الاقتصاد والنووي بصدارة انتخابات إيران

A combo made up of file and recent pictures taken on various dates at different locations shows the eight candidates who won approval to stand in Iran's June 14, 2013 presidential elections: (Top L-R) Iran's former foreign minister Ali Akbar Velayati, former chief of the Revolutionary Guards Mohsen Rezai, Mohammad Qarazi and former chief nuclear negotiator Saeed Jalili. (Bottom L-R) Former parliament speaker, Gholam Ali Haddad Adel, former top nuclear negotiator Hassan Rowhani, former Vice-President Mohammad Reza Aref and Tehran's Mayor Mohammad Baqer Qalibaf. No explanation was given for the disqualifications of Iran's moderate ex-president Akbar Hashemi Rafsanjani and a former government official Esfandiar Rahim Mashaie, who have been barred from contesting. AFP PHOTO /DSK
undefined

مصطفى رزق- الجزيرة نت

يلاحظ المتابع للبرامج الانتخابية التي يعرضها المرشحون لرئاسة إيران اهتمامهم جميعا بالوضع الاقتصادي، الذي تأثر كثيرا بالعقوبات التي فرضت على طهران بسب برنامجها النووي المثير لقلق الغرب.

وكما اتفق المرشحون الثمانية -باختلاف توجهاتهم السياسية- على ضرورة وضع خطة عاجلة لإنقاذ الاقتصاد، اتفقوا كذلك على حق بلادهم في امتلاك برنامج نووي، وإن اختلفوا في تقييمهم للمحادثات التي تجريها القوى الدولية مع إيران بهذا الشأن.

وأظهر ملف السياسة الخارجية تباينا في رؤية المرشحين للرئاسة، فبعضهم لا يمانع من استمرار علاقات الندية والتوتر مع الولايات المتحدة والغرب، في حين تتسم برامج آخرين بمرونة أكثر في هذا الملف، تصل في بعض الأحيان إلى الدعوة لتقليل التوتر مع الغرب، وإقامة علاقات دولية أساسها الثقة والشفافية. 

‪التضخم وارتفاع الأسعار وانخفاض‬ (الجزيرة)
‪التضخم وارتفاع الأسعار وانخفاض‬ (الجزيرة)

الأزمة الاقتصادية
يقول المحلل السياسي الإيراني حميد شريفي إن جميع المرشحين يدركون حجم الأزمة الاقتصادية وضرورة التعامل معها، لكن ليس هناك تقييم لبرامجهم لتحديد أكثرها أهمية وقابلية للتطبيق.

واعتبر شريفي في تصريحات للجزيرة نت، أن الرؤية الاقتصادية التي قدمها كل من محسن رضائي ومحمد رضا عارف هي الأكثر وضوحا بالنسبة للبرامج الاقتصادية المطروحة.

وإضافة إلى مواجهة التضخم والبطالة والفقر، يطرح رضائي في برنامجه شعارات محاربة الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد، وينادي بتشكيل حكومة ائتلافية من كافة الأطياف والخبرات للمشاركة في صنع القرار وإنقاذ البلاد، وفتح حوار شفاف بين الحكومة والمواطنين.

أما محمد غرضي فيؤكد أن حل مشكلات الاقتصاد يبدأ بزيادة الإنتاج المحلي، وتقليل الاعتماد على صادرات البلاد النفطية.

لكن رئيس مركز دلتا للأبحاث المعمقة محمود حيدر، يرى أنه رغم الاختلافات في رؤية المرشحين للمشكلة الاقتصادية، إلا أنها في النهاية لا تختلف مع الإستراتيجيات العليا التي يتحرك الجميع تحت سقفها العام.

وتوضح نظرة سريعة على برامج المرشحين في هذا الشأن حجم الاهتمام بالاقتصاد، حيث وضعه المرشح المستقل حسن روحاني بصدارة برنامجه وطرح خططاً للنهوض به، وكذلك الإصلاحي محمد رضا عارف الذي رفع شعار "إيران المستقبل" لخطته التي تسعى لتحويل إيران إلى قطب تجاري جاذب للشركات والاستثمارات.

