"حرب دور العبادة" تستعر في العراق

A traffic police officer stands outside the Sunni Muslim Abdel Kader al-Kilani mosque in central Baghdad on May 18, 2013. Bombs targeting Sunnis, including two near a mosque and one at a funeral procession, killed 67 people after dozens died in two days of attacks on Shiites, raising the spectre of tit-for-tat killings common during the height of sectarian bloodletting that killed tens of thousands of people in Iraq in 2006-7. AFP PHOTO/SABAH ARAR
undefined

تستعيد دور العبادة في العراق الصورة الدامية التي كانت عليها إبان سنوات الحرب الأهلية الطائفية في ظل تزايد استهدافها مؤخرا بأعمال القتل والتفجيرات العشوائية.

ومع تصاعد التوتر الطائفي، تحول العنف اليومي خلال الأسابيع الماضية من استهداف للقوات الأمنية على نحوٍ خاص، إلى ما يُشبه "حرب دور العبادة".

ويقول المحلل السياسي إحسان الشمري "هناك تصاعد في وتيرة الهجمات المتبادلة التي تستهدف دور العبادة السنية والشيعية، وذلك في محاولة لإعادة إنتاج العنف داخل النفس العراقية".

ويضيف "الرعب يتسلل إلى النفوس، وشبح الحرب يسيطر على المشهد العراقي، الحرب السياسية والمذهبية والأمنية".

ويعيش العراق منذ عشر سنوات على وقع أعمال عنف يومية قُتل فيها عدد كبير من العراقيين.

ومع تصاعد حدة المظاهرات المناهضة لرئيس الوزراء (الشيعي) نوري المالكي، شهد العراق على مدى الأسابيع الماضية، سلسلة اعتداءات ضد مساجد (سنية وشيعية) بالأحزمة الناسفة والقذائف الصاروخية والقنابل اليدوية، من غير أن تتبنى أية جهة هذه الأعمال الطائفية.

‪تسبب انفجار أمام مسجد سني في بعقوبة عقب صلاة الجمعة بعشرات الضحايا‬ تسبب انفجار أمام مسجد سني في بعقوبة عقب صلاة الجمعة بعشرات الضحايا (رويترز)
‪تسبب انفجار أمام مسجد سني في بعقوبة عقب صلاة الجمعة بعشرات الضحايا‬ تسبب انفجار أمام مسجد سني في بعقوبة عقب صلاة الجمعة بعشرات الضحايا (رويترز)

وفي واحد من أعنف هذه الهجمات، قُتل 41 شخصا وأُصيب العشرات بجروح في انفجار عبوتين ناسفتين الجمعة استهدفتا مصلين قرب مسجد "سني" وسط بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد).

وجاء ذلك غداة مقتل 12 شخصا في هجوم بحزام ناسف عند مدخل حسينية "شيعية" في كركوك (240 كلم شمال بغداد) مساء الخميس.

واستهدفت في أبريل/ نيسان الماضي سلسلة هجمات بعبوات ناسفة وقذائف صاروخية وقنابل يدوية نحو عشرة مساجد "سنية" في بغداد وبعقوبة ومناطق أخرى، وعددا من الحسينيات أيضا، قُتل وأُصيب فيها العشرات.

ويقول وكيل رئيس ديوان الوقف الشيعي الشيخ سامي المسعودي لفرانس برس "الاستهداف الحالي للمساجد والحسينيات (…) يمثل مراهنة على عودة العراق لمربع الطائفية".

ويضيف "عندما تستهدف حسينية سيتبادر إلى الذهن أن السنة هم الذين قاموا بها، وحين يستهدف مسجد سيقال إن الشيعة قاموا بذلك، لكن في الحقيقة (…) نحن مجمعون على أن من يقوم بهذه الأعمال هم التكفيريون وتنظيم القاعدة".

وتحدث المسعودي عن استهداف أكثر من 45 جامعا وحسينية تابعة للوقف الشيعي منذ بداية العام الحالي، معتبرا أن ما يحدث "هجمة شرسة تتعرض لها دور العبادة".

بدوره، قال مصدر مسؤول بالوقف السني رفض الكشف عن اسمه "نحن مهددون، حتى أننا لم نذهب إلى الدوام يوم الاثنين الماضي بعدما تلقينا تهديدات بمهاجمة مقر عملنا" في بغداد، مشيراً إلى "استهداف أكثر من عشرة مساجد في بغداد وحدها خلال شهر".

وتدفع هذه الحوادث العديد من العراقيين لتجنب الذهاب إلى المساجد والحسينيات، وتعيد إلى أذهانهم أيام الحرب الطائفية بين 2006 و2008 حين كانت دور العبادة الهدف الأول لأعمال العنف.

العودة إلى الوراء
ويقول إحسان أحمد وهو تاجر (سني) يسكن بمنطقة البيجية في غرب بغداد "توقفت عن الذهاب لتأدية الصلاة بعد إغلاق المسجد القريب من بيتنا بسبب الهجمات".

ويضيف "آخر هذه الهجمات كان انفجار عبوة بالمؤذن قبل نحو أسبوعين حين اندفع المؤذن رحمه الله إلى العبوة قرب باب الجامع ووقف عنده يحذر المصلين من الاقتراب (…) وفجأة انفجرت العبوة واستشهد هو".

ويسأل أحمد "كل هذا حدث أمام عيني، فكيف لي أن أذهب مجددا؟ حتى أن زوجتي وأولادي يمنعونني من الذهاب".

من جهته، يقول علي (29 عاما) (شيعي) الذي يعمل حارسا أمنيا بشركة خاصة "الناس باتوا يترددون في الذهاب إلى الحسينيات مع أنني لم أتوقف عن ذلك. علينا أن ندرك أن هناك من يحاول العودة بنا إلى الوراء وأن نواجه ذلك".

وتصاعد التوتر الطائفي بشكل كبير عقب مهاجمة قوات الأمن الشهر الماضي لاعتصام مناهض لرئيس الحكومة في الحويجة غرب كركوك قُتل خلاله خمسون شخصا، مما أطلق شرارة أعمال عنف تحمل طابعا طائفيا قضى فيها أكثر من مائتي شخص.

وتقول ليلى شيروان (سنية) وهي ربة منزل "أذهب منذ أكثر من 25 سنة إلى المسجد لأصلي، لكنني توقفت عن ذلك عندما بدأت الأحداث الطائفية قبل سنوات".

وتضيف "في زمن صدام كنا نقول لا يوجد أمل، واليوم تأكدنا بالفعل أن الأمل في هذا البلد مات ولن يحيا مجددا".

المصدر : الفرنسية