قرى فلسطينية تتحدى الجدار

الجدار الفاصل العسكري على خط وقف إطلاق النار بمساره قرب قرية مجدل شمس بالجولان المحتل
undefined

تعد قرية بلعين الفلسطينية رمزا في معركة الوجود ومواجهة الجدار العازل، إلا أن كثيرا من القرى الفلسطينية تواجه التجريف والتمزيق والمعاناة بإباء وإصرار على المقاومة، فالمعاناة ذاتها وأسلوب المواجهة ذاته يوحد القرى المحاذية للجدار.

وفي ذكرى إعلان محكمة العدل الدولية عدم قانونية وشرعية بناء الجدار على الأراضي الفلسطينية ومطالبتها بهدمه وتعويض الأضرار الناجمة عنه، والصادر في التاسع من يوليو/ تموز 2004، تبث قناة الجزيرة وثائقيًا بعنوان "قرى تتحدى الجدار" في الحلقة المقبلة من برنامج "فلسطين تحت المجهر" مساء غد الخميس الساعة 17:05 بتوقيت مكة المكرمة، 14:05 بتوقيت غرينتش.

بدأت المواجهات بمظاهرات شاركت فيها الفلسطينيات تعترض على بناء الجدار في سبتمبر/ أيلول 2003، فواجهتها قوات الاحتلال بالرصاص المطاطي والغاز المدمع لكنها استطاعت توقيف الجرافات إلى حين.

الفلسطينيون مستمرون في مسيراتهم المناهضة للجدار الفاصل (الجزيرة)
الفلسطينيون مستمرون في مسيراتهم المناهضة للجدار الفاصل (الجزيرة)

في عام 2004 وصل الجدار إلى قرية نعلين، لكن المسيرات والاحتجاجات استطاعت توقيف كل الجرافات الإسرائيلية وقتئذ حتى عادت في مايو/ أيار 2008.

استمرت المسيرات في نعلين وبلعين كل أسبوع ضد الجدار، الذي كان قبل حكم محكمة العدل الدولية يمتد بطول 200 كلم، واكتمل البناء الآن رغما عن الشرعية الدولية، لكن مواجهته لم تعد مقتصرة على أبناء القرى بل تعدتها إلى نشطاء إسرائيليين ودوليين.

ويسلط الوثائقي الضوء على معاناة الفلسطينيين في هذه القرى الصامدة بوجه الاحتلال من خلال لقاءات مع أهالي شهداء قتلوا في مواجهات الجدار مع قوات الاحتلال، وكذلك مع عدد من النشطاء الفلسطينيين والإسرائيليين والأجانب.

يظل الجدار رمزا من رموز الاحتلال وأحد أبرز أسباب معاناة الشعب الفلسطيني، الذي لم ييأس من المواجهة والمقاومة الشعبية حتى يحقق أهدافه.

متضامنون
"أحرض على المجيء هنا لأنني أعتقد أنه أمر خاطئ أن تقوم إسرائيل ببناء هذا الشيء (الجدار العازل) وأعتقد أنه من الخطأ أن تبنيه فوق أراضي الفلسطينيين، ولا أؤمن بأن الفصل هو الحل الأمثل هنا، وأعتقد أنه لا يجب أن يكون على حساب الفلسطينيين، لهذا السبب أشارك في المظاهرات ضد الجدار خاصة في قرية نعلين".

لا يمكنك أن تكون مجرد عابر سبيل في حياتنا هذه وتراقب عن بعد. عندما تمتلك مشاعر عميقة بخصوص شيء أساسي يتعلق بعدم العدالة التي تمارس ضد الفلسطينيين يجب أن تفعل شيئا ما وإلا لمات شيء ما في داخلك ولمات ضميرك

هكذا يقول الناشط الإسرائيلي جوناثان بولاك المشارك بمظاهرات مناهضة الجدار، معتبرا أن الجدار يستخدم من أجل توسيع المستوطنات وإعادة رسم الحدود بشكل أحادي الجانب.

يؤكد عبد الرحمن شقير، وهو أحد شيوخ قرية الزاوية، إصراره على المقاومة حتى سقوط الجدار، قائلا للجزيرة "سيقع هذا الجدار إن شاء الله كما وقع خط بارليف وجدار برلين. لقد داسه الناس وباعوا حجارته ونحن أيضا فاعلون. لن يذهب تعبنا هدرا".

وتتوغل كاميرا فلسطين تحت المجهر إلى ما هو أبعد وأعمق من الصور التي تتناقلها وسائل الإعلام، فالقرى وإن كانت أراضي وحدودا جغرافية فهي أيضا كينونة الإنسان الفلسطيني المهجر داخل وخارج وطنه الجريح المشتت الأوصال.

ويسلط الوثائقي الضوء على المعاناة الإنسانية للفلسطينيين بالدرجة الأولى، فلا راعي الماشية يقدر على ممارسة رعيه، ولا الفلاح يستطيع زراعة الأرض ولا العامل يتمكن من الانتقال من جانب إلى آخر بيسر، حيث تحولت القرى إلى سجن كبير وإلى مناطق عسكرية دون وجه حق أو مسوغ قانوني فانعدمت معه مقومات الحياة الطبيعية للسكان.

يقول المصور الصحفي والناشط الإيرلندي تومي دونيلان "لا يمكنك أن تكون مجرد عابر سبيل في حياتنا هذه وتراقب عن بعد. عندما تمتلك مشاعر عميقة بخصوص شيء أساسي يتعلق بعدم العدالة التي تمارس ضد الفلسطينيين يجب أن تفعل شيئا ما وإلا لمات شيء ما في داخلك ولمات ضميرك واختلقت الأعذار.. وأنا أشكر الله أنني تصرفت وفقا لما يمليه علي ضميري وأتيت إلى هنا (بلعين) وأصبحت أكثر قوة بما ألزمت نفسي به، تركت إيرلندا وجئت إلى هنا وأنا الآن في الرابعة والستين واكتشفت احترامي لذاتي وأشعر بالرضا حيال ذلك".

المصدر : الجزيرة