أما المرشح المحافظ سعيد جليلي، فيقف ضد فتح السوق أمام الاستثمارات الخارجية، ويرى أن الاقتصاد المحلي يجب أن تديره الحكومة، طارحا فكرة المرشد الأعلى علي خامنئي المتعلقة بـ"الاقتصاد المقاوم" لمواجهة الحظر الغربي.

المرشح المحافظ علي ولايتي تعهد بحلول لمشكلة التضخم خلال مائة يوم، في حين وضع محمد قاليباف مدة من عامين لإعادة الاستقرار للاقتصاد، وركز غلام علي حداد على القطاع الخاص والزراعي.

ولايتي دعا لحلول أكثر دبلوماسية لملف البرنامج النووي (الفرنسية)
ولايتي دعا لحلول أكثر دبلوماسية لملف البرنامج النووي (الفرنسية)

البرنامج النووي
لا يرى شريفي سوى فوارق طفيفة تفصل بين رؤية المرشحين الثمانية لمستقبل التعامل مع أزمة الملف النووي، فالجميع متمسك بالمضي قدما في البرنامج الذي اعتبر أنه يمثل "محل كرامة" للإيرانيين رغم العقوبات، لكن الاختلافات تكمن في طريقة التعاطي مع القوى الغربية.

ويتفق معه حيدر مؤكدا للجزيرة نت أن الشخصية السياسية الإيرانية لديها إجماع قومي حول المسائل الجوهرية التي تتعلق على سبيل المثال بالأمن القومي كالبرنامج النووي، فهي مسائل سيادية عليا تحظى بالإجماع، وينحصر الاجتهاد لدى كل مرشح في الطريقة التي ينبغي أن يدار بها هذا الملف.

وفي حين يرى جليلي أن البرنامج النووي هو ما سيجعل منها دولة ذات ثقل إقليمي ودولي، يعتبر ولايتي أن هناك حلولا أكثر دبلوماسية وعملية لهذا الملف تعتمد على طريقة إدارة السياسة الخارجية للبلاد بعيدا عن التشدد، وهو ما يركز عليه قاليباف لتفادي التبعات السلبية للعقوبات.

أما غرضي -الذي تمسك بحق بلاده في امتلاك مشروع نووي- فأكد عدم رغبته في فتح حوار مع الغرب قد يثير شكوكاً حول ضعف إيران واستسلامها. 

السياسة الخارجية
وحول السياسة الخارجية، يؤكد المحلل السياسي حميد شريفي أن هناك مؤسسات في إيران تقوم بوضع الخطوط العامة للسياسة الخارجية وعلاقات إيران الدولية، لكن من ناحية أخرى يمكن لرئيس الدولة طرح رؤيته واختيار الأسلوب والطريقة التي ينفذ بها هذه السياسية، وهو ما يمثل فارقا بين رئيس وآخر.

وللسبب نفسه، لا يرى حيدر اختلافات جوهرية بين برامج المرشحين في هذا الشأن، مؤكدا أن المؤسسات السياسية في إيران "حقيقية وليست صورية" كما هو الحال في بعض الدول، والمرشد له دور حاسم في هذا الأمر وله الكلمة الأخيرة في ما يتعلق بالسياسة الخارجية والعلاقات الخارجية.

وفي هذا الإطار، طرح المرشح محمد رضا عارف رؤية تقوم على ترميم شكل السياسة الخارجية، وإبعاد الملف النووي عن تعقيداتها، من خلال تطوير علاقات إيران مع دول المنطقة ودول عدم الانحياز، ومن ثم الاتحاد الأوروبي، وبالتالي يمكن فصل هذا الملف تدريجياً عن العلاقات المتوترة مع واشنطن، وهي رؤية تتفق بشكل ما مع ما طرحه حسن روحاني.

المصدر : الجزيرة