مأزق حماس بعد عزل مرسي

يعد معبر رفح بوابة غزة على العالم الخارجي وهي البوابة الوحيدة التي لا وجود لإسرائيليين فيها
undefined

ذهب محللون سياسيون إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تواجه تحديا كبيرا بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي وسقوط حكم الإخوان المسلمين الذي قد يكون له -كما يقولون- نتائج كارثية على الحركة التي قد تضطر لاتخاذ مواقف أكثر مرونة تجاه علاقتها مع الجماعة والوضع القادم في مصر.

وقال أستاذ العلوم السياسية والتاريخ في جامعة الأزهر بغزة مخيمر أبو سعدة إن ما حصل في مصر "له نتائج كارثية على حماس لم تكن تتوقعها".

وكانت حماس قد أقامت احتفالات غير مسبوقة في قطاع غزة الذي تسيطر عليه فور الإعلان عن فوز مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية قبل عام واحد. وسمح هذا الفوز للحركة بتعزيز علاقتها مع جماعة الإخوان، وعقدت عدة لقاءات بين مرسي ورئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل ورئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية، وحصل تعاون رسمي على المستوى الاقتصادي والأمني.

ويرى أبو سعدة أن الأسوأ لحماس هو أن عزل مرسي جاء بعد موجة تحريض في الإعلام المصري ضد الحركة يحمّلها مسؤولية المشاركة في الأحداث، ويضيف أنه "بغض النظر عن صحة هذه الأخبار، خسرت حماس التعاطف الشعبي المصري وبالتالي مع الشعب الفلسطيني وغزة والذي كان سلاحا قويا زمن حسني مبارك".

من جهته، يرى المحلل السياسي هاني حبيب أن الإطاحة بحكم مرسي شكل ضربة للإخوان المسلمين في كل مكان خصوصا في قطاع غزة. وأشار إلى "صدمة" لدى قيادة الحركة، موضحا أن "هذا ما يبرر اجتماعاتها المتتالية لدراسة معمقة للنتائج المترتبة على ما حدث في مصر، لأن حماس تدرك المنحنى الهائل والخطير في الأيام القادمة عليها بسبب دعمها وعلاقتها بالإخوان".

وقد حرص هنية في خطبة الجمعة على التأكيد أن ما جرى لن ينعكس سلبا على سياسة مصر تجاه قطاع غزة والقضية الفلسطينية، وقال "لا خوف على القضية الفلسطينية ولا خوف على المقاومة ولا خوف على غزة، فمصر عمقنا، وبلادنا العربية والإسلامية عمقنا".

ويشير حبيب إلى أن "الوضع الأمني في سيناء سيتخذ مبررا للضغط على حماس من زوايا عديدة"، مثل هدم وإغلاق الأنفاق التي تشكل شريانا مهما لقطاع غزة وحماس ولتنقلات قادة الحركة عبر البوابة الوحيدة وهي معبر رفح.

ويتوقع المحلل السياسي مصطفى الصواف تأثر العلاقة بين حماس وقيادة مصر، "لكن لن تصل إلى درجة السوء التي سادت العلاقة زمن حكم مبارك".

ويشير الصواف إلى أن الملف الفلسطيني ملف أمني، والجهة المسؤولة عنه هي المخابرات العامة بمصر والتي لم تتغير في زمن مبارك ولا في ظل حكم مرسي، وبالتالي هي تعرف جيدا كيفية التعامل مع ملف فلسطين وغزة وحماس.

‪هنية: ما جرى لن ينعكس سلبا على غزة‬  (الجزيرة-أرشيف)
‪هنية: ما جرى لن ينعكس سلبا على غزة‬ (الجزيرة-أرشيف)

ويرى أن هذا الملف محكوم وفقا لسياسة مرسومة ومحددة، مشيرا إلى أن "حماس تعاملت مع نظام مبارك وبإمكانها التعامل مع أي نظام جديد، والقيادة المصرية تعرف أن ما روجه الإعلام المصري ضد حماس ليس صحيحا ولن تبني عليه سياساتها ومواقفها". 

وقال مصدر مطلع في القاهرة لوكالة الصحافة الفرنسية إن موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس غادر مع فريقه القاهرة التي يقيم فيها مؤقتا الأسبوع الماضي.

ويقول الصواف إن ملف فلسطين يمثل ورقة رابحة في يد أي قيادة بمصر، "لذا سيكون هناك -بالنسبة للقيادة المصرية كما بالنسبة لحماس- حرص كبير على بقاء العلاقة".

حصار غزة
أما المحلل هاني حبيب فيرى أن مواطني قطاع غزة سيكتوون بنار الإجراءات كإغلاق الأنفاق مع اقتراب شهر رمضان، ويقول "لا مؤشرات على أن هذا الوضع سيتغير قريبا بسبب الوضع الصعب والانشغال بالشأن الداخلي بمصر".

وقد أغلقت كافة الأنفاق المنتشرة على طول الحدود الفلسطينية المصرية قبل عشرة أيام، مما أدى إلى نقص حاد في السلع والمواد المهربة إلى القطاع المحاصر منذ ست سنوات، خصوصا الوقود ومواد البناء وبعض السلع الغذائية، بينما يهدم الجيش المصري الذي عزز وجوده على الحدود عددا من الأنفاق.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة عدنان أبو عامر أن ما يجري في مصر "شأن فلسطيني بامتياز وليس فقط شأنا مصريا بالنسبة للفلسطينيين، لأنه يؤثر مباشرة على الوضع الفلسطيني والقطاع"، متوقعا علاقة "فاترة وباردة" بين حماس ومصر، ومشيرا إلى أن العلاقة مع القاهرة "علاقة جوار إجبارية".

وقال أبو عامر إن إغلاق معبر رفح والأنفاق قد يستمر إلى أجل غير مسمى، مما سيؤدي إلى أزمة اقتصادية خانقة في القطاع. أما أبو سعدة فيتوقع أن تواجه حماس شحا في الدعم المالي ونقصا في المواد والإمدادات بأشكالها وعزلة سياسية.

لكن الأخير يعتبر أن الوقت لم يفت لخروج حماس من المأزق بأقل الخسائر، معتبرا أن ذلك يتم بأن يتعاملوا سياسيا لا أيدولوجيا. وأضاف أن "حماس ليست مجبرة على أن تبقى مع الإخوان، فهم كانوا حلفاء للنظام السوري في ظل قمع الإخوان بسوريا".

المصدر : الفرنسية