لاجئ سوري يروي قصة معاناته في روسيا

في هذه الغرفة عاش فتوح مع افراد أسرته الأربعة
undefined

أشرف رشيد-موسكو

ترك سوريا بعد عام من بدء الثورة، كانت روسيا واحدة من خيارات قليلة متاحة، وصلها ليواجه فيها معاناة من نوع آخر، إنها الغربة، وقلة الحيلة، والسعي لتحصيل لقمة العيش. 

عرّف نفسه باسم فتوح من مواليد حماة عام 1971 متزوج وأب لثلاثة أطفال، بدأ يروي قصته قائلا "قبل اندلاع الثورة كان لدي ثلاثة مطاعم في مسقط رأسي، وكنت ميسور الحال".

غير أنه يضيف أنه لم يتحمل استمرار الأساليب القمعية التي استخدمتها السلطة لإخماد الثورة، من حواجز واعتقالات ومداهمات وما صاحب تلك الإجراءات من عنف وتنكيل بالمتظاهرين السلميين.  

لكن قراره الحاسم بالمغادرة جاء بعد مظاهرة جرت في ساحة العاصي بحماة تحت شعار "جمعة أطفال الحرية".

فتوح عمل طباخا في روسيا بعد أن كان صاحب ثلاثة مطاعم في سوريا (الجزيرة)
فتوح عمل طباخا في روسيا بعد أن كان صاحب ثلاثة مطاعم في سوريا (الجزيرة)

قرار الهجرة
قال فتوح وهو يحاول أن يستذكر ما حدث "مازال يحضرني المشهد، رأيت بأم عيني كيف فتح عناصر النظام والشبيحة النار باتجاه المظاهرة التي كانت سلمية مائة بالمائة" مضيفا "في ذلك اليوم ارتكبت قوات النظام مجزرة بشعة سقط على إثرها عشرات القتلى، حينها أدركت أنني لن أبقى في سوريا طالما أن هذا النظام على رأس السلطة".

ساعده بعض الأصدقاء على السفر إلى روسيا، وتبين له هناك أن إيجاد عمل بالنسبة لأمثاله ممن لا يجيدون اللغة صعب جدا، لذا قرر بما يملك من مدخرات أن يفتتح مخبزا، وبدأت الأمور تسير بشكل مقبول، فأرسل في طلب زوجته وأطفاله للحاق به وبالفعل جاؤوا والتأم الشمل.

ويكمل فتوح "عشنا سويا في ظروف قاسية، كنا خمسة في غرفة صغيرة متواضعة، أرسلت أولادي للتعليم في المدرسة العربية الوحيدة في موسكو، وكانت نفقات التعليم تستنفد كل ما أجنيه تقريبا" غير أن الأمور ازدادت سوءا عندما تسلم إخطارا بإخلاء المخبز لعدم الترخيص.

ويوضح أنه حاول تدبر أمره لإيجاد حلول، فعمل طباخا بأحد المطاعم، ولكن تحت ضغط النفقات قرر بالنهاية إرسال أسرته إلى مصر بصفتها واحدة من دول قليلة كانت تستقبل اللاجئين السوريين بالرغم من ظروفها الاقتصادية الصعبة.

فتوح حاول الالتحاق بأسرته بمصر لكن دون جدوى(الجزيرة)
فتوح حاول الالتحاق بأسرته بمصر لكن دون جدوى(الجزيرة)

المأساة مستمرة
كان ذلك في عهد الرئيس مرسي، ثم وقع الانقلاب وتغير تعامل السلطات الجديدة مع السوريين، ويشرح ما جرى بعدها بقوله "تقدمت مرارا بطلبات للحصول على تأشيرة للحاق بأسرتي خاصة وأن زوجتي تعاني من مرض فقر الدم لكن دون جدوى، حينها بدأت أشعر بأنني أعيش في سجن كبير". 

وبالرغم من هذه الظروف، قال فتوح ممازحا "توجهت ذات مرة بطلب للحصول على تأشيرة، وقلت للموظف المسؤول بتودد (السيسي هو رئيسي) لعله يعطيني التأشيرة، لكن ذلك لم يسعفني، وطلبي قوبل بالرفض مجددا".  

وتابع -وهو يحاول أن يصف مشاعره- أن ما يعمق إحساسه بالغربة والوحشة أن كل شيء في روسيا صعب، فالحياة قاسية والأسعار خيالية والجو بارد "حتى الشمس التي اعتدنا على رؤيتها على مدار العام لا نراها هنا لشهور طويلة".

وبكلمات حزينة، تحدث فتوح عما هو قادم بقوله "لست أعرف ما يخبئ لنا المستقبل، كنا نحلم بحل قريب، لكن مشاهدة الأخبار تجعلنا ندرك أن الأمور تزداد تعقيدا، والطريق ما يزال طويلا".

المصدر : الجزيرة