استبعاد رد الجيش اللبناني على القصف السوري

محللون استبعدوا لجوء الجيش اللبناني لسياسة الرد على القصف السوري لاعتبارات الانقسام حيال الأزمة السورية
undefined

جهاد أبو العيس-بيروت

استبعدت أوساط سياسية وعسكرية لبنانية قيام الجيش بالرد العسكري على توالي عمليات القصف الجوي السوري على الأراضي اللبنانية وتحديدا على منطقة عرسال المؤيدة للثورة السورية. وأرجعوا ذلك لاعتبارات سياسية وعسكرية معقدة على رأسها حالة الاصطفاف والانقسام حيال الأزمة السورية.

ويرى مراقبون في توالي قصف طائرات النظام السوري لقرى وبلدات لبنانية وسقوط جرحى من المدنيين، إحراجا كبيرا لمؤسسة الجيش وعقيدتها العسكرية القائمة على قسم حماية البلاد من أي اعتداء. ورجح هؤلاء سلوك قيادة الجيش منحى بعيدا عن منطق الرد والرد المقابل حيال تكرار القصف، نظرا لتشابك وتعقد المبررات، وغياب الترسيم الحدودي الواضح جغرافيا بين سوريا ولبنان.

الرئيس ميشال سليمان هدد بتقديم شكوى للأمم المتحدة والجامعة العربية (الأوروبية)
الرئيس ميشال سليمان هدد بتقديم شكوى للأمم المتحدة والجامعة العربية (الأوروبية)

ضبط النفس
واستبعد الجنرال السابق في الجيش اللبناني هشام جابر قيام وحدات الجيش بالرد على الخروق والقصف السوري المتكرر، معتبرا أن قيادة الجيش ستلتزم ضبط النفس واستخدام السبل الدبلوماسية بديلا عن الرد المباشر.

وتوقع في تصريح للجزيرة نت ألا يزيد الرد حاليا عن البيان الصادر عن الجيش وكذا بيان رئيس الجمهورية ميشال سليمان وأن ترفع قيادة الجيش مذكرة تفصيلية للحكومة والمجلس الأعلى المشترك بين البلدين لاتخاذ السبل الكفيلة بعدم تكرار هذا القصف مرة أخرى.

لكن الجنرال السابق استدرك بالقول إن تكرار القصف من شأنه دفع الجيش للرد ضمن نطاق وشكل الأوامر العسكرية التي ستتخذ في حينها، مشيرا إلى أن الوضع الطبيعي من الناحية العسكرية الصرفة يستدعي الرد باعتباره "خرقا للسيادة واعتداء على أراض ومواطنين".

أما مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس فربط إمكانية رد الجيش المباشر على القصف السوري حال تكراره مستقبلا، بالتطورات وشكل القصف وأثره حال وقوعه.

واجب الرد
وقال الريس في تصريح للجزيرة نت إن رد الجيش اللبناني على ما جرى واجب من حيث المبدأ، نظرا "لاختراق السيادة وإلحاق الضرر بالمواطنين وممتلكاتهم وأمنهم واستقرارهم"، لكنه لفت إلى أن الرد على النظام السوري يوجب التأني والبحث، لكون هذا النظام غير منزه عن جر لبنان لما أسماها مزالق خطيرة دون وضع أي اعتبار لوضعه واستقراره وواقعه الصعب.

وقال "يفضل عدم إعطاء ذرائع للنظام السوري ووقائع ربما يبحث عنها قد تؤدي لتوريط لبنان وجره لمربعات لا يقوى على احتمالها أو مواجهتها".

وبشأن تبرير البعض لعمليات القصف المتكرر، قال الريس "هذا يتماشى مع منطق الانهزام الذي يبرر كل ما يفعله النظام السوري، لا يمكن فهم كيف يبرر البعض عدوان دولة على دولته وخرق سيادتها بهذا الشكل".

وكان الرئيس اللبناني هدد في بيان له من أن تكرار الخروق من شأنه دفع لبنان وجيشه لاتخاذ كل التدابير الكفيلة بالدفاع عن سيادته وحماية أبنائه وأمنهم وسلامتهم، بما في ذلك تقديم شكوى إلى جامعة الدول العربية والأمم المتحدة.

ووصف سليمان القصف السوري بأنه "خرق لسيادة البلاد وحرمة أراضيها، وتعريضا لأمن المواطنين وسلامتهم للخطر ويتعارض كذلك مع المعاهدات التي ترعى العلاقات بين البلدين ومع المواثيق الدولية".

الجماعة الإسلامية طالبت بطرد السفير السوري ردا على القصف (الجزيرة نت)
الجماعة الإسلامية طالبت بطرد السفير السوري ردا على القصف (الجزيرة نت)

تزامن القصف
وتزامن القصف المروحي السوري لعرسال مع عمليات نقل عشرات الجرحى والمصابين من داخل مدينة القصير السورية إلى البلدة الحدودية، وسط منع وعرقلة ورشق لسيارات الإسعاف بالحجارة عند مرورها من أطراف المناطق الخاضعة لنفوذ حزب الله.

وكانت منطقة عرسال اللبنانية المحاذية للحدود مع سوريا تعرضت لقصف صاروخي من مروحية عسكرية تابعة للنظام، أسفر عن وقوع جرحى مدنيين وأضرار بالممتلكات. وقال بيان للجيش اللبناني إن طوافة حربية قادمة من الجانب السوري خرقت الأجواء اللبنانية في منطقة جرود عرسال، حيث أطلقت صاروخين من مسافة بعيدة باتجاه ساحة البلدة.

وأضاف البيان -المنشور على موقع الجيش الإلكتروني- أن القصف أدى إلى إصابة أحد المواطنين بجروح، إضافة إلى أضرار مادية في الممتلكات، وعلى الفور اتخذت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة الإجراءات الدفاعية اللازمة للرد الفوري على أي خرق مماثل.

دفاع وتنديد
وقد دافع الإعلام الرسمي لـحزب الله عن عمليات القصف التي أصابت مدنيين، بالقول إنه استهدف "مركزا للمسلحين السوريين بالقرب من مستشفى ميداني كانوا متجمعين فيه في البلدة".

في حين وصفت كتلة المستقبل القصف بأنه "تطور خطير ويطرح احتمالات خطيرة جدا أبرزها تهجير أهالي عرسال ويفتح جرحا جديدا لا يمكن السكوت عنه، وسيكون هناك خطوات يجري تدارسها على مستوى 14 آذار".

أما الجماعة الإسلامية فاعتبرت استهداف بلدة عرسال "عدواناً واضحاً وحرباً معلنة من النظام السوري على الدولة اللبنانية، وتجاوزاً لسيادة لبنان وضرباً لكل الأعراف والمواثيق التي تنظم العلاقة بين أي دولتين".

وطالبت الجماعة في بيان لها الدولة اللبنانية بموقف واضح أقله طرد سفير النظام السوري من لبنان، كما طالبت الدولة بمختلف أجهزتها القيام بدورها في الدفاع عن الحدود، وحماية المواطنين الآمنين في قراهم وبلداتهم، واتخاذ كل ما يلزم لردع ما اعتبرته عدوانا ووقفه عند حده.

المصدر : الجزيرة