تجاذبات سياسيي تونس تنعكس على شوارعها

اتهامات للحكومة بتحمل مسؤولية تردي النظافةبالبلاد
undefined

رانيا الزعبي-تونس

لا يخفي التونسيون تذمرهم من تردي مستوى نظافة الشوارع ببلادهم بعد الثورة، حيث تنتشر القمامة بشكل لافت بالشوارع العامة والأزقة الضيقة، وهو أمر لم يكن موجودا قبل الثورة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، ويتفق الجميع تقريبا على أن للأمر علاقة جلية بالحالة السياسية للبلاد، ولا يخلو الأمر من اتهامات المعارضة للحكومة بعدم الاهتمام بنظافة البلاد.

سائق سيارة الأجرة عمار خليل يتحسر على نظافة شوارع العاصمة قبل الثورة، ويقول إن شارع بورقيبة -أشهر شوارع العاصمة- كان يغسل صباح كل يوم بالماء والصابون أما اليوم "انظروا كيف تتراكم القمامة بالشارع وبين رواد المقاهي".

وبحسب عمار فإن حكومة بن علي كانت شديدة ولم تكن تسمح بالتسيب والانفلات، لكن بعد الثورة البلاد أصبحت بلا رقيب أو حسيب.

أما شعبان عبيد صاحب عمل خاص، فيقول إن مستوى النظافة في شوارع تونس رغم ترديه أفضل حالا بكثير مما كانت عليه بعد الثورة مباشرة، حيث عمت البلاد حالة من الفوضى وتراكمت القمامة كالتلال في الشوارع، وذلك بسبب تسيب عمال النظافة وانخراطهم في الإضرابات والاعتصامات كما هو حال معظم القطاعات العمالية، سعيا لتحسين ظروف أعمالهم.

وبحسب عبيد فإن الظروف السياسية التي تمر بها تونس، والمعارك السياسية مع المعارضة وتردي الحالة الأمنية بالبلاد، جعلت الحكومة الحالية لا تولي اهتماما بمسألة النظافة.

وقال إن الكثير من الباعة المتجولين أصبحوا بعد الثورة يجولون بعرباتهم ويعرضون "بسطاتهم" في شوارع العاصمة، وهو أمر لم يكن معتادا قبل ذلك، وترك أثرا واضحا على مستوى النظافة العامة، مشيرا إلى أن ما يسيئه هو أن تراجع النظافة ببلاده يؤثر على صورتها في عيون السياح والزوار.

عمار: بن علي لم يكن يسمح بالتسيب(الجزيرة)
عمار: بن علي لم يكن يسمح بالتسيب(الجزيرة)

مسؤولية الحكومة
أما الصحفي منجي الخضراوي فيذهب لتحميل الحكومة الحالية مسؤولية تراجع مستوى النظافة، ويقول إن التونسيين كانوا يفتخرون بشوارع تونس ونظافتها، وكانت الأشجار تزينها، أما الآن فإن القمامة هي الحاضر الأبرز بالشارع، مشيرا لما ينجم عن ذلك من مضار صحية وبيئية.

ومع أن المسؤول برئاسة الحكومة عبد السلام الزبيدي أقر بأن الحكومة تعاملت بشيء من الرخاوة ولم تحكم قبضتها بشدة على العديد من المجالات، فإنه يؤكد أن الحالة الثورية التي عاشتها تونس بعد الثورة، وما رافقتها من تطلعات عارمة للشعب بتحسين أوضاع المعيشة على كل الأصعدة، لم تكن تسمح لهذه الحكومة أو أية حكومة غيرها بالتعامل بشدة وإلا فإن البلاد لن تعرف الاستقرار والهدوء.

وأشار الزبيدي إلى أن الحكومة قامت بتحسين أوضاع العاملين بالنظافة وتثبيتهم بوظائفهم، وهو أمر لم يكن معمولا به في عهد النظام السابق، ونوه إلى أن الحكومة الحالية رفعت رواتب عمال النظافة من 120 دينارا إلى 320 دينارا (من 75 دولارا إلى 190 دولارا) وحسنت ظروف أعمالهم، وقامت بتحسين وزيادة المعدات اللازمة للعمل.

وقال الزبيدي إن أجواء الحرية التي يتمتع بها التونسيون حاليا، انعكست سلبا على هذه القضية، حيث إن الكثير من المواطنين الذين يقطنون بجانب مكبات النفايات رفضوا السماح للحكومة بتوسعة المكبات، كما رفض آخرون بمناطق أخرى السماح للحكومة بإقامة مكبات جديدة تحتاجها العاصمة، رغم تأكيده أن سكان هذه المناطق أقاموا مساكنهم بطريقة غير قانونية.

ونوه أيضا إلى أن زيادة تطلعات عمال النظافة وسعيهم لتحسين أوضاعهم من خلال أساليب الإضرابات والاعتصامات، أدى إلى تسيب بين صفوفهم وانعكس سلبا على نظافة الشوارع.

حسين شكا من نقص الكادر (الجزيرة)
حسين شكا من نقص الكادر (الجزيرة)

نقص الكادر
أما عمال النظافة فلهم رأي آخر، فحسين المولاي الذي يعمل في هذا المجال منذ 23 عاما أي طوال حكم بن علي، يقول إن سبب عدم نظافة الشوارع حاليا هو قلة الكادر مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الثورة.

ويضيف أنه لم يجر تثبيته بوظيفته نظرا لتقدمه بالعمر (57 سنة)، وهو يتقاضى شهريا 320 دينارا (190 دولارا)، وهو برأيه غير كاف في ظل غلاء المعيشة الذي تشهده تونس مقارنة بما كان عليه الوضع قبل ثلاث سنوات.

أما زميله سعيد، وهو لا يزال شابا ويتقاضى قرابة 400 دينار (240 دولارا) بعد أن تم تثبيته، فيقول إن الكثير من العمال تركوا العمل بعد الثورة بسبب تدني الرواتب وغلاء المعيشة، وهذا أحد أسباب تردي مستوى النظافة, بالإضافة لتردي حالة تجهيزات العمل.

المصدر : الجزيرة