أزمة اليونان تتسبب بتلوث أجوائها

مأخوذة لمدينة أثينا من أحد الجبال المحيطة بها وتظهر في عمقها التلوث الحاصل في الجو
undefined

شادي الأيوبي-أثينا

أدى ارتفاع أسعار وقود التدفئة في اليونان إلى أزمة بيئية خانقة تهدد مدنها الكبرى، وذلك بعد توجه جزء كبير من اليونانيين إلى إحراق الأخشاب طلباً للتدفئة من صقيع الشتاء الذي يضرب بلادهم.

وأدى إحراق الأخشاب وخروج الأدخنة من آلاف المداخن في المدن اليونانية إلى ارتفاع مستوى التلوث في الجو وانتشار غازات خانقة، خصوصا أن الأخشاب التي يتم حرقها قد تكون أحيانا قطعا من الأثاث المطلي بأصبغة كيميائية مثل "الورنيش".

وانتشرت هذه الغازات مؤخرا بشكل كبير في أجواء المدن اليونانية الكبرى مثل أثينا وسالونيك وباترا ويانينا، حيث يظهر تأثيرها في الليل بشكل أكبر، وتثقل الأجواء بشكل خاص في حال سكون الرياح التي تفرقها.

خمسة أضعاف
وفي مدينة سالونيك شمال اليونان، وصلت نسبة الجسيمات إلى 265 ميكروغرام في المتر المكعب الواحد من الهواء، مما يساوي خمسة أضعاف الحد المسموح به.

أثينا في الأوقات الخاليةمن مستويات التلوث العالية (الجزيرة)
أثينا في الأوقات الخاليةمن مستويات التلوث العالية (الجزيرة)

الحكومة اليونانية طلبت من المواطنين عدم استخدام المواقد وحرق الأخشاب خلال الليالي التي تسكن فيها الرياح، وألمحت إلى معاقبة المخالفين.

وفي خطوة أخرى، أعلنت عن تزويد الفئات الفقيرة المسجلة فيما يُعرف في اليونان بـ"التسعيرة الاجتماعية" بالتيار الكهربائي مجانا في الأيام التي تزداد فيها نسبة التلوث.

واقترحت الحكومة إقفال المدارس ووقف تدفئة بعض المباني الحكومية وتحديد حركة المركبات السيارة كخطوة أخيرة للحد من التلوث.

حافز التدفئة
ويؤكد المتابعون أن هذه الإجراءات لا تكفي لمكافحة التلوث البيئي، ويطالبون الحكومة بإعادة دفع حافز التدفئة الذي كانت تعطيه للفقراء لحثهم على التزود بالوقود الأخف تأثيرا على البيئة.

وقال مدير مرصد أثينا للأبحاث المناخية خريستوس زيريتوس إن الساعات التي يبلغ التلوث فيها ذروته بالمدن اليونانية تتراوح ما بين 45 و50 ساعة خلال العام، وتجتمع فيها عوامل ثلاثة وهي: سكون الرياح، وانعدام المطر، والبرد الذي يدفع لإشعال المداخن.

وأشار إلى إنه اقترح على السلطات تزويد جميع المواطنين بالتيار الكهربائي مجانا خلال هذه الساعات، بدلا من الاقتصار على تزويد الفئات المصنفة بالفقيرة والتي لا تتجاوز نسبتها 5% من المواطنين.

وأضاف خريستوس أن المشكلة تمتد إلى جميع دول الاتحاد الأوروبي، لكنها أقل حجما هناك بسبب الرقابة الحكومية ووعي المواطنين.

خريستوس:
ارتفاع أسعار نفط التدفئة لم تقف نتائجه عند تلوث البيئة، بل أودت بحياة العديد من المواطنين

وقال أيضا إن مدينة أثينا تعاني أكثر في الصيف مع هبوب رياح جنوبية تدفع بالجسيمات الصغيرة للبقاء في جوها، لكن المشكلة الأكبر تظهر في المدن الأخرى مثل سالونيك، خاصة في فصل الشتاء، حيث تخف الرياح.

وارتفاع أسعار نفط التدفئة لم تقف نتائجه عند تلوث البيئة بل أودت بحياة العديد من المواطنين، فقد سجل هذا العام وفاة أكثر من شخص إما بسبب حرائق تسببت بها مواقد الخشب، أو اختناقا بسبب مواقد الخشب والغاز، الأمر الذي أدى إلى سخط وحزن شديدين بين المواطنين.

من ناحيته، قال أستاذ الكيمياء في جامعة أثينا يانيس يوزماس إن هناك أمورا لا بد من تحقيقها، وهي قدرة الفقراء على تدفئة أنفسهم دون حرق الأخشاب، موضحا أن عدد هؤلاء يصل إلى خمسمائة ألف أسرة.

وأشار يوزماس إلى أن الفئات الأغنى من اليونانيين يجب أن تتحمل كذلك نصيبا من المسؤولية بامتناعها عن استعمال المواقد للتدفئة خلال الأيام التي يكثر فيها التلوث، وشدد على أن الموضوع يخص صحة المواطنين وعلى الجميع الانتباه له.

المصدر : الجزيرة