هل بدأ نقل السلطة يترسخ في تونس؟

اغتيال النائب محمد البراهمي فجر أزمة سياسية في تونس
undefined

 

خميس بن بريك-تونس
 

يشق الحوار الوطني في تونس طريقا صعبا وشائكا في ظل التجاذبات السياسية من أجل تشكيل حكومة كفاءات، ستكون السادسة التي تتعاقب على السلطة بعد الثورة، وهو ما اعتبره بعض السياسيين خطوة إيجابية باتجاه ترسيخ مبدأ التداول على الحكم.

فبعد مشاورات مضنية تجاوزت ثلاثة أشهر، واتسمت بكثير من التجاذبات بين المعارضة وحزب حركة النهضة الإسلامي الذي يقود الائتلاف الحاكم، تم الاتفاق بصعوبة على اختيار مهدي جمعة  رئيسا جديدا للحكومة المقبلة ليقود البلاد نحو انتخابات جديدة.

ومن المنتظر أن يستأنف الحوار الوطني الاثنين من أجل استكمال سلسلة من المشاورات الشاقة لتشكيل الحكومة الجديدة التي يتعين أن يكون وزراؤها من الكفاءات المستقلة وغير المعنية بالترشح للانتخابات المقبلة.

العد التنازلي
ومع استئناف الحوار سينطلق العد التنازلي لاستقالة الحكومة الحالية -التي يقودها القيادي بحزب حركة النهضة علي العريض– في ظرف أسبوعين ليفسح المجال لحكومة جمعة التي ستكون سادس حكومة تنقل إليها السلطة في تونس بعد الثورة التي اندلعت قبل ثلاثة أعوام.

الحبيب اللوز قال إن حركة النهضة حريصة على مصلحة البلاد (الجزيرة نت)
الحبيب اللوز قال إن حركة النهضة حريصة على مصلحة البلاد (الجزيرة نت)

ويقول القيادي في حركة النهضة الحبيب اللوز للجزيرة نت إن قبول الحركة باستقالة الحكومة الحالية يعكس "حرصها على حل الأزمة السياسية وتقديم مصلحة البلاد"، مؤكدا أنها بذلك "تساهم في ترسيخ ثقافة التداول السلمي على السلطة".

ويرى أن تونس -بعد سقوط النظام السابق- تجاوزت حقبة مظلمة من تزوير الانتخابات ومنع التعددية الحزبية واضطهاد الإسلاميين واليساريين "وبدأت تشق طريقها نحو الديمقراطية وترسيخ تقاليد التداول السلمي على السلطة رغم مرور وقت قصير على الثورة".

وبعد الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 14 كانون الأول/يناير2011 تسلم رئيس الوزراء السابق محمد الغنوشي السلطة، وشكل حكومتين قبل أن يقدم استقالته ويسلم قيادة الحكومة إلى الباجي قايد السبسي الذي أوصل البلاد لانتخابات أشاد الجميع بنزاهتها.

توافق وتشاور
وفازت حركة النهضة في تلك الانتخابات التي جرت في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011. وتم اختيار الأمين العام للحركة حمادي جبالي رئيسا للائتلاف الحاكم بمشاركة حزبين علمانيين، هما التكتل والمؤتمر.

وفي هذا الاتجاه يقول اللوز إن "حركة النهضة كانت حريصة على منطق التوافق والتشاور"، مبرزا أنها حكمت في إطار ائتلاف ثلاثي مع حزبين علمانيين بعد فوزها بالانتخابات الماضية.

محمد علي نصري قال إن حركة النهضة أجبرت على التخلي عن السلطة (الجزيرة نت)
محمد علي نصري قال إن حركة النهضة أجبرت على التخلي عن السلطة (الجزيرة نت)

لكن تجربة الجبالي مع الائتلاف الحاكم لم تدم طويلا فقدم استقالته بعد اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد في 6 فبراير/شباط الماضي، فاختارت حركة النهضة علي العريض رئيسا جديدا للحكومة بعد رفضها مقترح الجبالي لتكوين حكومة كفاءات.

ثم واجه العريض احتجاجات كبيرة من المعارضة التي طالبت بتنحيته عقب اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو/تموز الماضي، وهو ما فجر أزمة خانقة أدت إلى تنظيم حوار وطني لتشكيل حكومة جديدة.

ويقول اللوز إن الحكومة الحالية واجهت محاولات عديدة لإعاقة المسار الانتقالي جراء الاغتيالات واحتجاجات المعارضة وإعادة تموقع من سماهم فلول النظام السابق، مبرزا أن حزبه "خيّر تمرير السلطة لتجاوز الأزمة وإنقاذ البلاد".

تعديل الكفة
لكن القيادي في حزب نداء تونس المعارض محمد علي نصري يقول للجزيرة نت إن حركة النهضة وجدت نفسها مجبرة على تمرير السلطة وسط تصاعد الغضب الشعبي بسبب فشلها في توفير الأمن وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وفق تعبيره.

وأشار إلى أنه خلافا لتتويج الحكومات المتعاقبة بعد الثورة بتنظيم انتخابات شفافة، فإن حكومتي الجبالي والعريض المتعاقبتين بعد الانتخابات السابقة "زادتا من تعفين الأوضاع وتفاقم الأزمات في البلاد".

كما شدد على أن تأسيس حزب نداء تونس المعارض من قبل الباجي قايد السبسي بعد الانتخابات "كان له دور بارز في تعديل كفة الموازين مع حركة النهضة وتحقيق التوازن في المشهد السياسي لفرض مبدأ التداول على السلطة".

ومقارنة ببعض دول "الربيع العربي" مثل ليبيا ومصر، يقول نصري للجزيرة نت إن تونس "تتجه بخطى ثابتة نحو الديمقراطية"، معتبرا أن تغيير الحكومات في تونس "يعكس في جانب منه قابلية القوى السياسية للتداول على السلطة".

المصدر : الجزيرة