ما رأي الشارع المصري بخطاب السيسي؟

مواطنين مصريين في الشارع
undefined

عبد العظيم محمد الشيخ-القاهرة

منذ إطاحته بالرئيس المنتخب محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز والفريق أول عبد الفتاح السيسي يبدي حرصاً على التأكيد على أن قراره لم يكن انقلاباً عسكريا بل نزولا عند رغبة الشارع. ولذلك جاء خطابه أمس الأربعاء الذي دعا فيه المصريين للنزول إلى الشارع لمنح الجيش تفويضاً للتصدي لما سماه العنف والإرهاب، ليؤكد ذلك الحرص.

وبعد أن فرغ السيسي من إلقاء خطابه، تجولت في شوارع القاهرة لأتلمس رد فعل المواطن على دعوة قائد جيشه ووزير الدفاع في الحكومة الجديدة.

ولمست في جولاتي تباينا في وجهات النظر يعكس الانقسام الحاد في المشهد السياسي المصري.

كان أول من التقيته الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، علاء البحّار، الذي علّق قائلاً إن الخطاب يعكس "حالة الفزع والرعب" التي يعيشها السيسي في الفترة الأخيرة خاصة بعد فشل الانقلاب على حد تعبيره.

علاء البحار:
السيسي بدأ يتهاوى، كل من كانوا يدعمونه بدؤوا يتخلون عنه، وما امتناع حركة 6 أبريل وحزب النور على سبيل المثال عن النزول إلى الشارع بناء على دعوة الفريق إلا دليل عل ذلك

وقال إن السيسي بدأ يتهاوى، وكل من كانوا يدعمونه بدؤوا يتخلون عنه وما امتناع حركة 6 أبريل وحزب النور على سبيل المثال عن النزول إلى الشارع بناء على دعوة الفريق إلا دليل على ذلك.

ودعا البحّار القوات المسلحة إلى التخلص من السيسي "لأنه يقود البلاد نحو حرب أهلية".

ويعتقد أحمد ترك -الخبير في الشؤون العربية والدولية بوكالة أنباء الشرق الأوسط- أن دعوة النزول إلى الشارع جاءت في وقت غير مناسب، لأن الشارع يعيش الآن حالة احتقان.

أما لماذا جاءت الدعوة في توقيت غير مناسب فلأنها -برأي ترك- تتزامن مع مليونية كانت جماعة الإخوان المسلمين قد دعت إليها قبل أن يلقي السيسي خطابه.

ووصف ترك الدعوة بأنها "تحريضية وتحمل طابع التهديد"، وتساءل "أي إرهاب ذلك الذي يقصده السيسي؟ هل يقصد بها الإخوان المسلمين أم تفجيرات سيناء؟".

وحذر الخبير في الشؤون العربية من أن دعوة السيسي هذه قد تحدث نتيجة عكسية فيتعاطف الشارع تدريجيا وعلى المدى البعيد مع جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها ضحية لظلم وقع عليها.

وفي ميدان رابعة العدوية، التف حولي عدد من أنصار مرسي وظلوا يهتفون بحماس للرئيس المعزول وينددون بالسيسي. يقول عمر مختار أمين -وهو من قرية تلات بمركز الفيوم- إنهم ظلوا مرابطين في الميدان منذ أول يوم للاعتصامات، مضيفا أن دعوة السيسي للشعب المصري لن تخيفهم طالما أن الحق معهم، حسب تعبيره.

وفي حي الدقي التقيت مواطنا عرّف نفسه على أنه أسامة عزمي، الذي أبدى حماسا لدعوة السيسي وتأييدا بلا تحفظ لخطوته تلك.

‪من المؤيدين لدعوة السيسي‬ الجزيرة)
‪من المؤيدين لدعوة السيسي‬ الجزيرة)

بيد أنه مع ذلك أبدى تخوفا من أن يستغل الجيش نزول الجماهير إلى الشارع استجابة لدعوة السيسي في إجلاء المعتصمين من جماعة الإخوان المسلمين وحلفائهم من الميادين بالقوة الجبرية الأمر الذي قد ينتج عنه اشتباكات عنيفة.

وقال عزمي -وهو صاحب فندق صغير في أحد أحياء الجيزة- إن الخطاب لم يحدد الطريقة التي سيتصدى بها الجيش للعنف والإرهاب ومن هم المقصودون بذلك.

محمود فتحي مواطن بسيط يقطن في أرض اللواء وهو أحد الأحياء الشعبية، يتعاطف هو الآخر مع الدعوة قائلا إنه يتمنى أن يتمكن من النزول إلى الشارع تأييدا للسيسي.

وأضاف أن الإخوان المسلمين استغلوا مناخ التسامح في البلاد فاستمرؤوا الاعتصام في الميادين وإغلاق الشوارع وتعطيل مصالح الناس.

أما مصطفى طارق الذي يعمل في قطاع السياحة ويسكن في حي شبرا مصر فقد أبدى لا مبالاة وعدم اكتراث بدعوة السيسي.

وقال إنه لا يؤيد أيا من طرفي الصراع الدائر، لأن كلا الطرفين يضمان في صفوفهما عناصر وصفها بالسيئة والفاسدة ولا تعمل لمصلحة البلد بل جريا وراء مصالحها الشخصية.

وفي ميدان التحرير الذي بدا شبه خالٍ من المناوئين لمرسي عدا بضعة أشخاص توزعوا على الخيام المنتشرة هناك، أجابني شاب في العشرينيات من عمره وهو يحمل صورة الفريق أول السيسي، أنه ظل يأتي إلى الميدان منذ 30 يونيو/حزيران وسينزل الجمعة المقبل إلى الشارع لدعم الجيش وقائده.

ورغم هذا الانقسام الواضح في رأي الشارع، ظلت بعض قنوات التلفزة المحلية تبث لقاءات مع مواطنين في شوارع القاهرة أبدوا حماسا للنزول إلى الشارع يوم الجمعة تأييدا للسيسي، في حين واصل أنصار الرئيس المعزول اعتصامهم في ميدان رابعة العدوية للتنديد بالخطاب والمطالبة بعودة الشرعية.

كثيرون ممن حاولت استطلاع آرائهم رفضوا الحديث، بعضهم بحجة أنهم لا يخوضون في السياسة، والبعض الآخر أحجم عن البوح برأيه بذريعة أنه يحتفظ بقراره لنفسه.

ويبقى القول على كل حال إن الجماهير المصرية عوّدتنا ومنذ سقوط الرئيس الأسبق حسني مبارك في 25 يناير/كانون الثاني على المفاجآت، ففي كثير من الأحيان وبينما يتوقع المراقبون حشودا ضخمة في الشوارع تخيب توقعاتهم، وأحيانا أخرى تمتلئ الميادين والشوارع عن آخرها بملايين البشر في وقت لم يكن أحد يتوقع ذلك.

المصدر : الجزيرة