نقل الحدث السوري يكلف الناشطين أرواحهم

يعرض الناشطون السوريون حياتهم للخطر من أجل نقل الصورة.
undefined


الجزيرة نت-خاص

الوجود في مكان الحدث في ظل الاشتباكات الدائرة في سوريا يتطلب من الناشطين الإعلاميين قدرا من الجرأة ليس بقليل، ويكلفهم نقلُ صورة ما يجري في بلدهم المخاطرةَ بالتعرض للإصابات، وفي أحيان كثيرة تكون حياتهم ثمنا لذلك.

فمنذ أيام قـُتل أحمد شحادة تحت القصف في مدينة داريا وهو مدير تحرير جريدة "عنب بلدي" التي لم تتوقف عن الصدور رغم القتال المتواصل منذ شهور في المدينة، وكان أحمد -الذي يدرس الماجستير في الاقتصاد- مسؤولا عن البرامج في بعثة الاتحاد الأوروبي بسوريا.

وأعربت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون عن حزنها لمقتله، وقدمت التعازي لعائلته وأصدقائه، وقالت "لقد قتل أحمد خلال تقديم المساعدة الإنسانية لسكان داريا، وكان معروفاً بشجاعته وتفانيه".

وكان أحمد ناشطا في الثورة السورية منذ بدايتها وتعرض للاعتقال مرتين وللتعذيب، ووصف صديقه أسامة نصار مقتله بالخسارة التي لا تعوض.

وقال للجزيرة نت، إن أحمد كان رجلا متماسكا، لذلك بقي يعمل حتى آخر لحظة دون أن يتأثر بالمثبطات من حوله، وقاد مؤخرا فريقَ جريدة "عنب بلدي" الذي لا ينقصه الإصرار وحس المسؤولية، والذي لم يحتجب ولو لأسبوع واحد رغم مقتل محمد قريطم أحد مؤسسيها.

وقد قـُُتل محمد أيضا تحت القصف في داريا قبل فترة وكان يعمل بدأب لإصدار الجريدة وطباعتها وتوزيعها. ومثل أحمد، فإن محمد لم يترك مدينته رغم محاولات اجتياحها منذ شهور.

وكان محمد قد تحدث للجزيرة نت قبل مقتله بفترة قصيرة، وقال إنه لا يريد الخروج من داريا لأنه سيشعر بأنه خاسر، وإن الناس يسألونه متى سينتهي القتال وإلى أين يمكنهم أن يذهبوا؟

جريدة
جريدة "عنب بلدي" فقدت قبل أيام مدير تحريرها في قصف على داريا (الجزيرة)

استهداف الناشطين
وفي القابون، استهدفت قذيفة هاون الناشطين الإعلامييْن غياث عبد الجواد وبدر الدين جنيد خلال تصويرهما القصف الأسبوع الماضي، ليتحول الشابان إلى أشلاء ممزقة، وقد عبر رفاقهما في المكتب الإعلامي عن الصدمة التي يعيشونها بسبب رؤيتهما على هذا النحو.

وقال أبو البراء للجزيرة نت، إن غياث (25 عاما) كان يحمل شهادة جامعية في الاقتصاد، وهو من بنش في محافظة إدلب، ويعيش في القابون، وعمل باكرا على توثيق الثورة، ورافق الثوار مؤخرا في معركة الغوطة الشرقية وصور اقتحام إدارة المركبات. 

وكذلك كان عامر بدر الدين جنيد في سنته الدراسية الأخيرة في هندسة الاتصالات، لكن قـُدر له أن تضع قذيفة هاون حدا لحياته ونشاطه. 

نقل الحقيقة
ولا يزال الشبان السوريون في المناطق الساخنة يعرضون حياتهم للخطر في سبيل أن ينقلوا للعالم ما يحدث في بلدهم. 

والناشط الإعلامي تيم أحد هؤلاء، وقد أصيب مؤخرا برصاصة قناص كان يصور دبابة أعطبها الجيش الحر، وأثناء انسحابه اخترقت الرصاصة حقيبة كمبيوتره المحمول ودخلت ظهره لتخرج من صدره، وبقي تيم ملقى في مكانه وهو فاقد للوعي، إلى أن تمكن شبان من الجيش الحر من الوصول إليه ونقله إلى مستشفى ميداني، حيث أجريت له عملية.

أُنقذ تيم من الموت لكن وضعه الصحي لا يزال حرجا، فهو يعاني من آلام في صدره وضيق في التنفس وصعوبة في المشي.

وزميله علاء أيضا أًصيب بشظايا قذيفة هاون في ساقه أثناء تصويره القصف، وتحدث هؤلاء الشباب عن رفيقهم محمد سعيد الحموي الناشط الإعلامي الذي كان يفترض أن يتخرج من كلية الإعلام هذا العام، ويبدأ عمله الاحترافي في الصحافة، لكن أصابته قبل شهر شظية هاون استقرت في دماغه، وبقي فاقدا للوعي مدة أسبوع وفارق الحياة بعدها. 

وقال ناشطون إن أنس البطش قـُتل منذ أيام خلال تصويره المعارك في حرستا بريف دمشق ليكون خامس ناشط يُقتل في غضون أسبوع. 

 الناشطون الإعلاميون في الثورة السورية تغيب عن عملهم إجراءات السلامة (الجزيرة)
 الناشطون الإعلاميون في الثورة السورية تغيب عن عملهم إجراءات السلامة (الجزيرة)

إجراءات السلامة
لا يرتدي هؤلاء الناشطون دروعا واقية من الرصاص، وتغيب عن عملهم إجراءات السلامة، مما يزيد أعداد القتلى والمصابين منهم.

وكانت رابطة الصحفيين السوريين أعلنت أن 138 صحفيا قد قتلوا منذ بداية الثورة في سوريا حتى نهاية شهر فبراير/شباط الماضي.

وقال رئيس لجنة الحريات الصحفية في الرابطة مسعود عكو للجزيرة نت "من الصعب حماية الصحفيين والنشطاء الإعلاميين في سوريا، فالنظام يستهدف كافة المناطق السكنية سواء وُجد فيها مدنيون أم عسكريون، لذا على الصحفي أو الناشط الإعلامي اتخاذ كافة سبل الوقاية والحماية والسلامة الأمنية من تلقاء نفسه، وتجنب أعين القناصة وعدم الوجود أثناء الاشتباكات المسلحة".

وأضاف أن الصحفيين المحترفين تقوم مؤسساتهم بتأمين الدروع الواقية من الرصاص ومعدات الإسعاف الأولي، في حين لا يتوافر ذلك للناشطين، وأبدى استعداد الرابطة للمساعدة في تأمين معدات كهذه للناشطين داخل البلاد.

المصدر : الجزيرة