فلسطينيو 48 يغيثون اللاجئين السوريين

لافتات توعوية ببلدات الداخل الفلسطيني تركز على معاناة أطفال سوريا
undefined

محمد محسن وتد-أم الفحم

تخطى السجال الدائر في الداخل الفلسطيني بشأن الثورة السورية وتباين المواقف منها الحدود الجغرافية، ليكون مشهد لجوء السوريين وتشريدهم من وطنهم إلى دول الجوار بمثابة القول الفصل، حين تم ترك السجال جانبا والانحياز إلى الشعب السوري بالتضامن وحملات الإغاثة.

وأطلقت في العديد من البلدات الفلسطينية بالجليل والمثلث حملات إغاثة وتبرع للاجئين السوريين في الأردن، وكانت انطلاقتها من بلدة باقة الغربية بعنوان "أطفال سوريا أطفالنا.. معاناتهم معاناتنا"، حيث رافقتها حملات توعوية تحدثت للعقول وحركت المشاعر والقلوب لتحظى بإقبال منقطع النظير وتبرع مالي سخي.

ووصلت أولى شحنات الإغاثة من فلسطينيي 48 إلى اللاجئين السوريين بالأردن ومعها تأطَّر مشهد لجوء الفلسطيني مجددا وأعاد إلى الذاكرة مشاهد نكبة 48، وقد أبى من أشرف على الحملة إلا السفر إلى الأردن واحتضان اللاجئين وتدعيم صمودهم حتى نيل الحرية، وذلك قبل توزيع شحنات الإغاثة من فلسطين المنكوبة التي رسمت البسمة على شفاه الأطفال وبعثت الأمل للكبار بالعودة إلى الوطن الأم سوريا.

‪‬ أولى شحنات الإغاثة من الداخل الفلسطينيإلى اللاجئين السورين بالأردن(الجزيرة)
‪‬ أولى شحنات الإغاثة من الداخل الفلسطينيإلى اللاجئين السورين بالأردن(الجزيرة)

تعاطف وتضامن
وقال الناطق الرسمي باسم حملة الإغاثة الشيخ خيري إسكندر إن غالبية أهالي بلدات الداخل الفلسطيني متعاطفون مع الشعب السوري ومنحازون إلى ثورته ضد النظام الذي يقتل شعبه ويدمر المدن، فنجاح حملة الإغاثة يدحض ويسكت الأصوات التي تدعي المؤامرة على نظام بشار الأسد، بل إن توسيعها لتصل المزيد من البلدات أكبر دليل على صدق مشاعر التضامن لفلسطينيي 48 مع الشعب السوري.

وأكد إسكندر أن فكرة تنظيم حملات لإغاثة اللاجئين السوريين بالأردن تولدت مع تواصل المجازر واتساع مشهد اللجوء، وسبقت ذلك زيارات للشباب إلى مخيم الزعتري، عندها تكشفت لهم صورة قاتمة وحجم معاناة اللاجئ السوري ومشهد يذكّر بالجرح النازف لنكبة الشعب الفلسطيني.

ولفت إلى أن اللاجئين السوريين لم يكفوا عن شكر أبناء الشعب الفلسطيني، بل أتبعوها برسائل كثيرة وصلت إلى الداخل الفلسطيني، تشكل أسمى معاني الأخوة والصداقة والترابط بين أبناء الأمة العربية والإسلامية، استطعنا من خلالها أن نتفهم مشاعرهم، فهم لا يكادون يصدقون أن هؤلاء الفلسطينيين هم من يتبرعون من أجلهم.

مشاعر منحازة
واستعرض الشاب هاني عثامنة مدى إقبال الأهالي بالعديد من البلدات الفلسطينية على التضامن وتعطشهم لدعم الشعب السوري وإغاثة اللاجئين، خصوصا أن الحملة تبعها سفر وفد من الشباب القائمين على التبرع إلى اللاجئين في مواقعهم واللقاء بهم.

‪‬ توزيع رسائل من أطفال الداخل الفلسطينيعلى أطفال سوريا(الجزيرة)
‪‬ توزيع رسائل من أطفال الداخل الفلسطينيعلى أطفال سوريا(الجزيرة)

وأكد أن مشاعر الأهالي انحازت إلى الأطفال المشردين والعائلات المهجّرة والبلدات المقصوفة بمدفعية النظام السوري وطيرانه الحربي.

ووصف عثامنة في حديثه للجزيرة نت زخم الحملة التي شهدتها بلدة باقة الغربية والتفاعل الشعبي معها، حين تبرع ذاك الطفل بحصالته ومصروفه اليومي، ومسنة بمدخراتها التي رأت فيها عونا لها عند الشيخوخة، بينما نساء وفتيات تبرعن بجزء من مصاغهن وذهبن، ورجال أعمال وتجار لم يبخلوا بالتبرع من مردود تجاراتهم، حتى العامل الأجير اختار أن يقتسم قوت يومه مع عائلة سورية تعاني ويلات اللجوء.

بدوره، قال الشاب تامر مقالدة من بلدة باقة الغربية الذي شارك في توزيع الإغاثة والمعونات على اللاجئين السورين بالأردن، إن سواعد الشباب في البلدة الذين ترسخت لديهم قناعات بضرورة إغاثة إخوانهم اللاجئين السوريين تجندت مع تواصل تدفقهم إلى الأردن هربا من القصف والمجازر، فمشاهد سفك دماء الأطفال كانت مؤثرة جدا ودفعتهم نحو التحرك والخروج عن دائرة الصمت والتلاحم مع أبناء أمتهم.

وأوضح مقالدة في حديثه للجزيرة نت أنه بفضل عزيمة الشباب وحكمة الكبار تكللت حملات التبرع المالي بالنجاح وستكون في المستقبل حملات أخرى، خصوصا أن حدود الأردن مفتوحة لفلسطينيي 48 للوصول إلى اللاجئين السوريين.

تعاطف متبادل
ولعل أكثر ما أثر في اللاجئين السوريين أن من يوزع عليهم المعونة أبناء الشعب الفلسطيني، هذا الشعب المحاصر الذي طالما اعتمد على معونات العرب ومن ضمنهم الشعب السوري.

وقال الشاب محمد خيري الذي رافق حملة الإغاثة إن كثيرا من السوريين ذرفوا دموعا سخية لمعرفتهم بأن من يوزع المعونة عليهم هو ذلك الفلسطيني الذي طالما كان بحاجة إليهم، وذرفوا دموعا أسخى على ما آل إليه وضعهم حتى أصبحوا في حال أسوأ من حال ذلك الفلسطيني.

وتحدث خيري للجزيرة نت عن تجربة الإغاثة واللقاء باللاجئين السوريين، وقال إنه لمس خلال تواجده تعاطفا متبادلا، فالسوري بطبيعة الحال معتاد على التعاطف مع الفلسطيني رغم ما يتعرض له، والفلسطيني في الوقت الحالي هو من يتعاطف مع شقيقه السوري.

ووصف ذلك بأنه عبارة عن صورة ألوانها كثيرة وغير متناسقة، صورة مبهمة التفاصيل، ومشاعر اختلطت بهل صورة الوضع القائم.

المصدر : الجزيرة