رجال دين وفن يفرقهم الرأي وتجمعهم "ببلي"

الغيث ضخامة الإعلانات كانت له ردة فعل قوية مماثلة لها في القوة
undefined

الدمام-هيا السهلي

اجتمع رجال الدين والمنابر مع نجوم الفن والملاعب في صورة واحدة بعد أن ظنوا ألا تلاقي، وذلك في حملة إشهارية قوية ومكثفة أطلقتها إحدى الشركات في السعودية لخدمة تسمى "ببلي"، تقدمها شركات الاتصالات في السعودية.

وتعتبر "ببلي" خدمة تفاعلية، تجمع بين المشاهير والمؤثرين في المجتمع، من السعودية والعالم العربي من فئات مختلفة، دينية ورياضية وفنية وإعلامية، تمكن متابعيهم من التواصل معهم عبر رسائل صوتية.

وقد أثارت هذه الصورة انتقادات واسعة ولاذعة، تركز معظمها على رجال الدين والدعاة، الذين يشاركون في تقديم محتوى الخدمة.

وكان الخلاف والانتقاد حول "تسليع" الداعية، والمتاجرة بالعلم الشرعي الذي أخذه رجال الدين عن مشايخهم بدون مقابل.

وكان أبرز الدعاة الذين نالهم الانتقاد الداعية المعروف محمد العريفي، والدكتور عائض القرني، وعضو مجلس الشورى الدكتور عيسى الغيث، ولهم متابعون بالملايين.

‪المالكي: استخدام الشهرة في سياق الوعظ خطر‬ (الجزيرة نت)
‪المالكي: استخدام الشهرة في سياق الوعظ خطر‬ (الجزيرة نت)

"تسليع" الداعية
ويشاع أن عقود أحد الدعاة فاقت مليون ريال (266 ألف دولار)، وأن البعض الآخر رفض بيع صوته لأن المقابل غير مجز، فيما انسحب آخر بعد وابل الانتقادات، مبينا أنه اشترك فيها بناء على أنها تواصل لا أجر له.

من جانبه، قال الباحث السعودي عبد الله المالكي إن "الواعظ الديني إذا استخدم شهرته في الاستثمار النفعي الرأسمالي فهو كمثل نجوم الفن والإعلام، لكن أن يستخدم ذلك في سياق الوعظ، فهنا الخطورة"

وأضاف للجزيرة نت أن "التسلع" ثقافة رأس مالية، تسعى إلى تحويل كل الأشياء في الوجود إلى سلعة ماعدا القيم المعنوية، مضيفا أنهم مع "ببلي تجاوزوا حتى هذه النظرية".

وفي حديث للجزيرة نت قال القاضي وعضو مجلس الشورى عيسى الغيث إنه لم يشترط مبلغا، ولم يعرف المقابل إلا عند توقيع العقد.

ومع أن الشيخ الغيث يرى جواز أخذ العوض عن هذه المشاركات، فإنه يرجح التورع عنها والتبرع بها، كما فعل بتبرعه بالمقابل "البسيط" للجمعيات الخيرية.

وأوضح أنه ليس من عادته أن يفصح عن أمر بينه وبين الله، ولكن حينما يتم اتهامه بأنه يتاجر بالدين، فإنه لابد من كشف الحقيقة للكف عن اغتيابه، والدفاع عن سمعته.

و يرى الدعاة ورجال الدين المنضمون لخدمة "ببلي" أنها خدمة تفاعلية اجتماعية حديثة، تساهم في تعزيز أواصر التواصل بين الدعاة والمشايخ وعامة الناس، ووسيلة من وسائل الدعوة.

وقال العريفي على حسابه على تويتر بعد أن نادى قرة عينه من المتابعين "يا قرة عين محبكم.. أنا أفرح بكل جديد يقربني منكم أكثر ببلي".

بعض الدعاة يرى أن "ببلي" خدمة تفاعلية اجتماعية حديثة، تساهم في تعزيز أواصر التواصل بين الدعاة والمشايخ وعامة الناس، ووسيلة من وسائل الدعوة

وانتقدت الكاتبة السعودية بدرية البشر أن يأخذ الواعظ أو رجل الدين أجرا لوعظه ودعوته إلى الله. وقالت للجزيرة نت إن "مكاسب الوعاظ المليونية اليوم هي السبب الذي جعل الواعظ منهم يحتكر المعرفة والتثقيف والتدريس، ويستجدي الظهور في القنوات الفضائية الأكثر ترويجاً لدعايات الصابون والعطور، كي يدعو الناس فيها للزهد والتقوى وحسن عبادة الله".

وقد عُرضت على بدرية البشر المشاركة في الخدمة غير أنها فكرت أكثر من مرة ولم تستطع القبول لانشغالها، حسب قولها. وتساءلت كيف يجد الدعاة ورجال الدين -وبعضهم دكاترة في الجامعة- الوقت لتسجيل رسائلهم؟

وقالت إن معلومة تسربت لها بأن أحد الدعاة طلب في مقابل توقيع العقد مليون ريال مقدما، "وسألتهم على سبيل المجادلة هل ستمنحوني مليونا مثله؟ فقالوا من أنت؟"

حاسد أو مشحون
ويرى عضو مجلس الشورى أن ردة الفعل القوية التي صاحبت الإعلانات ردة فعل غير مبررة، وأشار إلى أنها ربما تجد تفسيرها في أن قوة الإعلان والدعاية الضخمة كانت لها ردة فعل بنفس القوة.

وتساءل ما الفرق بين دورة أو محاضرة يقدمها الشيخ في محفل عام، وما سيقدمه في "ببلي"، وأضاف أن "ببلي" مثل أي خدمة أخرى كخدمة جوال الدعاة والقراء.

وقال إن من تصدى للخدمة بنقد لاذع من بعض الدعاة أو الكتاب، إنما فعل ذلك "لحسد أو فرصة فاتته"، وأشار إلى أن هناك كتابا وكاتبات همشوا أو لم يوفقوا في عرض مغر، "فلما انتفت عنهم المنفعة كان انتقادهم حاضرا".

وفسر الشيخ الغيث ردة فعل المغردين -التي رأى فيها مستوى عنيفا من النقد- بأنها من أصحاب "نفوس مشحونة" وجدوا "في مثل هذه القضايا متنفسا ليصبوا جام غضبهم عليها".

المصدر : الجزيرة