توقع رفض بري وساطة صبرا حول القصير

قطاعات عريضة من الشارع اللبناني أبدت تعاطفها مع ما يجري في القصير
undefined

جهاد أبو العيس-بيروت

استبعدت أوساط مقربة من حركة أمل في لبنان استجابة رئيس الحركة ورئيس مجلس النواب نبيه بري لطلب رئيس الائتلاف الوطني السوري بالوكالة جورج صبرا التدخل والتوسط الإيجابي، لفتح ممر آمن لأكثر من ألف جريح -400 منهم في حالة حرجة- موجودين داخل مدينة القصير السورية.

وكان صبرا قد خاطب بري في رسالة متلفزة بصفته "الإنسانية والحزبية والسياسية"، مناشدا إياه التدخل "لانعدام ما يفي من إسعافات داخل المدينة والمساعدة لفتح ممر آمن لعبور الجرحى إلى سوريا أو لبنان". وقال صبرا لبري إن انعدام التدخل أو تأخره سيؤدي إلى وقوع "مجزرة بين النساء والأطفال من شأنها تخريب العلاقات المستقبلية لفترة طويلة، وهي أمانة بعنقك وأعناقنا ولا أستطيع تصور أنك لن تلقي لها بالا".

وقد لقي نداء صبرا لبري موجة رفض من شرائح وقطاعات وشخصيات من داخل وخارج الائتلاف الوطني السوري، إلى جانب مطالبته إما بسحب البيان والنداء أو تقديمه على أنه مبادرة شخصية ذاتية لا تمثل الثورة السورية.

استحالة التدخل
وأجمع محللون ومراقبون على استحالة تدخل بري وحركة أمل في موضوع المناشدة، بالنظر إلى حالة وقوة التحالف مع حزب الله، وتبني الحركة وزعيمها بصورة شبه كاملة لمبررات وقرارات الحزب في التدخل في القتال إلى جانب النظام السوري.

بري لم يحدد موقفه على الفور من طلب صبرا (الفرنسية-أرشيف)
بري لم يحدد موقفه على الفور من طلب صبرا (الفرنسية-أرشيف)

ويرى هؤلاء أن من شأن التدخل والوساطة أن تصب لصالح المعارضة المسلحة التي تواجه صعوبة كبرى في الدفاع عن مدينة القصير، وأن تحرج بري أمام حزب الله الذي قدم العشرات من قوات نخبته بين قتيل وجريح في معاركه الدائرة لاسترداد المدينة الإستراتيجية.

من جهته استبعد أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية حسن جوني قبول بري التدخل والاستجابة لنداء صبرا، معتبرا أن خطاب الأخير ما هو إلا "تسجيل موقف سياسي ليس أكثر، لأن فحوى الرسالة فيها اتهام بعدم الإنسانية وعدم مراعاة ظروف جرحى القتال، وهو اتهام غير موجود".

تصريح سياسي
ولفت جوني -المقرب من حركة أمل- إلى أن التصريح سياسي بحت ولا يمت إلى المسألة الإنسانية بصلة، مؤكدا أن بري لن يتدخل في شؤون دولة أخرى لديها طواقم إسعاف وطنية لديها حس إنساني وجيش نظامي لديه رعاية واهتمام بالجرحى.

وقال في تصريح للجزيرة نت إن القيادة السورية لديها من حكمة التعاطي ما يغنيها عن تدخل الرئيس بري، مشيرا إلى أن التضامن الإنساني من طرف بري سيبقى موجودا لما عرف عنه من دور كبير في هذه القضايا، مذكرا بموقفه السياسي المعارض من توجه ونهج ومسار الائتلاف السوري.

وحول سؤال التوسط لدى حزب الله في هذا الإطار، قال إن "حزب الله لديه مبادئ إنسانية معروفة وهو المشهود له بالتعاطي الإنساني حتى أثناء الحرب.. أعتقد بأن حزب الله ليس مقصرا ولا متهما بهذا الإطار حتى ينتظر وساطة من الرئيس بري لإنقاذ الجرحى".

صبرا حذر من مجازر في القصير(الجزيرة-أرشيف)
صبرا حذر من مجازر في القصير(الجزيرة-أرشيف)

أما المستشار الإعلامي السابق لبري عرفات حجازي فقال إنه "لو وجد ضرورة وحاجة للتدخل فإنه لن يتأخر"، لافتا إلى عدم تيقنه من وصول الرسالة والنداء إليه حتى يرد عليه بالسلب أو الإيجاب.

وقال حجازي للجزيرة نت إن "مما هو معروف عن الرئيس بري الصراحة والوضوح وعدم التورية في الرد على المواقف والخطابات، فإن كان تلقى النداء فلن يتأخر البتة بالرد عليه بالقبول أو الرفض أو التوضيح". ولفت إلى مسعى وجهد يقوم عليه حاليا النائب وليد جنبلاط لدى حزب الله, مشيرا إلى معلومات وصلت إليه من مصادر عليمة تحدثت عن أن الجيش السوري فتح ممرات آمنة للمدنيين وأن الـ400 جريح الذين عناهم صبرا هم "مسلحون معارضون عليهم أن يخرجوا بذات الصورة والطريقة والمنافذ التي دخلوا منها".

بدوره استبعد الخبير العسكري ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن هشام جابر أيضا قبول بري نداء صبرا والدخول في وساطة من هذا النوع، لافتا إلى أن النظام السوري لا ينتظر وساطة في مثل هذه المسائل من رئيس النواب اللبناني.

وقال جابر للجزيرة نت "حتى لو سلمنا جدلا بقبول بري الوساطة، فإن النتيجة لن تتغير ولن يجري تغيير للوقائع على الأرض"، مبديا استغرابه من شكل وتوقيت نداء جورج صبرا والجهة التي خاطبها.

واعتبر الجنرال العسكري السابق في الجيش اللبناني أن الخطاب كان الأولى به أن يوجه إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان من الناحية المنطقية, رغم العلاقات المتوترة اليوم بين سليمان والأسد، وليس إلى الرئيس بري.

ورأى أن بري ليس وسيطا موثوقا لدى جميع الأطراف المتقاتلة حتى يقوم بنجاح بمهمة الوساطة، "فالعلم العسكري في تلك الظروف أن سحب الجرحى من ساحة القتال يتطلب وسيطا حياديا يقبل به طرفا النزاع، وهو غير متوفر في شخص الرئيس بري بالنظر إلى كونه حليفا لحزب الله".

ونصح جابر المعارضة السورية ورئيسها صبرا بتوجيه خطابه إلى الولايات المتحدة التي قال إنها ما زالت تمتلك خطوط تواصل مع النظام السوري أو موسكو التي تمتلك فعليا أوراق مساعدة فعلية يمكن لها النجاح على الأرض.

المصدر : الجزيرة