علاقات تركيا وإسرائيل هل تعود؟

epa01969634 A handout picture provided by the Israeli Government Press Office on 18 December 2009 shows Israeli President Shimon Peres (L) and he shakes hands with Turkish President Abdullah Gul as they meet during the COP15 UN Climate Change Conference in Copenhagen, Denmark. EPA/MOSHE MILNER HANDOUT PHOTO NOT FOR PUBLICATION IN ISRAEL WITHOUT GPO CREDIT EDITORIAL USE ONLY / NO SALES
undefined

وديع عواودة-حيفا

يتوافق مراقبون كثر على أن العلاقات الإسرائيلية التركية لن تعود لسابق مجدها رغم الاعتذار الإسرائيلي والاتفاق على استعادة السفيرين ويرجحون أن يبقى التطبيع الناجم عن ضغط أميركي، بطيئا ورمزيا.

وقالت الإذاعة الإسرائيلية العامة اليوم إن وزيري الخارجية لتركيا وإسرائيل اتفقا اليوم في محادثة هاتفية على تحديد آلية لصياغة شروط وتنفيذ الاتفاقية.

وأشارت إلى أن خلافا غير متوقع يعيق التقدم بالمصالحة في ظل مطالبة تركيا بمبالغ طائلة لتعويض ضحايا العدوان على "مرمرة" بقيمة عشرات ملايين الدولارات.

وربما تساهم معرفة الدوافع الحقيقية خلف هذه المصالحة في استشراف مستقبل علاقات تركيا وإسرائيل واحتمال عودتها لمجاريها.

أوساط إعلامية وسياسية في إسرائيل تعتبر أن المصالحة الإسرائيلية التركية هي وليدة لقاء مصالح ودبلوماسية أميركية، وتهديدات وتغيّرات إقليمية وخريطة سياسية جديدة في إسرائيل.

‪ألون ليئيل أوضح أن الاعتذار لما كان سيتحقق لولا زيارة الرئيس الأميركي أوباما‬ (الجزيرة نت)
‪ألون ليئيل أوضح أن الاعتذار لما كان سيتحقق لولا زيارة الرئيس الأميركي أوباما‬ (الجزيرة نت)

الاعتذار والتصالح
من جانبها تواصل الحكومة الإسرائيلية التمسك بالرواية الرسمية والزعم أن الاعتذار والتصالح مع تركيا هما وليدا التطورات داخل سوريا خاصة ما يتعلق بمخاطر السلاح الكيمياوي.

وهذا ما يزعمه رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو في صفحته في فيسبوك، مشددا على تأثير تدهور الموقف في سوريا "الآخذة بالتحلل" معتبرا أن الخطر الأكبر يكمن بسقوط السلاح الكيمياوي بيد "منظمات إرهابية".

مبينا أن إسرائيل ألغت بعض القيود على حركة تنقل الأشخاص والبضائع من وإلى غزة وأنها ستواصل ذلك طالما حوفظ على الهدوء.

وتندرج أقوال نتنياهو ضمن الرواية الإسرائيلية المعلنة لكن المصالحة لما كانت تتم بين إسرائيل وتركيا لولا الضغوط الأميركية كما يؤكد للجزيرة نت سفير إسرائيل السابق في أنقرة المحاضر الجامعي الدكتور ألون ليئيل.

بل يوضح ليئيل أن الاعتذار لما كان سيتحقق لولا زيارة الرئيس الأميركي براك أوباما لافتا لمعارضته من قبل أوساط متنفذة بالمؤسسة الحاكمة في إسرائيل على رأسها وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان الذي طالما أحبط أي محاولة للاعتذار.

 إبراهيم صرصور: اعتذار نتنياهو يدلل على أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة (الجزيرة نت)
 إبراهيم صرصور: اعتذار نتنياهو يدلل على أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة (الجزيرة نت)

حصار غزة
من جهتهم يواصل الساسة الأتراك التأكيد على موقف بلادهم بأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل مرهون بتنفيذها وعودها بتعويض الضحايا وتخفيف الحصار عن غزة.

علما أن رئيس حكومتها رجب أردوغان طالب سابقا بإلغاء حصار غزة ويلفت في تصريحاته إلى أن التطبيع سيكون تدريجيا دون الإشارة لأي مستوى سيكون.

ويبقى السؤال هل تعود العلاقات الثنائية الوثيقة في السياسة والتعاون الاقتصادي والأمني لسابق مجدها وهل تشمل المصالحة بين الشعبين أم تقتصر على المستوى الدبلوماسي؟

ألون ليئيل يرجح أن تتبادل إسرائيل وتركيا السفراء والقناصل مجددا خلال ثلاثة شهور لكنه يستبعد عودة  "قصة الحب" التي ميزت علاقاتهما في سنوات التسعين إلا إذا تم اختراق في العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين.

ويعتبر أن الشعوب لا تصل أبدا لمستوى الخصومة التي تسود بين القيادات زاعما أن تصفية الرواسب السلبية بينها مهمة أسهل من إنهاء خصومات القيادات.

ويتفق رئيس القائمة العربية الموحدة النائب إبراهيم صرصور مع ليئيل بشأن فعالية الضغط الأميركي لكنه يستبعد عودة "شهر العسل" في علاقاتهما بسبب التزام تركيا بدورها الإسلامي والإنساني في مساندة الشعب الفلسطيني.

إبراهيم صرصور: "ترجم أردوغان قيمة الوحدة العربية والإسلامية المادية والروحية التي كانت وستبقى الضمان لنهضة الأمة وطالما بقي النزيف الفلسطيني مفتوحا ستبقى علاقات إسرائيل بتركيا باردة"

نهضة الأمة
ويضيف"ترجم أردوغان قيمة الوحدة العربية والإسلامية المادية والروحية التي كانت وستبقى الضمان لنهضة الأمة وطالما بقي النزيف الفلسطيني مفتوحا ستبقى علاقات إسرائيل بتركيا باردة".

ويقول صرصور للجزيرة نت إن اعتذار نتنياهو يدلل على أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة، وإن واشنطن تستطيع أن تفرض على إسرائيل حلولا لملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وهذا ما يؤكده المعلق العسكري الإسرائيلي عاموس هارئيل الذي يشير في تصريح لإذاعة الجيش اليوم لقوة الدور الأميركي.

لكن هارئيل يذكّر أن تدهور علاقات تركيا إسرائيل بدأ قبل الاعتداء على أسطول الحرية في 2010 وتحديدا مع صعود أردوغان للحكم في 2003.

ويبين أن العلاقات الثنائية بلغت نقطة اللاعودة بعد شن عدوان الرصاص المصبوب على غزة نهاية 2008 ووقف الوساطة التركية في المداولات بين إسرائيل وتركيا. ويتابع "كما أن التعاون الاستخباراتي الوثيق بين تركيا وإيران سيردع إسرائيل عن التعاون معها بهذا المضمار خوفا من تسريبات".

ويرجح ألا تتم عملية ترميم علاقات التعاون الإستراتيجي بينهما بسرعة ويشدد على أن من ينتظر عودة "شهر العسل" نصيبه الخيبة لافتا أن استئناف العلاقات العسكرية بين الدولتين سيبقى تدريجيا ورمزيا فقط.

المصدر : الجزيرة