"لسان الضاد يجمعنا" في "تحت المجهر"

تحت المجهر- تقرير لسان الضاد يجمعنا صور من البرنامج
undefined

ليس جديدا ما يواجهه راهن اللسان العربي في عصر العولمة من تحد، وإن كان خرج سالما من جراحه بعد مواجهة حضارية قبل حوالي 15 قرنا إبان الفتح واستيطان أصقاع أعجمية، وإن نزفت جراحه مرة أخرى إبان عصور الركود والانحطاط حتى وصل إلى ما هو عليه الآن، فإن مواجهته الحالية لا تبدو سهلة، ولا يبدو أن ما تبقى لنا من العربية في مأمن من خطر الانحسار والضمور.

هذا هو موضوع حلقة "لسان الضاد يجمعنا" هذا الأسبوع من برنامج تحت المجهر التي تبث الأربعاء في الرابع من ديسمبر/كانون الأول 2013 الساعة 17.05 بتوقيت مكة المكرمة (14.05 بتوقيت غرينتش). 

معظم ضيوف الحلقة يجمعون على أن اللغة العربية في خطر داهم، لانتشار اللغات الأجنبية الغربية -لا سيما الإنجليزية- بين ظهراني الناطقين بالعربية، ولتفشي العاميات ثانيا، الأمر الذي جعل العتاد اللغوي للنشء العربي هزيلا.

ضيوف البرنامج أكدوا أن اللغات الأجنبية باتت طاغية على ثقافتنا العربية(الجزيرة)
ضيوف البرنامج أكدوا أن اللغات الأجنبية باتت طاغية على ثقافتنا العربية(الجزيرة)

طغيان الإنجليزية
من الضيوف من يبرر الحضور الطاغي للإنجليزية في ثقافتنا العربية، فيرون أن انتشار اللغات الأجنبية الغربية مرده إلى أن المنجزات الحضارية في القرنين الماضيين هي من صنع الغرب، فكان من الطبيعي لمن أراد اللحاق بركب الحداثة أن يتقن لغة ذلك الركب.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل مواكبة الحداثة شرطها التخلي عن اللغة القومية؟ اليابان وكوريا الجنوبية، مثلا، حققتا إنجازات تقنية وصناعية مهمة دون أن تتخليا عن هويتهما، التي تعتبر اللغة أهم عناصرها، بل إن إسرائيل بعثت لغتها الدينية التي كانت شبه ميتة، وجعلت منها لغة قادرة على تلبية متطلبات العلم والتعليم.

فما أسباب انحسار اللغة العربية إذن؟ يعرض الفيلم لجملة من الأسباب منها: عدم التجديد في اللغة، ويلقي باللائمة هنا على مجامع اللغة العربية العشر، وعدم مواكبة كتاب اللغة العربية للكتاب الإنجليزي، الجذاب والمدهش والجميل المزود أحيانا بالوسائط المتعددة، وعدم إيلاء معلم اللغة العربية نفسه الاهتمام المطلوب وتزويده بأحدث أساليب التدريس الحديثة.

العربية عرفت أوج تميزها إبان النهضة الإسلامية الكبرى قبل قرون(الجزيرة)
العربية عرفت أوج تميزها إبان النهضة الإسلامية الكبرى قبل قرون(الجزيرة)

لغة حضارة
لكن يبقى السبب الأهم لانحسار العربية هو ضآلة أو غياب مساهمة العرب في المعرفة الإنسانية منذ عهد الخليفة المأمون، أي منذ أكثر من عشرة قرون، فعندما بنى العرب حضارتهم في الطب والفلك والصيدلة كانت اللغة العربية وعاءها الحاضن.

بعض التجارب الإعلامية العربية كانت ناجحة في دعم اللغة العربية، مثل برنامج "افتح يا سمسم" للأطفال، والمسلسلات التاريخية الناطقة بالفصحى التي انطلقت من بيروت وبغداد في السبعينيات، كما أضاف المشهد العربي الفضائي الإخباري وهجا للغة العربية الفصحى مخاطبا العرب من المحيط للخليج ببرامج وأخبار واحدة، لكن مع الوقت بدأت اللهجات العامية تتنافس في ما بينها، وتسلل "العربيزي" (العربية بحروف لاتينية أو الإنجليزية بحروف عربية) إلى الفضائيات ومواقع الإنترنت، ناهيك عن المسلسلات المدبلجة باللهجات العامية.

إن استمر الوضع على ما هو عليه سننشئ جيلا ينظر لنفسه نظرة دونية، يحسد الغرب على لغته بعد أن تخلى عن اللغة لصالح اللهجة، وهو الأمر الذي يحلم به الحاقدون والكارهون والمتربصون بالوطن العربي كتلة واحدة، فلا بد من إحياء كل ما هو قيّم في اللغة، شعرا ونثرا، فأنى نكوّن ضميرا جمعيا عربيا إن لم نقرأ الشعر مثلا؟

بل كم عدد من يعلم من مشاهدي العالم العربي أن عنوان هذه الحلقة من برنامج "تحت المجهر" هو شطر بيت من نشيد عربي كان الجميع يحفظه عن ظهر قلب؟

المصدر : الجزيرة