استمرار التوتر جنوب الأردن

من مشاجرة جامعة الحسين في معان أالاثنين الماضي
undefined

محمد النجار-عمان

لا يزال التوتر سيد الموقف في لواء الحسينية، وفي محافظة معان جنوبي الأردن لليوم الخامس على التوالي، إثر مقتل أربعة بالأسلحة النارية في جامعة الحسين بن طلال جنوبي البلاد الاثنين الماضي، وسط حالة من الغياب للدولة وأجهزتها.

وفي أول تحرك على المستوى الرسمي يعقد وزير الداخلية حسين المجالي -برفقة عدد من قادة الأجهزة الأمنية اليوم السبت- اجتماعين منفصلين، الأول في مضارب قبيلة الحويطات التي قتل اثنان من أفرادها في أحداث الجامعة، والثاني في مدينة معان التي فقدت أحد أبنائها في ذات الأحداث.

وسادت حالة من الكر والفر بين محتجين وقوات الدرك على الطريق الصحراوي في منطقة الحسينية، أدت لغلق الطريق بشكل متقطع، لاسيما في ساعات الليل، وهو الأمر الذي نقل حالة التوتر لمدينة معان، التي قطعت الطريق بينها وبين مدن الشمال، لاسيما العاصمة عمان منذ الاثنين الماضي.

من اجتماع لعشائر معان لاحتواء التوتر
من اجتماع لعشائر معان لاحتواء التوتر

وحاول محتجون اقتحام المركز الأمني في الحسينية الثلاثاء الماضي وسط إطلاق للنار من قبل البعض، مما أدى لإصابة شرطي في ذراعه.

وعبرت مظاهر قطع الطريق عن حالة من غياب الدولة وأجهزتها، حيث قام محتجون بعمل حواجز والتدقيق في البطاقات الشخصية لعابريها، وتوقيف بعضهم، وإطلاق النار على سيارات البعض الآخر.

تخفيف التوتر
وبينما غاب المسؤولون حاولت قيادات عشائرية -زارت مضارب الحويطات وعشائر معان- تخفيف التوتر، بعد التوصل لاتفاق للتهدئة الخميس الماضي، لكن الأوضاع على الأرض أظهرت عدم تطبيقه، فقد استمرت حالة التوتر وقطع الطريق، فيما قام محتجون بتعطيل محولات كهرباء، مما أدى لقطع التيار عن مناطق في الحسينية والطريق الصحراوي.

وفي رسالة للملك الأردني عبد الله الثاني الجمعة، ناشدت عشرات الشخصيات الدولة بالتدخل لإنهاء ما يجري، كما جاءت مناشدات مشابهة عبر اتصال قام به المعارض البارز ليث شبيلات مع رئيس الوزراء عبد الله النسور أثناء زيارته لمنطقتي الحسينية ومعان، دون أن تسفر هذه المناشدات والاتصالات عن شيء.

وكانت عشائر الحويطات -التي تعتبر أكبر العشائر الأردنية، وتصل امتداداتها للسعودية ومصر- قد أصدرت عدة بيانات، كان أبرزها الذي يطالب بتسلمها مطلوبين اعتبرتهم مسؤولين عن مقتل أبنائها في معان، فيما دعت عشائر معان في اجتماعات لها في معان والعاصمة عمان لأن يأخذ القانون مجراه، وحملت الدولة مسؤولية الكشف عن المتسببين، ومحاكمتهم أمام القضاء.

ووسط هذه الحالة، قررت إدارة جامعة الحسين استمرار تعليق الدراسة غدا الأحد، وكانت الدراسة توقفت منذ الاثنين الماضي.

ومن المقرر أن يناقش مجلس النواب أحداث الجنوب غدا الأحد، بعد أن أكد وزير الداخلية الأربعاء الماضي أمام المجلس أن أحداث الجامعة موجودة لدى الأمن.

وهذه الحلقة ليست الأولى في دائرة العنف الاجتماعي في الأردن، لكنها من الحوادث الأبرز التي تسببت بعنف اجتماعي بين العشائر، بعد أن تسبب مقتل طالب جامعي في جامعة البلقاء التطبيقية عام 2010 بموجة عنف شديدة، شهدتها مدينة السلط غرب العاصمة عمان.

كما قتل طالب في جامعة مؤتة الشهر الماضي، إثر مشاجرة على خلفيات عشائرية داخل الجامعة الواقعة في محافظة الكرك جنوبي البلاد.

وفيما باتت رقعة العنف الجامعي والاجتماعي تتسع لتشمل مختلف مناطق المملكة، وسط ضعف لافت من الدولة والمجتمع بوضع حد لها، يحذر خبراء من أن ما يجري يسقط مفهوم الدولة لدى مواطنيها.

جانب من أحداث جامعة الحسين في معان
جانب من أحداث جامعة الحسين في معان

"تفكيك وتكسير"
وبرأي الباحث الاجتماعي والكاتب جهاد المحيسن، فإن السبب في كل مظاهر العنف التي عرفها المجتمع الأردني مؤخرا هو تفكيك الدولة للعشائر، وتكسير الزعامات الحقيقية لصالح أفراد وفئة قليلة طارئة على المجتمع، تولت زمام الأمور في إدارة البلاد.

وقال الباحث للجزيرة نت "المشكلة أن الدولة لا تدرك خطورة تكسير العشائر في الحالة الأردنية باعتبارها وسيطا بينها وبين المجتمع، مما يؤدي لانفلات الأمور بشكل أكبر يوما بعد يوم".

وتابع أنه "في الحالة العربية الوسيط بين الدولة والجتمع إما الطائفة أوالعشيرة، والعبث بهذين الجسمين دون إحداث سلطة حقيقية ورادع قانوني سيؤدي إلى فوضى، وإعادة المجتمعات إلى عصر ما قبل الدولة، حيث يأخذ الناس حقوقهم بأيديهم دون إقامة رادع لسلطان الدولة".

لكن المحيسن يرى أن تأخر الدولة في التدخل يعود لكونها "مكبلة اليدين"، وزاد أن "أي مواجهة مع المحتجين -وغالبيتهم من المسلحين- سيؤدي لكارثة ومواجهة باهظة الثمن".

وتابع "لكن ما يستحق المتابعة فعلا هو أن الوسطاء العشائريين أخفقوا في حل المشكلة، رغم أنهم من نفس البنى العشائرية، وهو ما يؤشر لتغييب الدولة وإضعافها للقادة الحقيقيين للعشائر، لحساب قادة طارئين تريد منهم أدوارا محددة، وتضمن ولاءهم لها، مقابل امتيازات صغيرة هنا وهناك".

المصدر : الجزيرة