تسليح ثوار سوريا هل يغير المعادلة؟

سقوط حاجزين لقوات النظام بيد الجيش السوري الحر
undefined

كثر الحديث مؤخرا عن قرب تسليح واشنطن للمعارضة السورية، ولكن دون معطيات ملموسة واقعيا. إلا أن خروج صحيفة واشنطن بوست لتصف رئيس أركان الجيش الحر اللواء سليم إدريس بأنه الناقل الوحيد للأسلحة الأميركية، والحديث عن اجتماعات بين إدريس ومسؤولين أميركيين، قد أعاد الموضوع للواجهة.

الصحيفة الأميركية المرموقة نقلت أن واشنطن تجد صعوبة في فرض منطقة حظر جوي، وحثت الصحيفة الإدارة الأميركية على سرعة تزويد الثوار بالسلاح، وتحدثت عن أن اللواء المنشق الذي يخضع لإمرته "نحو ثمانين ألف مقاتل" قد تعهد بمنع وصول السلاح "للجهات الخاطئة" وإسقاط النظام بسرعة إذا توافر المال والسلاح بالكمية الكافية للثوار.

وما لم يكشف عنه إدريس للصحيفة الأميركية، كشفه للجزيرة نت لؤي المقداد المنسق السياسي والإعلامي للجيش الحر بإعرابه عن تفاؤله "بتغيير واضح" في الموقف الأميركي و"ما يشبه الالتزام" بالثورة السورية وتوريد للسلاح الأميركي خلال أيام للثوار، وتحدث عن "جدية في التعاطي والتخلي عن سياسة التسويف والتأجيل والاهتمام بدماء الشعب السوري"، ولكنه يستدرك بالقول "إنهم لم يتعهدوا لا بكميات ولا بأنواع".

وتابع أن تأخر التسليح الأميركي للثوار بات "تقنيا بحتا"، لأن مسألة الضمانات وشراء الوقت "انتهت"، وأشار إلى أن واشنطن حسمت خيارها بإسقاط نظام الأسد وباتت سمعة المجتمع الدولي على المحك "بعد الإهانة التي وجهها له نظام الأسد وحزب الله وطهران باجتياح بلد آخر وقتل شعبه واستخدام أسلحة غير تقليدية ضده".

تسليح قديم
على عكس المقداد، يرى عضو مجلس الشعب السوري عصام خليل أن واشنطن تريد محاربة الشعب السوري "بآخر إرهابي بالعالم" والحديث عن تسليح أميركا للإرهابيين ليس قرارا جديدا ولكن كُشف عنه الآن، حسب قوله.

ولفت البرلماني السوري إلى "حقيقة واقعة أن السلاح والمال العربي والإقليمي المتدفق على سوريا وتسليح وتدريب الإرهابيين يجري بضوء أخضر أميركي".

من جهة أخرى، وفي مسألة الضمانات التي طالما طالبت بها واشنطن لتسليح الثوار، أوضح المقداد أن الضمانات التي قدمها اللواء إدريس "كانت كافية"، فهي لم تكن فقط بضبط السلاح وتوزيعه بل وجمعه "بعد إسقاط نظام الأسد".

أما الأسلحة المضادة للطائرات والدروع وقد نقلت وكالة رويترز عن مصدر خليجي أن السعودية تزود منذ شهرين المعارضة السورية بصواريخ مضادة للطائرات، فأكد المقداد مطالبة إدريس بلائحة طويلة من الأسلحة "من الخفيفة مرورا بالمتوسطة وحتى المضادة للدروع والطائرات".

وإذا كانت السعودية تساعد المعارضة بأسلحة نوعية، فروسيا أعلنت صراحة عدم سماحها لإقامة منطقة حظر جوي بسوريا التي طلب إدريس بفرضها رسميا -حسب المقداد- لحماية المدنيين، خصوصا من الصواريخ الباليستية التي يمكن أن تزود برؤوس غير تقليدية ويقصف بها المدنيون.

ولكن جواب المسؤولين الأميركيين كان أن هذه المنطقة بحاجة لقرار من مجلس الأمن المحكوم بالعقبة الروسية، ووعدوا بدراسة الموضوع والعمل على إيجاد مظلة دولية خارج مجلس الأمن.

وانتقد النائب عصام خليل كلام المقداد بالقول إن "قناة الجزيرة تتحدث مرارا وتكرارا عن إسقاط طائرات وتدمير دبابات، فإذا كان الإرهابيون لا يمتلكون أسلحة مضادة للدروع والطائرات فكيف دمروها".

أما فيما يتعلق بمنطقة حظر جوي فهذا ليس له علاقة بما يريده "الإرهابيون" -يقول خليل- بل ما "تُمليه" مصلحة واشنطن عليها، لأنه "لو كان الأميركيون واثقين من قدرتهم على فرض منطقة حظر جوي" دون أن يطالهم الأذى لكانوا فعلوها منذ زمن، إلا أن "واشنطن تعرف قدرة الردع السوري إضافة لعدم امتلاكها للوسائل التقنية والتنفيذية على الأرض". وخلص إلى أنه ليس هناك توازن على الأرض بين طرفين، بل هناك جيش سوري "قادر على حسم المعركة مع الإرهابيين".

‪واشنطن بوست: الإدارة الأميركية قررت أن يكون إدريس 
‪واشنطن بوست: الإدارة الأميركية قررت أن يكون إدريس "الناقل الوحيد" للأسلحة‬ واشنطن بوست: الإدارة الأميركية قررت أن يكون إدريس "الناقل الوحيد" للأسلحة 

أسباب وأهداف
وبين وجهتي نظر الثورة والنظام هناك من يرى في التسليح الأميركي "مناورة محدودة تهدف فقط لإعادة التوازن للميدان بعد معركة القصير".

وفي هذا السياق يدعو إبراهيم شرقية نائب مدير مركز بروكنغز-الدوحة، إلى عدم الإفراط بالتفاؤل بأن التسليح الأميركي "المحدود" سيغير الواقع على الأرض، فأميركا تريد تحقيق ثلاثة أهداف من هذا الدعم، أولهما إعادة موازين القوى على الأرض وتقوية الموقف التفاوضي الأميركي في مباحثات "جنيف 2" وقمة مجموعة الثماني وأخيرا إنقاذ سمعة ومصداقية واشنطن في علاقاتها الدولية بعد عجزها عن اتخاذ أي موقف بعد معركة القصير "والأدلة شبه المؤكدة باستخدام النظام السوري للأسلحة الكيمياوية".

وأوضح أن أميركا تريد للمعارضة أن تنتصر وتطيح بالنظام ولكن ليس الآن، فهي حتى هذه اللحظة تعمل على "إدارة النزاع السوري" لا حله، ويتابع أن هذه الإدارة تتطلب تدخلها لإصلاح الخلل في الميزان.

ولفت الخبير في النزاعات الدولية إلى أن إدريس طالب بمنطقة حظر جوي وأسلحة نوعية حتى يستطيع إسقاط النظام، ولكن واشنطن غير معنية بذلك، حسب قوله.

وأشار شرقية إلى أن أميركا عندما تريد إحداث تغيير على الأرض فهي تريد ضمانات، أبرزها ماذا سيحدث بعد انهيار النظام؟ مصير الأسلحة الكيمياوية، وكيفية التعاطي مع جبهة النصرة، مؤكدا أن واشنطن لن تقدم للثوار سلاحا يحسم المعركة، ولكنها ستبقي المعارضة "في غرفة الإنعاش ولن تسمح بموتها أو أن تشفى بشكل تام".

المصدر : الجزيرة