهجرين منهم- على تأمين هذا الحد الأدنى.

وقال مازن العويد -وهو أب لطفلين في الصفين الرابع والخامس، وقد نزح هو وعائلته من منطقة الذيابية بريف دمشق الجنوبي إلى ضاحية قدسيا القريبة من الشام الجديدة- إن "مستلزمات الحياة الجديدة من أجرة منزل إضافة إلى بعض الحاجيات والأغراض تلتهم الراتب كله، ولا تترك أي شيء للمصاريف الإضافية.. نحن نعيش بالكفاف ويوماً بيوم".

ويقدر مازن الذي يعمل في سوق الحريقة التجاري وهو في عقده الثالث تقريباً، أن كلفة تأمين اللوازم المدرسية لطالب واحد لا تقل عن 15 ألف ليرة، بينما لا يتجاوز الراتب 20 ألفاً.

وتشهد أسعار الأدوات المدرسية من دفاتر وأقلام وغير ذلك ارتفاعا كبيرا يصل إلى تقريبا خمسة أضعاف ما كانت عليه سابقا قبل موجات جنونية متلاحقة من ارتفاع الأسعار وتضخم العملة بعد هبوطها أمام العملات الأجنبية، بينما لم تزد رواتب موظفي القطاع العام خصوصا عن 50%.

ومن ناحيتها، أكدت وزارة التربية السورية مرارا أنها اتخذت كافة الإجراءات والاستعدادات لبدء العام الدراسي الجديد، دون التطرق إلى الإجراءات التي ستتبع في حال حدوث طوارئ أمنية.

ويقابل الاستعدادَ الحكومي المبهم خوفٌ وتوجس من بعض الأهالي الذين يرون أنه لا مناص من إرسال أطفالهم إلى المدارس حتى لا تفوتهم أعوام دراسية قد لا تعوض لاحقاً إذا استمر تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد، وشمل الصراع مناطق جديدة.

ويقبل مئات الآلاف من الطلبة من كل الصفوف هذا العام على المدارس مع غياب عدد كبير منهم بسبب التهجير أو الدمار والفوضى الحاصلة نتيجة للأحداث التي تشهدها البلاد. 

المصدر : الألمانية