عرسال.. صورة مغايرة لرواية الإعلام

من مراكز ايواء اللاجئين الموجودة في عرسال
undefined

علي سعد-عرسال
 
يمكن للقادم إلى عرسال أن يدرك بسهولة التوجه السياسي لهذه البلدة البقاعية اللبنانية تجاه الثورة السورية، فعند مدخل البلدة يستقبلك علم الثورة مرسوما على أحد الجدران.

وعلى طول الطريق الممتد من اللبوة المختلطة طائفيا وسياسيا صعودا إلى عرسال، تحيط بك الجبال من كل ناحية، ومن هناك تؤدي كل الطرق إلى سوريا.

تقترب قليلا من وسط البلدة فيستوقفك حاجز للجيش اللبناني، تتابع سيرك ظنا أنك ستصل في أي لحظة إلى حواجز المسلحين، لكن ها نحن في وسط البلدة ولم نر بعد أي مظاهر مسلحة.

علم الثورة السورية يستقبل الداخلإلى بلدة عرسال (الجزيرة نت)
علم الثورة السورية يستقبل الداخلإلى بلدة عرسال (الجزيرة نت)

هاجس القلمون
البحث عن مسلحين داخل عرسال أمر غير مجدٍ خلال ساعات التجول الطويلة التي قضيناها داخل البلدة، ولم نر إلا مدنيين، والأهالي يشيرون إلى الجبال حيث قد يكون للمسلحين وجود كما يتردد.

ويؤكد النازحون السوريون المتعاطفون بأكثريتهم الساحقة مع الثورة أن المقاتلين موجودون في الداخل السوري، وليس لديهم ما يفعلونه في عرسال.

أبو حسن -الذي قاتل مع الجيش السوري الحر في القصير قبل أن ينزح إلى عرسال مع عائلته بعد سقوط المدينة بيد النظام- قال للجزيرة نت إن "من يقاتلون في القلمون اليوم هم سوريون من أبناء المنطقة، وانضم إليهم المسلحون المنسحبون من القصير، لافتا إلى أن جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام أقلية يضخمها الإعلام".

ولكن لماذا هذا التضخيم لدور عرسال العسكري في الأزمة السورية؟ يجيب أحمد الفليطي نائب رئيس البلدية في حديث للجزيرة نت أن "الدور الإنساني الذي تلعبه البلدة بالنسبة للثورة السورية مستهدف، ولهذا يجري الحديث في الإعلام عن مخيمات تدريب عسكرية ودخول لمنظمات النصرة والدولة الإسلامية إلى جرود عرسال"، مشيرا إلى أن هذه الجرود مفتوحة أمام الجيش اللبناني في أي وقت.

ويبدو القلق من معركة القلمون واضحا على الفليطي، وهو قلق ينسحب على سائر أبناء البلدة، لكنه يؤكد أن أي تدخل في المعركة من قبل أهالي عرسال هو سلوك فردي ناتج عن إهمال الدولة اللبنانية للحدود التي كان يحرسها الهجانة السوريون قبل أن يخلوها مع بداية العام الجاري، فبقيت ساحة مفتوحة لكل من ينوي الذهاب إلى سوريا.

ويشير الفليطي إلى "رفض وجود سوريين مسلحين داخل القرية"، لافتا إلى أنه طُلب ممن يريد أن يثور أن يبقى في سوريا، فعرسال مستعدة لاحتضان النساء والأطفال والشيوخ، وليس المسلحين".

الفليطي: بعض الأطراف تستهدف الدور الإنساني الذي تلعبه عرسال(الجزيرة نت)
الفليطي: بعض الأطراف تستهدف الدور الإنساني الذي تلعبه عرسال(الجزيرة نت)

نازحون سوريون
دراجات نارية، سيارات بلوحات سورية أكثر من اللبنانية، سوريون على أطراف الطرقات وأمام المخيمات تخطى عددهم عدد أهالي عرسال، فقد بلغوا سبعين ألفا مع وصول نحو عشرين ألفا منهم منذ الجمعة الماضية، مع بداية معركة قارة، لكن القرية لم تضق بهم بعد.

ويؤكد نائب رئيس بلدية عرسال أن البلدة قادرة على "استيعاب سوريا، ولكن اليد الواحدة لا تكفي.. فتحنا منازلنا ومدارسنا ومساجدنا، والمشكلة أننا بحاجة إلى قرار حكومي لبناني بإنشاء مخيمات"، لافتا إلى أن أرض عرسال واسعة وتتحمل إنشاء مخيمات.

ويشدد على أننا "نعمل إنسانيا وليس سياسيا، ونريد مساعدة لوضع خطة طوارئ لاستيعاب أكثر من 150 ألف لاجئ إذا سقطت يبرود عاصمة القلمون".

من جهته، يقول المسؤول عن أحد مخيمات النازحين الشيخ حسام عز الدين للجزيرة نت إن "أبناء البلدة يحاولون جهدهم لتلبية الحاجات الإنسانية للنازحين"، لافتا إلى أن المركز الذي يديره يعمل على تأمين ألفي وجبة يوميا، إضافة إلى احتضانه ستين عائلة وصلت يوم الجمعة من بلدة قارة.

هكذا تنتهي الرحلة الى عرسال كما بدأت.. الأهالي قرويون لطفاء معظمهم يحافظ على ارتداء الزي التقليدي القديم، والدخول كالمغادرة، ووجود أكثر من مائة ألف نسمة داخل البلدة لا يمنع معظمهم من إدراك أنك غريب عنها، تلاحقهم نظراتك حتى تغيب.

المصدر : الجزيرة