شافيز.. واجه أميركا وهزمه السرطان

Venezuelan President Hugo Chavez gestures at the Miraflores presidential palace in Caracas on October 1, 2011. Chavez has undergone surgery in Cuba to remove a potentially cancerous lesion and is in "good condition
undefined

هوغو شافيز الذي حكم فنزويلا 14 عاما اختصر خلالها البلاد بوجهه واسمه، هزمه السرطان بعد سنتين من مرض أحيط بالسرية، فتوفي في السادس من مارس/آذار 2013 تاركا وراءه إرثا لا يمكن لخليفته محوه بسهولة.

وشافيز الذي كان يتمتع بحضور وحيوية كبيرين ومعروفا بخطبه الحادة، كان يطمح إلى إنجاز مشروعه "اشتراكية القرن الحادي والعشرين" على رأس بلاده التي تملك واحدا من أكبر احتياطيات النفط في العالم.

وقد بدأ منذ 1982 يعد مشروعه الاشتراكي هذا المستوحى من سيمون بوليفار الشخصية الرمز في الكفاح من أجل استقلال بلدان أميركا اللاتينية من الإسبانيين.

وفي 1992 نفذ المقدم في سلاح المظليين هوغو شافيز انقلابا فاشلا على الرئيس كارلوس أندريس بيريز الذي ألقى به في السجن سنتين، الأمر الذي جعله يحظى بشعبية كبيرة.

وأسس شافيز عام 1997 حزبا باسم حركة الجمهورية الخامسة وحظي بمساندة اليساريين والطبقات الفقيرة. وقد أعلن عن برنامج يركز على مقاومة الفقر والرشوة فحصل على نسبة 56% في رئاسيات ديسمبر/كانون الأول 1998، منهيا هيمنة دامت ثلاثين سنة لحزبي العمل الديمقراطي والديمقراطيين المسيحيين. وقام بتعديل دستوري في ديسمبر/كانون الأول 1999 وانتخب بعده في 30 يوليو/تموز 2000 لمدة ست سنوات.

وبنى شافيز -الذي يقود أكبر دولة مصدرة للنفط في أميركا الجنوبية- شعبيته على عدة برامج اجتماعية في مجال الصحة والتربية حتى أصبح الناس الأكثر فقرا يشعرون بامتنان لا حدود له ويكررون أنه أعاد لهم "كرامتهم" رغم تضخم كبير عانت منه البلاد.

يأخذ منتقدو شافيز عليه أنه يفرض حضورا طاغيا ويسخر موارد الدولة في خدمة قضية واحدة هي البقاء في الحكم

تسخير الموارد
في المقابل يأخذ عليه منتقدوه أنه يفرض حضورا طاغيا ويسخر موارد الدولة في خدمة قضية واحدة هي البقاء في الحكم.

وفاز هذا المظلي السابق في كل الانتخابات التي شارك فيها بالرغم من اتهام معارضيه له بـ"التسلط".

وشافيز -الذي كان متقد الحيوية والنشاط قبل مرضه، لا يرحم خصومه ويتمتع بكاريزما قوية ويمكنه أن يمزج في خطاب واحد أغنيات شاعرية وشتائم وثقافة واسعة- طور أسلوبا في الحكم غير تقليدي يستند فيه إلى حدسه وما تعلمه من تدريبه العسكري.

وتعتبر المؤرخة مرغاريتا لوبيث مايا التي كانت حليفته قبل أن تنتقل إلى المعارضة أن "شافيز مزيج متناقض من اليسارية والنزعة العسكرية ولديه إقبال مفرط على السلطة. وأحد أكبر دوافعه هو البقاء في الحكم بلا حدود".

وبعد محاولة الانقلاب التي تعرض إليها في 2002، قرر الرئيس أن العالم ينقسم إلى فئتين: أصدقاء وخصوم واصفا معارضيه بأنهم "خونة" و"بلا وطن".

لكن خارج حدود بلاده ينظر إليه على أنه نموذج "وممول" لعدة زعماء يساريين في أميركا اللاتينية. الذي كان من أشد مناصري وحدتها.

أثبت شافيز تحليه بالبراغماتية فلم يعمد يوما إلى تعليق إمدادات النفط إلى الولايات المتحدة رغم انتقاداته اللاذعة "للإمبريالية الأميركية"

براغماتية ومناهضة
وقد أقام هيئات للتكامل الإقليمي ونسج تحالفات إستراتيجية مع روسيا والصين وإيران ولا يفوت فرصة لدعم قادة مثل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والرئيس السوري بشار الأسد.

وفي الوقت نفسه أثبت تحليه بالبراغماتية فلم يعمد يوما إلى تعليق إمدادات النفط إلى الولايات المتحدة رغم انتقاداته اللاذعة "للإمبريالية الأميركية".

كما أعلن شافيز عن مناهضة العولمة، وعن ضرورة وجود عدة محاور وأقطاب في العالم، في خطاب سياسي معاد لأميركا. كما قام بإصلاحات اقتصادية هامة من أبرزها توزيع الأراضي على الفقراء بعد أن كانت في أيدي زمرة قليلة من المواطنين، وحاول ضبط أسعار البترول.

ولد شافيز في 1954 لأبوين معلمين بولاية باريناس (جنوب غرب)، ويعرف بحبه الشديد للقراءة، وهو أب لأربعة أبناء وقد طلق مرتين.

وكان شافيز فاز للمرة الثالثة في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بغالبية 54.42% من الأصوات. وكان هذا الفوز يسمح له بالبقاء في الحكم حتى 2019 على أقل تقدير.

إلا أنه لم يتمكن من العودة إلى كراكاس ليقسم اليمين ويتولى مهامه رسميا. وقد تم إرجاء هذا الحفل إلى أجل غير مسمى بينما يتولى نائب الرئيس نيكولاس مادورو إدارة البلاد في غيابه.

وقد عاد فجأة إلى كراكاس في 18 فبراير/شباط وأدخل إلى المستشفى العسكري في العاصمة بعدما كان يعالج في المستشفى منذ أكثر من شهرين في هافانا بكوبا حيث خضع لأربع عمليات جراحية كان آخرها في ديسمبر/كانون الأول، منذ تشخيص إصابته بالسرطان في يونيو/حزيران 2011 في منطقة الحوض.

المصدر : وكالات