نداء أوجلان منعطف لأكراد الشرق الأوسط

Diyarbakir, Diyarbakir, TURKEY : Kurds celebrate on March 21, 2013 Nowruz, the Persian New Year festival, and flash victory signs in the southern Turkish city of Diyarbakir. The festival is celebrated in Turkey, Central Asian republics, Iraq, Iran, Azerbaijan as well as war-torn Afghanistan and coincides with the astronomical vernal equinox. The festival is celebrated in Turkey,
undefined

يشكل النداء الذي وجهه الزعيم الكردي السجين عبد الله أوجلان إلى مقاتلي حزب العمال الكردستاني  لإلقاء السلاح، منعطفا في تاريخ الأكراد الذين يخوضون نزاعا مسلحا للحصول على الاستقلال وتعرضوا قبل 25 عاما لهجوم بالأسلحة الكيميائية.

ووجه أوجلان أمس رسالة لمقاتلي الحزب الكردستاني تليت في ديار بكر بجنوبي شرقي تركيا، دعاهم فيها إلى وقف إطلاق النار ضد الحكومة التركية وسحب مقاتلي الحزب من تركيا إلى شمالي العراق، تمهيدا لاتفاق سلام ينهي التمرد الكردي الذي بدأ عام 1984 وأوقع عشرات آلاف القتلى غالبيتهم من الأكراد.

وأثار نداء الزعيم الكردي الذي جاء بعد سلسلة من الخطوات الإيجابية، آمالا بالتوصل إلى حل نهائي للنزاع المستمر منذ ثلاثة عقود مع تركيا، إلا أن الأكراد في العراق وتركيا وسوريا وإيران لا يزالون أمام تساؤلات جدية على المدى الطويل، حول علاقاتهم مع الحكومات المركزية غير المتعاطفة مع قضيتهم.

تمتع الأكراد بفترات من الحكم الذاتي في قرون سابقة، ومع أنه تم الاعتراف بحقهم في دولة مستقلة في المعاهدات بعد الحرب العالمية الأولى، إلا أن هذه التعهدات لم تنفذ أبدا

وقالت جاين كينيمونت -من مركز تشاتهام هاوس في لندن- إن وقف إطلاق النار سينطوي على انعكاسات مهمة لمجمل الحركات الكردية في المنطقة. وأضافت أن نداء أوجلان "قد يبرز خيارات أكثر لتطلعات الأكراد يجب تعزيزها ضمن نظام الحكومة الإقليمية الحالي".

غير أن جاين أشارت إلى وجود توتر بين ما سمتها الأحلام المثالية بإقامة دولة تجمع المناطق الكردية وواقعية القادة السياسيين في الشرق الأوسط القائم على نظام دول متعددة الإثنيات والطوائف لكن مع مخاوف كامنة من التجزئة.

وغالبية الأكراد في الشرق الأوسط والمتحدرين من أصل هندو-أوروبي من المسلمين السنة، ويتراوح عددهم بين 25 و35 مليونا وهم يختلفون في لغتهم وثقافتهم عن العرب والأتراك والفرس.

ولذلك غالبا ما تنظر الدول الأربع التي ينتشر فيها الأكراد في المنطقة إليهم على أنهم تهديد، ويعاني هؤلاء منذ زمن طويل من المضايقات والتمييز وكانوا ضحية مجازر.

وتمتع الأكراد بفترات من الحكم الذاتي في قرون سابقة، ومع أنه تم الاعتراف بحقهم في دولة مستقلة في المعاهدات بعد الحرب العالمية الأولى، إلا أن هذه التعهدات لم تنفذ أبدا.

اضطهاد
ومع استثناء إعلان الأكراد في إيران عن جمهورية مستقلة لفترة وجيزة بعد الحرب العالمية الثانية، فإنهم غالبا ما عانوا من الاضطهاد طيلة عقود في الشرق الأوسط.

وحتى التقدم الذي تم تحقيقه في إيران كان محدودا فقد شهد إقليم كردستان (غرب) مواجهات دامية بين قوات الأمن الإيرانية ومجموعة بيجاك الكردية المتمردة والناشطة انطلاقا من قواعد خلفية في العراق.

وكانت تركيا حتى عام 2002 تحظر استخدام اللغة الكردية كما لم يكن من المسموح استعمال كلمة "كردي" في الخطابات الرسمية.

كما شن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حملة دامية دمر فيها قرى وبلدات بالكامل، وأسوأ تلك الحملات كان في عام 1988 عندما شارفت الحرب بين العراق وإيران على النهاية وقامت مقاتلات عراقية بقصف مدينة حلبجة، مما أدى إلى مقتل قرابة خمسة آلاف شخص.

أكراد تركيا خاضوا نزاعا مسلحا استمر ثلاثة عقود (الجزيرة-أرشيف)
أكراد تركيا خاضوا نزاعا مسلحا استمر ثلاثة عقود (الجزيرة-أرشيف)

ويروي شوان زلال -وهو مستشار سياسي مقيم في لندن ومتخصص في شؤون كردستان- لوكالة الأنباء الفرنسية قائلا: "لقد كبرت في العراق حتى العشرين من العمر، لكنني تعلمت أن أكره هذا البلد".

وتذكر زلال -الذي نشأ في السليمانية بكردستان العراق لكنه رحل إلى العاصمة البريطانية لندن في عام 1994- كيف اضطر مرة لدفع مبلغ من المال لتسلم جثمان عمه بعد إعدامه.

وأضاف زلال أن هناك جروحا لا تندمل، وقال "عندما يحاول أحد انتزاع هويتك فأنت تتمسك بها أكثر وبقوة أكبر".

وفي السنوات التي تلت مجزرة حلبجة، اتخذ أكراد العراق خطوات لتعزيز حكمهم الذاتي، وانتقلوا نحو الاستقلال اقتصاديا عن بغداد بعد الغزو الأميركي في عام 2003 والذي أطاح بنظام صدام حسين.

في المقابل، فإن النزاع المستمر منذ عامين في سوريا، جدد آمال السكان الأكراد هناك بإقامة منطقة لها حكم ذاتي على غرار كردستان العراق وبمنأى عن أعمال العنف التي تشهدها سائر البلاد.

تفاؤل
ومع أن نداء أوجلان زاد من احتمال التوصل إلى سلام دائم في تركيا التي تشهد نزاعا طويل الأمد بين قوات الأمن ومقاتلي حزب العمال الكردستاني.

ويقول رئيس هيئة العلاقات الخارجية في كردستان العراق فلاح مصطفى للوكالة الفرنسية إنه قد  "يكون من المبكر أن نصدر أحكاما أو تكهنات، لكن المهم هو حصول تطورات إيجابية وخطوات في الاتجاه الصحيح".

وأضاف مصطفى قائلا "أنا متفائل وإيجابي، لأننا وقبل 25 عاما كنا نتعرض للقتل بالأسلحة الكيميائية".

المصدر : الفرنسية