هل تغرق مصر في الفوضى والعنف؟

صورة لقتلى وجرحى في مصر
undefined

سيد أحمد الخضر 

بعد اتهام هيومان رايتس ووتش الجيش المصري باستخدام قوة مميتة ضد المعتصمين واعتقال مئات السياسيين وحرمانهم من حقوقهم القانونية، بات الخوف مشروعا من عودة مصر إلى حقبة ما قبل الثورة بحيث يتوغل الجهاز الأمني في الحياة السياسية، مما يغيب فاعلية القضاء ويلغي دولة المؤسسات والقانون.

ومع تأكيد المنظمات الحقوقية الدولية وجود حالات اختفاء قسري في مصر واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين والزج بالمعارضين للنظام الجديد في السجون، يخشى العديد من المراقبين من تدهور الوضع الأمني في مصر إلى حد الخروج عن السيطرة، مما يهدد بانزلاق البلاد في الفوضى والعنف.

خبير القانون الدولي الإنساني الدكتور فوزي أوصديق يرى أن الإجراءات التي يتخذها الجيش المصري تنتهك القانون بشكل صارخ، وقد تفضي إلى اتساع دائرة العنف وجر مصر إلى مزيد من الفوضى والاضطراب.

قتل المتظاهرين
ويعتبر أوصديق أن القوات المسلحة المصرية تخلت عن مسؤوليتها في حماية المتظاهرين السلميين إلى قتلهم والزج بهم في السجون، بمجرد ممارستهم لحقوق كفلها لهم الدستور المصري ونصت عليها المواثيق الدولية. 

وما دامت المنظمات الدولية التي تحظى بالمصداقية أكدت أنها تمتلك أدلة تدين الجيش المصري، فإن بإمكان المتضررين مقاضاته أمام المحاكم الدولية والمجلس العالمي لحقوق الإنسان، لأن القضاء المحلي أصبح أحد أدوات النظام الجديد في اعتقال المدنيين ومصادرة حرياتهم، بحسب أوصديق.

وكانت منظمة هيومن رايتس اتهمت الجيش المصري باستخدام قوة مميتة ومفرطة لتفريق المعتصمين أمام الحرس الجمهوري، واعتقال المئات من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، وحرمانهم من حقوقهم القانونية، وتحدثت عن خشيتها من أنّ ظروف احتجاز المعتقلين قد تصل إلى حد الاختفاء القسري بعد رفض تزويد العائلات بأي معلومات عن مكان ومصير ذويهم.

‪أوصديق قال إن الانقلاب أعاد مصر إلى حقبة ما قبل الثورة‬ (الجزيرة)
‪أوصديق قال إن الانقلاب أعاد مصر إلى حقبة ما قبل الثورة‬ (الجزيرة)

وفي ظل الإجراءات التي يقوم بها الجيش المصري حاليا، يقول أوصديق إنه لم يعد واردا وصف مصر بأنها دولة قانون، لأن المواطن يعتقل على خلفيته انتمائه السياسي أو ممارسته لحق التظاهر السلمي.

ويذكّر أوصديق بأن النظام الأمني المصري لديه باع طويل في ممارسة الانتهاكات والتمالؤ عليها، قائلا إن "الانقلاب الذي نفذه الجيش المصري ضد الشرعية والإرادة الشعبية أعاد مصر إلى حقبة ما قبل ثورة 25 يناير".

ردع الجنرالات
ويدعو أوصديق المنظمات الدولية إلى تبني قرارات تردع جنرالات مصر إذا لم يكفوا عن قمع المدنيين وملء السجون بالسياسيين، قائلا إن الاتحاد الأوربي بدا أقل حزما تجاه ما يجري في مصر من نظيره الأفريقي.

وكان الاتحاد الأفريقي قد أدان ما سماه الانقلاب على الشرعية في مصر وجمد عضويتها في كل هيئاته، بينما دعت المنسقة العليا للشؤون السياسية والأمنية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون للإفراج عن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي والسياسيين الآخرين المعتقلين ما لم تكن هناك تهم موجهة إليهم.

أما نائب رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عبد الوهاب القصاب فيشدد على رفض أي اعتقال خارج إطار القانون، وضرورة أن تكون القوات المسلحة والأجهزة ضامنة لأمن الشعب، بعيدا عن الانشغال بالسياسة والتخندق لصالح أي من الأطراف المتنازعة في مصر.

ويقول القصاب إن قتل المتظاهرين أمام دار الحرس الجمهوري المطالبين بتحرير مرسي "جريمة قانونية يجب على الجيش أن يجري تحقيقا حولها ويكشف عن أسماء الجنود الذين أطلقوا الرصاص على الناس".

ويضيف القصاب أنه كان يتمنى أن لا يتورط الجيش المصري في السياسة والشأن العام، وأن ينحاز دائما لمصلحة الشعب كما فعل في ثورة 25 يناير، قائلا إن القوات المسلحة مهمتها الأصلية حماية الحدود وليس قمع وقتل المتظاهرين.

استقطاب وتحريض
بيد أن القصاب يرى أن الجيش وحده لا يتحمل المسؤولية حول ما يجري في مصر، إنما هناك استقطاب سياسي حاد وتحريض على العنف والانقسام من الطرفين، وخصوصا من جانب بعض قيادات الإخوان المسلمين، بحسب تعبيره.

‪نور: النظام الجديد يعتقل الأشخاص دون سند قانوني‬ (الجزيرة)
‪نور: النظام الجديد يعتقل الأشخاص دون سند قانوني‬ (الجزيرة)

وينبه القصاب إلى أن أيا من الطرفين المتنازعين في مصر لا يمكنه إلغاء الآخر، مما يحتم الجنوح للحوار والبحث عن حل وسط يحفظ مصر من الضياع والانزلاق في الفوضى والفشل.

ويبدو أن الغضب من ممارسات الجيش المصري لم يعد يخص مؤيدي الرئيس المعزول، حيث اعتبر رئيس حزب غد الثورة أيمن نور أن النظام الجديد بدأ بإشارات غير جيدة مثل إغلاق القنوات الإعلامية واعتقال أشخاص من دون سند قانوني.

ووصف رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح حكومة حازم الببلاوي بأنها مسيسة وغير محايدة وبلا صلاحيات، قائلا إنها تمثل مزيجا من تيار سياسي واحد وبعض بقايا نظام مبارك مع مجموعة من الضباط.

المصدر : الجزيرة