ارتفاع معدلات الانتحار باليمن

الفقر والعوز أدت بكثير من اليمنيين للإصابة بحالات نفسية والأكل من براميل القمامة الجزيرة نت
undefined

 

ياسر حسن-لحج
 
أظهرت إحصائية رسمية في اليمن ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الانتحار في البلاد خلال السنوات الأخيرة، جراء الوضع المعيشي السيئ وانخفاض مستوى دخل الفرد وتفاقم عدد من المشكلات الاجتماعية الأخرى.
 
وذكرت الإحصائية أن حوادث الانتحار بلغت ذروتها في العام المنصرم 2012، إذ بلغ عدد المنتحرين قرابة 253 شخصاً موزعين على 19 محافظة من أصل 21، مقابل 235 انتحروا في عام 2011.
 
وأشارت الإحصائية إلى ارتفاع نسبة المنتحرين في صفوف الفئات التي لم تتلقَ قدراً كافياً من التعليم، فيما انخفضت النسبة في الفئات التي تلقت قدراً أكبر من التعليم. كما ارتفعت بين صفوف الشباب وانخفضت في صفوف الأكبر سناً.
 
وأبدى أكاديميون وباحثون مختصون قلقهم إزاء هذه المعدلات، معتبرين أن الاضطرابات التي مرت بها البلاد أدت إلى تدهور المستوى المعيشي لكثير من اليمنيين، مما أدى ببعضهم للانتحار جراء عدم القدرة على توفير متطلبات العيش الكريم.
تدهور المستوى المعيشي باليمن أدى ببعضهم للانتحار (الجزيرة نت)
تدهور المستوى المعيشي باليمن أدى ببعضهم للانتحار (الجزيرة نت)
الخوف من العقاب
وقال أستاذ علم الاجتماع بجامعة عدن الدكتور سمير الشميري إن ارتفاع معدلات الانتحار في الآونة الأخيرة كان نتيجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي مرت بها البلاد، بالإضافة لأسباب أخرى كالتعرض للاضطرابات والشعور بالانهزام والوحدة، فضلاً عن تأنيب الضمير أو الشعور بالخجل والخوف من العقاب.
 
وأشار -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن ضعف الوازع الديني يعد من أهم أسباب ارتفاع معدلات الانتحار، بالإضافة لأسباب أخرى خاصة عند الشباب كالحرمان العاطفي والبطالة، حيث إن معظم من يقدمون على الانتحار هم من فئة الشباب ما بين 15-25 عاماً، والذين تبلغ نسبة البطالة فيهم 52%.

وأضاف الشميري أن نسبة الفقر تزداد بنسبة 5% سنوياً، ومرتبات الموظفين انخفضت بنسبة 70% مقارنة بالدولار عما كانت عليه في العام 1990، كما أن نسبة الواقعين تحت خط الفقر باليمن وصلت إلى 83%، ويترافق ذلك مع النمو السكاني المتزايد والذي يصل إلى 3% سنوياً.

 
وعن كيفية الحد من تنامي تلك الظاهرة، قال الشميري إن ذلك يتم من خلال معالجة مشاكل المجتمع، فالأمر مرتبط بتحسن حياة المجتمع وعدم وجود اضطرابات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، الأمر الذي سيحد من تنامي الظاهرة، ويساعد على إيجاد توازن اجتماعي وروحي ونفسي، بالإضافة للتوازن السياسي الذي يعد من العوامل الأساسية لإعادة التوازن في المجتمع.
‪جهاد محسن يرى أن البطالة والمشكلات الاجتماعية من أهم أسباب انتشار الظاهرة‬ (الجزيرة نت)
‪جهاد محسن يرى أن البطالة والمشكلات الاجتماعية من أهم أسباب انتشار الظاهرة‬ (الجزيرة نت)
الوازع الديني
بدوره، يرى الصحفي المختص بالقضايا الاجتماعية جهاد جميل محسن أن هناك دوافع كثيرة تقف وراء تنامي الظاهرة، وأن لها ارتباطات بعوامل نفسية ناجمة عن ظروف وأوضاع اقتصادية واجتماعية كالبطالة والمشكلات الأسرية والجهل وغياب الوازع الديني.

وأضاف -في تصريح للجزيرة نت- أن انتشار الحبوب المخدرة بين الشباب خلال العامين الماضيين يعد من أبرز العوامل في ظل غياب الرقابة الأمنية، مشيراً إلى وجود نسبة من الأطفال المنتحرين، الأمر الذي يعد مسألة خطيرة تشير إلى وجود خلل اجتماعي وأسري كبير.

وبين محسن أنه لا بد من تقديم وسائل الإرشاد والتوعية للشباب وتعريفهم بطرق الوقاية، بالإضافة لتوفير دورات تملأ  فراغ أوقاتهم في أمور تعود عليهم بالمنفعة والفائدة.

وقال إن على مؤسسات الدولة أن تهتم بتطوير خططها الإستراتيجية وفق رؤية مستقبلية شاملة، وأن توفر مشاريع تنموية تساهم بانتشال الشباب من أوضاع البطالة، وتوفر من خلالها بيئة مناسبة للاستقرار الوظيفي والأسري، إلى جانب تخصيص مراكز وعيادات نفسية واجتماعية مجانية، تساعد من يعانون من ظروف نفسية مزمنة أو من مشكلات أسرية.

المصدر : الجزيرة