هاجس الأمن يخيم على انتخابات إيران

An Iranian woman rushes past riot police in Tehran in April 2011. (Behrouz Mehri/AFP/Getty Images)
undefined

مصطفى رزق

أيام قليلة وتنطلق الانتخابات الرئاسية لاختيار الرئيس الحادي عشر لإيران بعد الثورة التي أطاحت بالشاه عام 1979، ويؤكد مسؤولو الأمن الإيرانيون أن أي محاولة لإحداث فتنة في البلاد ستخمد قبل انطلاقها ولن تترك لتتفاعل كما حدث في انتخابات عام 2009 التي شهدت احتجاجات واسعة أطلق عليها اسم "الثورة الخضراء" عقب إعلان فوز الرئيس أحمدي نجاد بولاية ثانية.

ويخيم الهاجس الأمني على أوجه المرحلة الحالية قبيل الانتخابات المقرر إجراؤها في 14 يونيو/حزيران الجاري. وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية اتخذت السلطات الإيرانية إجراءات أمنية صارمة، تمثلت في اعتقال عدد من الصحفيين، واستدعاء نشطاء سياسيين، ووضع جملة مبادئ توجيهية للصحافة بهدف منع تغطية أنشطة أفراد محددين، أو انتقاد مرشحي الانتخابات، وذلك بطلب من المجلس الأعلى للأمن القومي، كما ينتظر غلق الحدود الإيرانية عشية الانتخابات وأثناء عملية الاقتراع.

إجراءات أمنية
وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية فإن وزارة الاستخبارات، ووزارة الثقافة والتوجيه الإسلامي، والمجلس الأعلى للأمن القومي، أصدروا جميعاً خطوطا إرشادية لوسائل الإعلام الإيرانية تحذرها من تجاوز "الخطوط الحمر" للحكومة عند تغطية الانتخابات، وتشمل تلك الخطوط نشر التقارير عن زعماء "الثورة الخضراء" مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وكذلك الأحزاب السياسية المحظورة مثل جبهة المشاركة الإسلامية ومجاهدي الثورة الإسلامية.

ثلاثمائة ألف عنصر من الشرطة سيتولون تأمين عملية الانتخابات (الأوروبية-أرشيف)
ثلاثمائة ألف عنصر من الشرطة سيتولون تأمين عملية الانتخابات (الأوروبية-أرشيف)

وإضافة إلى نحو ثلاثمائة ألف عنصر من قوات الشرطة، يشارك نحو 85 ألف عنصر من قوة الباسيج (المتطوعون) في الإشراف على اللجان الانتخابية على طول البلاد خلال يوم الاقتراع.

وعناصر الباسيج كانت من أبرز القوات التي شاركت في عمليات قمع مظاهرات المعارضة في 2009، وهي ضمن فروع قوات الحرس الثوري التي أمر مؤسس الجمهورية الإسلامية الراحل الخميني بتشكيلها في نوفمبر/تشرين الأول 1979، لتكون بمنزلة موجات بشرية للدفاع عن إيران وقيم الجمهورية الإسلامية، ويقدر عدد أعضائها بنحو 11 مليونا.

وقبل أيام أعلنت إيران أن أجهزتها الأمنية اعتقلت خلية تجسس مرتبطة بجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) قالت إنها كانت تنوي تنفيذ أعمال "إرهابية" خلال الانتخابات.

والسؤال هنا هو لماذا يسيطر الهاجس الأمني على الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ هل ما حدث عقب انتخابات 2009 هو السبب؟ أم أن الاستعدادات الأمنية تأتي وفق إطارها الطبيعي بالنظر لحجم إيران الجغرافي والسياسي؟ 

تفادي التقصير
يرى المحلل السياسي الإيراني حميد غول شريفي أنه أثناء الانتخابات الرئاسية الماضية كان هناك تقصير من جانب القوى الأمنية، كما أن هناك عددا من الأمور وقتها لم تكن في حسبان صانعي القرار بإيران، وهو ما تحاول السلطات تفاديه هذه المرة.

ونفى شريفي في تصريحات للجزيرة نت أن يكون لقوات الباسيج دور في تحويل مسار الانتخابات أو كيفية التصويت، مؤكدا أن دورها يقتصر على تأمين الانتخابات بالمشاركة مع قوات الأمن الأخرى نظرا لاتساع مساحة إيران، والعدد الكبير للجان الاقتراع التي سوف تستقبل نحو خمسين مليون ناخب إيراني.

إيران شهدت احتجاجات كبيرة عقب انتخابات الرئاسة في 2009 (الفرنسية-أرشيف)
إيران شهدت احتجاجات كبيرة عقب انتخابات الرئاسة في 2009 (الفرنسية-أرشيف)

وأضاف أن الجهة الأمنية الوحيدة المناط بها الإشراف الأمني على الانتخابات هي الشرطة، غير أنها قد تستعين بقوى أخرى مثل الباسيج لمعاونتها، وهناك رقابة من جانب مجلس صيانة الدستور على طريقة التأمين لمراكز الاقتراع.

ولا يتوقع شريفي أن تشهد الانتخابات المقبلة احتجاجات مماثلة لعام 2009 لأن الجهات المسؤولة عن الانتخابات تعمل جاهدة لتفادي ذلك، بحيث تخرج العملية الانتخابية بشكل جاد وصارم يطمئن الناخب على سلامة وأهمية صوته. 

إجراء طبيعي
من جانبه يرى رئيس مركز دلتا للأبحاث المعمقة محمود حيدر والخبير في الشأن الإيراني أن الإجراءات الأمنية التي تسبق وتزامن حدث الانتخابات الرئاسية في إيران أمر طبيعي، كون هذا الحدث يجري في الشارع وله تأثيرات على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي.

وقال حيدر للجزيرة نت إن كل شيء يجري في الداخل له صلة وثيقة بالأمن القومي والإستراتيجيات العليا للجمهورية الإسلامية، ولعل ما تم الكشف عنه مؤخرا بشأن شبكة التجسس يعطي حُجة كافية للنظام لتعزيز القبضة الأمنية قبيل الانتخابات.

وأوضح أن تمسك النظام السياسي في إيران بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد يعطي انطباعا إيجابيا عن عملية الانتقال السلس للسلطة، يمكن للنظام أن يستغلها في تثبيت ركائزه وإثبات حيوية المجتمع السياسي.

ولا يرى حيدر مبررا للتوجس من مشاركة قوات الباسيج في الإشراف على لجان الاقتراع، موضحا أن المرشحين الثمانية لانتخابات الرئاسة، على اختلاف توجهاتهم السياسية، فإنهم جميعا يخوضون معركتهم الانتخابية تحت سقف واحد وهو ولاية الفقيه، وليس هناك مرشح يريد أن يستقطب الجمهور بشعارات تطال بنية النظام السياسي للبلاد.

المصدر : الجزيرة