انقسام بتونس حول شرعية الحكومة

محيط المجلس الوطني التأسيسي يشهد توافدا كبيرا لمعارضي الحكومة
undefined

خميس بن بريك-تونس

رغم أن حركة الشارع في تونس تبدأ بالتلاشي مع اقتراب موعد الإفطار في شهر رمضان، يبدو المشهد مغايرا تماما بساحة باردو بالعاصمة حيث يتدفق المعتصمون بمحيط المجلس الوطني التأسيسي -أعلى سلطة منتخبة- للمطالبة بحله، وفي الطرف المقابل يحتشد أنصار الحكومة "لتثبيت الشرعية".

وتفصل الأسلاك الشائكة بين الفريقين الذين تزايدت بينهما حدة الانقسام بعد أزمة أججتها توترات أمنية واغتيالات تسببت في انسداد الحوار بين المعارضة العلمانية والحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية ذات التوجهات المعتدلة كما تصف نفسها.

وغير بعيد عن ساحة الاعتصام، كانت الشوارع شبه مقفرة قبل أذان المغرب، وبالاقتراب من محيط المجلس يتغير المشهد حيث تظهر أفواج كبيرة من المعتصمين رافعين أعلام تونس ولافتات معادية للحكومة، بينما ينشغل جزء منهم بتوزيع وجبات الإفطار على المعتصمين.

ورغم الإرهاق الذي يشعرون به، فإن عددا كبيرا من المعتصمين ومن بينهم نواب بالمجلس الوطني التأسيسي جمدوا عضويتهم للمطالبة برحيله، يفضلون الإفطار في ساحة الاعتصام خارج منازلهم بانتظار أن يلتحق بهم آلاف المتظاهرين في السهرة فتضج الأجواء بالهتافات.

وحتى انبلاج الفجر من كل يوم تردد حناجر المتظاهرين الغاضبين من تكرر الاعتداءات على الجيش ومن اغتيال ثان لأحد زعماء المعارضة، العبارة الشهيرة في الثورة "ارحل.. ارحل" رافعين شعارات معادية لحركة النهضة التي تمتلك أغلبية مقاعد المجلس التأسيسي.

‪المعارضون يتهمون الحكومة وحركة النهضة بالالتفاف على الثورة‬ (الجزيرة نت)
‪المعارضون يتهمون الحكومة وحركة النهضة بالالتفاف على الثورة‬ (الجزيرة نت)

إسقاط الحكومة
بلال الشابي أحد الشبان المعتصمين قال للجزيرة نت إنه لن يقبل بأقل من إسقاط الحكومة الحالية، متهما حركة النهضة بالسعي للاستحواذ على السلطة والالتفاف على المطالب الحقيقية للثورة والوقوف وراء الاغتيالات والعنف لنشر الخوف والذعر بين صفوف التونسيين، وفق تعبيره.

ويشاطره الرأي الشاب ياسر زنطور الذي يرابط منذ بداية اعتصام "الرحيل" بساحة باردو قبل خمسة أيام للمطالبة بإسقاط الحكومة التي يتهمها بالفشل في تسيير شؤون الدولة "التي استفحلت في عهدها أزمات لم تعشها البلاد في تاريخها المعاصر مثل الاغتيالات"، كما يقول.

في الطرف المقابل بدا الغضب جليا في أقوال بعض المتظاهرين المؤيدين للحكومة المنتخبة منذ ما يزيد عن عام ونصف، حيث عبر العديد منهم عن امتعاضهم من دعوات المعارضة لحل المجلس التأسيسي الذي أوشك على الانتهاء من كتابة الدستور وانتخاب هيئة الانتخابات.

ويرفع المتظاهرون الإسلاميون الذين يقولون إنهم تعرضوا للاضطهاد في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي شعارات داعمة لشرعية المجلس التأسيسي، وتتعداها لتأييد شرعية الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.

ويحتشد المؤيدون بكثافة كل ليلة بعد الإفطار في الجهة المقابلة مرددين هتافات صاخبة مثل "تونس لا يوجد فيها سيسي.. والشرعية للتأسيسي".

‪مؤيدو الحكومة يهتفون: تونس لا يوجد فيها سيسي.. والشرعية للتأسيسي‬ (الجزيرة نت)
‪مؤيدو الحكومة يهتفون: تونس لا يوجد فيها سيسي.. والشرعية للتأسيسي‬ (الجزيرة نت)

خراب تونس
أحد مساندي "الشرعية" توفيق بن كامل قال للجزيرة نت إن المعارضة اليسارية "تسعى لتدمير البلاد بدعوتها إلى حل المجلس التأسيسي"، واصفا ذلك بأنه "خراب لتونس"، خاصة أن المجلس شارف على الانتهاء من وضع الدستور لإجراء الانتخابات نهاية هذا العام.

من جهته يقول عبد الحميد الطرودي المنسق العام للائتلاف الوطني لدعم الشرعية إن الهدف من الاعتصام "ليس التناظر الميداني أو المزايدة السياسية"، مؤكدا أنه يهدف "للدفاع عن الشرعية حتى لا تسقط البلاد في الفوضى".

ويرفض الطرودي دعوة المعارضة للعصيان المدني، واعتبر المطالبة بحلّ المجلس التأسيسي والحكومة "ستزيد من حالة التوتر والاحتقان وتعطيل مصلحة التونسيين"، وطالب بالابتعاد عن الحسابات الحزبية وتغليب لغة الحوار.

وعلى وقع هذا التجاذب تستمر حالة الانسداد السياسي بين الحكومة والمعارضة، حيث تصر الأخيرة على تشكيل حكومة إنقاذ غير حزبية تترأسها شخصية مستقلة وتشكيل لجنة خبراء لإنهاء وضع الدستور، إضافة إلى مراجعة التعيينات الإدارية وفق ما قاله النائب المعارض عصام الشابي عن الحزب الجمهوري للجزيرة نت.

بالمقابل ترفض حركة النهضة فكرة حل أو استقالة الحكومة، وفقا لما أكده للجزيرة نت عضو مجلس الشورى بالحركة رياض الشعيبي.

وأعاد الشعيبي التذكير باقتراح النهضة مع أحزاب أخرى بتشكيل حكومة وفاق وطني لتسريع عمل المجلس التأسيسي والانتهاء من وضع الدستور في ظرف وجيز يسمح بإجراء الانتخابات نهاية هذا العام.

المصدر : الجزيرة