هل تدخل دمشق تحت البند السابع؟

The United Nations Security Council discusses violence against journalists on July 17, 2013 in New York City. The Security Council heard four journalists speak on the high level of attacks on reporters and photojournalists covering conflict, most recently while documenting Syria's civil war. John Moore/Getty Images/AFP== FOR NEWSPAPERS, INTERNET, TELCOS & TELEVISION USE ONLY
undefined

علي صبري-الجزيرة نت

نزعت المبادرة الروسية بشأن "الكيميائي" السوري فتيل الضربة العسكرية لسوريا، وإن مؤقتا، لتبدأ لعبة المكر الدبلوماسي بين الكتلتين المؤيدة والمعارضة للنظام السوري، حول مشروع فرنسي لبحث المسألة تحت البند السابع في مجلس الأمن، وهو ما ترفضه موسكو وتكتفي بنزع السلاح الكيميائي السوري.

وسارع طرفا الأزمة التي خلقتها خطة أوباما لتوجيه ضربة عسكرية لترسانة السلاح الكيميائي، بتلقف المبادرة التي أطلقتها موسكو بوضع السلاح الكيميائي السوري تحت المراقبة الدولية تمهيدا لتدميره.

وأبدت الولايات المتحدة وأطراف عدة في معسكرها ارتياحا لموافقة دمشق السريعة على المبادرة الروسية، وإن أبدى البيت الأبيض حذره من عدم التزام نظام الأسد بتصريحاته المرحبة.

ويوحي إعلان موسكو تسليمها واشنطن خطتها لوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت رقابة دولية تمهيدا لبحثها غدا الخميس في جنيف، بجدية روسيا في تنفيذ مبادرتها لتجنب مصالحها في سوريا من التدمير.

تبدي باريس حماسا شديدا للحد من القوة العسكرية للنظام السوري (الفرنسية)
تبدي باريس حماسا شديدا للحد من القوة العسكرية للنظام السوري (الفرنسية)

وتسعى روسيا من خلال نشاطها الدبلوماسي الإيجابي لإنجاح مبادرتها إلى تغيير صورتها على الساحة الدولية، وعودتها للفعل المؤثر في القرار الدولي بعد أن عزلت خارج هذه الدائرة منذ اندلاع الأزمة السورية، وتعززت هذه العزلة بعد القصف الكيميائي على غوطة دمشق.

وقد بلغ التوتر ذروته بين بوتين وأوباما في قمة سان بطرسبرغ الروسية، وبدت القمة كساحة صراع بين الزعيمين الأميركي والروسي، إلا أن المبادرة الروسية أذابت كثيرا من الجليد الذي انتصب بين الرجلين، وباتا يلتقيان على المبادرة ويعتبرانها انفراجة للأزمة الدولية.

وتضغط روسيا من أجل تعزيز دورها الإيجابي العالمي على دمشق للتوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية، وهو ما يتطلع له الغرب الآن، باستمرار الدور الروسي في نزع فتيل هذه الأزمة.

البند السابع
إلا أن المشروع الفرنسي لبحث مصير السلاح الكيميائي السوري تحت البند السابع في مجلس الأمن فتح باب معركة سياسية ودبلوماسية جديدة، وهو بمثابة تحويل المبادرة السياسية إلى قرار ملزم بقوة مجلس الأمن، الذي يخوله هذا البند باللجوء إلى القوة في فرض قراراته بموجب ميثاق الأمم المتحدة.

وتقضي مسودة القرار الفرنسي بأن تفتح دمشق على الفور جميع المواقع المرتبطة بأسلحتها الكيميائية أمام مفتشي الأمم المتحدة، تحت طائلة التعرض لإجراءات عقابية محتملة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وجاء في المسودة أن مجلس الأمن يعتزم "في حالة عدم تقيد السلطات السورية ببنود هذا القرار، تبني مزيد من الإجراءات الضرورية بموجب الفصل السابع". ويقول دبلوماسيون في المنظمة الدولية إن الإشارة إلى هذا الفصل جعلت موسكو تحجم عن مساندة المسودة الفرنسية.

تبدو موسكو ودمشق أكثر ارتياحا بعد تفعيل المبادرة الروسية بشأن الكيميائي السوري(الأوروبية)
تبدو موسكو ودمشق أكثر ارتياحا بعد تفعيل المبادرة الروسية بشأن الكيميائي السوري(الأوروبية)

فقد أعلنت روسيا رفضها إصدار قرار دولي وفق الفصل السابع، وقالت إنها ستقدم مشروعا يكتفي بوضع هذه الأسلحة تحت إشراف دولي، في حين أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم استعداد النظام لتوقيع معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية.

ورد متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أن باريس مستعدة لتعديل مسودتها التي تخير سوريا بين التخلي عن السلاح الكيميائي ومواجهة تحرك عسكري ضدها، بعد الاعتراض الروسي على مسودة المشروع. وهو ما يعني صعوبة هذا المسار في ظل الفيتو الروسي المعهود إلى جانب نظام بشار الأسد.

تجربة العراق
تحذير خبراء التسليح من أن عملية تأمين ترسانة أسلحة الرئيس السوري بشار الأسد الكيميائية مهمة عسيرة للغاية في الوقت الراهن وباهظة التكلفة وتستغرق سنوات، قد يشير إلى تكرار سيناريو التفتيش الأممي على أسلحة الدمار الشامل العراقية التي امتدت سنوات طويلة، وكانت تفتح لجان التفتيش ملفا تلو الآخر، في سلسلة من عمليات التفتيش التي يمكن أن تمتد بحسب رغبة المفتشين.

وقد بقي العراق يرزح تحت وطأة البند السابع لأكثر من 23 عاما، ولم يرفع إلا مؤخرا بقرار من مجلس الأمن الدولي في 28 يونيو/حزيران 2013.

ويهوِّل الإعلام الغربي من القدرات العسكرية غير التقليدية للنظام السوري، كما كان يروِّج عن الجيش العراقي كرابع أقوى جيش في العالم ومن أفضلها تسليحا، لتبرير الحشد الدولي الواسع لضربه.

ويتحدث الإعلام الغربي اليوم عن ترسانة أسلحة الدمار الشامل السورية بآلاف الرؤوس الحربية والصواريخ، فضلا عن مئات الأطنان من المواد السامة السائلة المخزنة في شتى أنحاء سوريا، في ظل التهويل من القدرات العسكرية للبلد المستهدف.

ونوهت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية بأن "سوريا لديها ثالث أكبر ترسانة أسلحة كيميائية في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا اللتين بدأتا بالفعل في تدمير مخزونهما، فضلا عن أنها تمتلك كميات هائلة من غاز الأعصاب المميت "سارين" جنبا إلى جنب مع غاز الخردل ومواد سامة أخرى".

المصدر : الجزيرة